أسماء حضارات قديمة
مفهوم الحضارة
الحضارة لغةً هي مصدر الفعل حَضَر، وجمعها حضارات، وهي التمدن، والتحضر خلاف البداوة، كما أنها مرحلة سابقة من مراحل التطور الإنساني.[1] أما اصطلاحاً فقد تعدّدت مفاهيم الحضارة، فيُعرّف ابن خلدون الحضارة على أنها طور طبيعي يحدث في مختلف المجتمعات حيث يتفنن أهلها بالترف الذي يعمد إلى نقل الناس من حياة البداوة إلى حياة التحضر والعمران، كما أشار إلى أن مظاهر الترف تحمل في باطنها أسباب الفساد وانهيار الحضارة، ويُعرّف تايلور عالم الأنثروبولوجيا الإنجليزي الحضارة على أنها كيانٌ معقدٌ يشتمل على العديد من الآداب، والفنون، والعادات، والتقاليد، ومختلف القوانين التي يكتسبها الفرد لكونه فرداً في المجتمع. ويقول ول ديورانت، أن الحضارة نظام اجتماعي يتيح للإنسان القدرة على زيادة إنتاجه الثقافي. أما الحضارة الإسلامية فهي مجموعةٌ من القيم، والمفاهيم التي تنبثق عن الإسلام، والمرتبطة بمختلف نواحي الحياة الدينية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والإدارية، والعلمية، والتي تعكس نظرة الإسلام الشاملة للحياة والإنسان بما يلائم حاجاته وتطلعاته لتعمير الكون.[2]
الحضارات القديمة
تعددت الحضارات القديمة وتنوعت، ومن الحضارات التي ظهرت قديماً الحضارة السومرية، والحضارة البابلية، والحضارة الإغريقية، والحضارة الفرعونية، والحضارة الفينيقية، والحضارة الصينية، بالإضافة إلى حضارة روما القديمة، وسنتطرق في هذا المقال إلى بعض من هذه الحضارات وعوامل نهضتها.[4]
الحضارة السومرية
نشأت الحضارة السومرية بين نهري دجلة والفرات، أي في الجزء الجنوبي الشرقي للعراق حالياً والذي يُعرف ببلاد ما بين النهرين. وتشير المصادر التاريخية إلى أن الحضارة السومرية هي أول حضارة في العالم، حيث إنها بدأت سنة 3500ق.م وتطورت وبقيت كذلك إلى سنة 2000ق.م، أما امتدادها فقد بدأ من جبال طوروس إلى جبال زاغروس في إيران، ومن الخليج العربي حتى البحر الأبيض المتوسط ثم امتزجت بحضارة الآشوريين والبابليين، وكان أقصى توسّعٍ لها قبل القرن الخامس عشر قبل الميلاد على يد ملك مدينة أدب لوجلالمند. وسميت مدينة سومر بهذا الاسم تقديراً لجهود الشعب السومري وإنجازاتهم،[4] ويمكن القول إن قيام أي حضارة يرتكز على مجموعة من العوامل السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.
- رغبة الحكام في الحصول على لقب الملك الأمر الذي أدى إلى توحيد البلاد تحت قيادة واحدة.
- ازدياد الحاجة إلى استخدام شبكة الري بين المدن المتجاورة.
- نمو المدن ومحاولتها لتجنب الصراع فيما بينها وخاصة في المراحل الأولى من نشأتها.
- العمل بمبدأ اللامركزية السياسية والإدارية في أنظمة الحكم والإدارة.
ومن العومل الاقتصادية التي ساعدت على ازدهار الحضارة السومرية ما يأتي:[4]
- ارتفاع إنتاجية الأراضي الواقعة بين نهري دجلة والفرات.
- ارتفاع الإنتاجية الزراعية وذلك بسبب الاستغلال الكبير لشبكة الري لتوفير مصدرٍ دائمٍ لري الحقول الزراعية.
- اختراع العجلة التي ساعدت بشكل كبيرٍ على تدجين الحيوانات وحراثة الأرض والنقل بين المدن المجاورة.
- اتساع التجارة على الصعيدين البري، والبحري لمدينة سومر.
- اهتمام السومريين الكبير بالصناعة، وتطور مهاراتهم، وحرفيتهم، وبراعتهم في التحجير وسبك المعادن.
كذلك فقد ساهمت العديد من العوامل الاجتماعية في تطور الحضارة السومرية فتتضمن:[4]
- ظهور طبقات اجتماعية مختلفة وهي طبقة الكهنة التي تدير أملاك المعبد، وطبقة العاملين أصحاب الحرف، وطبقة المأجورين الذين يعملون بالأجر، وطبقة العبيد العاملين في خدمة المعبد، وأخيراً طبقة النبلاء المالكين للأراضي الزراعية.
- حسن إدارة أملاك المعابد في تطور الحضارة من الناحية الاجتماعية.
الحضارة البابلية
تُعد الحضارة البابلية من أقدم الحضارات في العالم وقد قامت على ضفة نهر الفرات في بلاد ما بين النهرين، حيث تشير المصادر التاريخية إلى أنها نشأت سنة 1894ق.م، واستمرت حتى سنة 1165ق.م. وقد اتخذت بابل من مدينة سومر عاصمةً لها، وامتدّت المدينة من الشمال إلى الجنوب بطولٍ يُقدّر بنحو 2كم، أما عرضها من الشرق إلى الغرب فقد امتد على نحو 1.2كم. ولقد تأسست الدولة البابلية على يد حمورابي سنة 1763ق.م، وكان ازدهارها معتمداً بشكل أساسي على الزراعة، بالإضافة إلى العديد من العوامل الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية.[4]
ويمكن تلخيص العوامل السياسية التي ساهمت في تطور الحضارة البابلية بأمور عدة أهمها:[4]
- إفادتها من المزج بين حضارة السومريين وحضارة الأكاديين، وإضافتها لنتاجاتها الخاصة عليهما.
