أهم أعمال عمر بن عبد العزيز
عمر بن عبد العزيز
تولّى عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- الخلافة سنة 99 للهجرة، بعد فترةً ظهر فيها الظلم، وانحرف الخلفاء المسلمين عن هَدْي النبوّة، فجاء عمر بن عبد العزيز ليعيد البوصلة إلى مكانها الصحيح، فحقّق العدل وحسّن أحوال المسلمين وتعهّد السنّة النبويّة، واهتمّ بالصغير والكبير، فاستحقّ بذلك ما أطلقه عليه بعض علماء المسلمين بأنّه الخليفة الراشد الخامس، وقد ورد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللَّهَ يبعَثُ لِهذِه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مئةِ سَنةٍ من يجدِّدُ لَها دينَها)،[1] وقد ذكر العديد من العلماء من بينهم أحمد بن حنبل أنّ المجدّد على رأس المئة سنة الأولى كان عمر بن عبد العزيز، وقد عزّ الإسلام في عهده ولم يدّخر جهداً في دفع ظلم أو نشر العلم والخير للدّعوة والدّين الإسلاميّ.[2]
نسب عمر بن عبد العزيز
هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو حفص، القرشيّ، الأمويّ، المعروف بأمير المؤمنين، وأمّه هي أمّ عاصم؛ ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ويُقال له: أشج بني مروان، وقد كان إماماً عادلاً، ورجلاً وَرِعاً زاهداً، راغباً في العلم والأدب، وعندما ولي أبوه مصراً كان فتى صغير، فطلب منه أبوه أن ينتقل معه إلى مصر، فقال له عمر: (هل لي في خيرٍ من ذلك؟)، فقال له والده: (وما هو؟)، فقال عمر: (أرتحل إلى المدينة أطلب فيها العلم وأجالس الفقهاء والعلماء)، فكان له ما أراد، حتى اشتُهر بعلمه وأدبه.[2]
وكان عمر بن عبد العزيز زاهداً فقد ترك قصر الخِلافة في دمشق وعاد إلى بيته وجلس على الحصير، وحينما تولّى الخِلافة استدعى زوجته فاطمة وقال لها: (إنّي بعت نفسي من الله عزّ وجلّ، فإن كنت تريدين العيش معي فحيهلاً وسهلاً وإلّا فالحقي بأهلك)، فاختارته على الدنيا وزخارفها، وكان له أثواب فلمّا وَلِي الخلافة خلع كلّ لباس كان يلبسه، وأبقى لنفسه واحداً فقط، فكان يغسله يوم الجمعة ويحتبس عن النّاس حتى يجفّ ثوبه.[3]
أهمّ أعمال عمر بن عبد العزيز
تولّى عمر بن عبد العزيز الحُكْم في المدينة المنورة بضع سنين قبل أن يكون خليفةً للمسلمين، وقدّم فيها ما استطاع من أعمالٍ أدخلت السرور إلى أهلها، فأكدّ أنّه قادر على حمل الخِلافة الإسلاميّة بعد ذلك، وهذا ما حصل بالفعل عندما أصبح خليفةً للمسلمين؛ فقد كانت إنجازاته باهرةً وعظيمةً بالنسبة لقُصْر مدّة خلافته، فقد أمضى في الخلافة سنتين وبضعة أشهر فقط، لكنّ هذه المدّة القصيرة كانت زاخرة بالأعمال التي سطّرت اسمه بين المجدّدين في أمّة الإسلام، وفيما يأتي أهمّ هذه الإنجازات:[4]
ولاية عمر بن عبد العزيز للمدينة
تولّى عمر بن عبد العزيز ولاية المدينة المنوّرة سنة 86 للهجّرة، فاستقبله أهل المدينة استقبالاً بحبٍّ ورغبةٍ فيه؛ لأنّه كان معروفاً بينهم بدينه وورَعِه وعلمه، وبالفعل فقد عمّت السّكينة والأمن أرجاء المدينة المنوّرة، وقد عيّن فيها أهل العلم والدّين والكفاءة ليكونوا معاونيه في حمل هذه الأمانة، ومن أبرز ما قام فيه في هذه الفترة تجديد المسجد النبويّ وتحسين عمارته، قبل أن يعزله الخليفة الوليد بن عبد الملك سنة 93 للهجّرة.[4]
خلافة المسلمين
أوصى سليمان بن عبد الملك بالخلافة بعده لعمر بن عبد العزيز؛ لِمِا التمس فيه من الذّكاء والعلم والأدب وخشيته من الله -تعالى- وتقّواه، وقد تقلّدها أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز سنة 99 للهجّرة، فكان من أهمّ إنجازاته في تلك الفترة ما يأتي:[4]
- تدوين السنّة النبوية؛ يعدّ تدوين السنّة النبويّة من أهمّ إنجازات الخليفة الأمويّ عمر بن عبد العزيز، فبعد أن نهى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن تدوين السُّنة وجمعها حتى لا يلتبس على المسلمين ما يقرؤون، ومكث هذا سنواتٍ طوالٍ، حتى أمر عمر بن عبد العزيز بجمعها ووضعها في دفاتر مرتبة، ولقد أخرج البخاري في صحيحه: (كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فاكتبه فإنّي خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلّا حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم).[5]
- احترم حقوق الإنسان وذوي الاحتياجات الخاصة؛ إذ جعل لكلّ مريضين خادماً يقوم على راحتهما، وعيّن لكلّ خمسة أيتامٍ خادماً، وعيّن لكل أعمى خادماً يعينه ويقضي حاجته.
أقوال في عمر بن عبد العزيز
انتشرت سيرة عمر بن عبد العزيز الطيّبة وذكره بالخير بين النّاس، حتى أُلّفت فيه بعض الأقوال، منها:[2]
- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن عمر بن عبد العزيز: (إنّ من ولدي رجلاً بوجهه شين يلي، يملأ الأرض عدلاً)، وقال نافع مولى ابن عمر: (لا أحسبه إلّا عمر بن عبد العزيز).
- قال ابن كثير عن عمر بن عبد العزيز: (وقد كان في هذه المدّة من أحسن النّاس معاشرة، وأعدلهم سيرة، كان إذا وقع له أمر مُشكل جمع فقهاء المدينة عليه، وقد عيّن عشرة منهم، وكان لا يقطع أمراً بدونهم، أو من حضر منهم).
- قالت فاطمة زوجة عمر بن عبد العزيز عنه: (ما رأيتُ أحداً أكثر صلاة وصياماً منه، ولا أحد أشدّ فرقاّ من ربّه منه).
وفاة عمر بن عبد العزيز
توفّي عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- في حِمْص، في شهر رجب لعام 101 للهجّرة، وقيل: في سنة 102 للهجّرة، وتوفّي وهو يقرأ: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).[6][7]
المراجع
- ↑ رواه السخاوي، في المقاصد الحسنة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 149، إسناده صحيح.
- ^ أ ب ت "نبذة عن حياة عمر بن عبد العزيز، وذِكر شيء من سيرته"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-20. بتصرّف.
- ↑ "عمر بن عبد العزيز"، www.audio.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-20. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "عمر بن عبد العزيز الأمويّ الراشد"، www.archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-20. بتصرّف.
- ↑ "تدوين الحديث نشأته وتطوره"، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-20. بتصرّف.
- ↑ سورة القصص، آية: 83.
- ↑ "عمر بن عبد العزيز ذكر سبب وفاته"، www.library.islamweb.net. بتصرّف.