- إخضاع حمورابي لمعظم البلدان المجاورة وتوحيدها تحت لواء مدينة بابل.
- استفادة ملوك بابل من الخبرة التي خلّفها الملوك الآخرين مثل ملوك إيزن ولارسا.
ومن العوامل الاقتصادية المؤثرة ما يأتي:[4]
- ارتفاع إنتاجية الأراضي الواقعة بين النهرين.
- تطور التجارة بشكل كبير بسبب تعبيد طرق التجارة البرية.
- العناية بطرق التجارة البحرية والنهرية.
- إنشاء قنوات الري؛ وهو الأمر الذي أدّى إلى تنظيم عمليات الري وارتفاع الإنتاجية الزراعية ووفرة الإنتاج الزراعي.
- زيادة استغلال العبيد كقوى عاملة مجانية، والتي شاركت في تطوير الحضارة البابلية.
وبالنسبة للعوامل الاجتماعية فكان أهمها ظهور عدة طبقات منها: الطبقة الراقية وهي الأرستقراطية، والطبقة العامة والتي تُسمى الموشكينو؛ وهم عبارة عن عامة الشعب من الفقراء والمساكين الأحرار الذين عملوا في مختلف المهن، إلّا أنهم لم يمتلكوا الحقوق التي امتلكها أصحاب الطبقة الأرستقراطية، بالإضافة إلى طبقة الرقيق وهم الذين ولدوا بالرق ومن الرقيق أيضاً من كانوا أسرى حرب. وقد امتلكت هذه الطبقة بعض الامتيازات والحقوق مثل حق التملك، وحق اقتراض المال، كما كان بإمكانهم شراء أنفسهم، كما أنهم كانوا يستطيعون إدارة بعضٍ من الأعمال الخاصة بهم، ويمكن القول إن طبقة الرقيق قد منحت حقوقاً أكثر من الطبقة العامة، وقد امتلكت الطبقة الراقية مساحات واسعة من الأراضي التي زادت من وفرة الإنتاج الزراعي، كما تم استغلال العبيد للعمل في الزراعة والصناعة دون أجر، وتم تنظيم أمور الطلاق والزواج، وقد امتلك حاكم الدولة أراضي الدولة جميعها؛ الأمر الذي ساعده على توفير الأموال اللازمة لتطور البناء والعمران.[4]
الحضارة الإغريقية
قامت الحضارة الإغريقية في الفترة 1100ق.م-750ق.م، وقد ظهرت عندما قام اليونانيون بالقضاء على الحضارة الإيجية والانتقال إلى موطنها، وعندها بدأ المجتمع اليوناني بالتحضر تدريجياً. واتُّبع النظام الملكي في الحكم؛ حيث اتخذوا من قادتهم الدينيين والعسكريين ملوكاً عليهم. وكان الملك حاكماً قوياً له مكانة عظيمة وتتجلى مهمته في حماية المدينة وإدارة شؤونها، وكان يساعده على فض الخصومات والقضاء بين الناس وإدارة أمور الحكم مجلسُ الشورى أو دار الندوة. وممّا ساعد على قيام وازدهار الحضارة الإغريقية سياسياً اتساع رقعة الدولة وتضخم حجم الإنتاج بسبب نمو الصناعة والتجارة في عهد الطغاة الذين حكموها، وضم مناطق جديدة إلى اليونان الأمر الذي أدى إلى اتساع نفوذها وازدياد نشاطها التجاري والصناعي، وتمهيد الطرق لنمو المدن وإعطاء سكانها حقوقهم، وتعريفهم بواجباتهم، وازدهار الحضارة الإغريقية في العهد الديمقراطي، ممّا أدى إلى تنوع الأنشطة الاقتصادية المساهمة في تطوير حجم التبادل التجاري.[4]
ومن العوامل الاقتصادية ما يأتي:[4]
- زيادة الهجرات وضم أراضٍ جديدة إلى اليونان.
- نهضة أثينا وتنوع الاقتصاد فيها.
- استمرار استغلال العبيد كقوى عاملة بالمجان.
- تعرف اليونانين على طرق التجارة المختلفة والاستفادة من الدول المجاورة في عملية الصناعة، وتحول المدن اليونانية إلى مراكز صناعية وتجارية هامة.
- اتساع التجارة البرية والبحرية لبلاد اليونان وازدهار عمليات الاستيراد والتصدير منها وإليها.
حضارة روما القديمة
تعد حضارة روما واحدةً من أهم الحضارات القديمة التي ازدهرت ازدهاراً عظيماً لا تضاهيها فيه أيٌّ من الحضارات إلّا الحضارة الأوروبية في العصر الحديث. أما سبب ازدهارها فيعود إلى إنجازات العبيد والفقراء، وهم الطبقة الكادحة التي كانت تعمل تحت إشراف النبلاء، وقديماً قيل كل الطرق تؤدي إلى روما، ومفاد هذه المقولة أن روما هي الحضارة التي بنت طرق العالم القديم. وقد استمرت الحضارة الرومانية نحو خمسة عشر قرناً من الزمن، حتى إنها اعتُبرت مركز العالم القديم والوسيط، وكذلك نقطة انطلاق العالم الحديث. وقد مرت مراحل الحكم فيها من الملكية إلى الجمهورية، ووصلت في مرحلتها الأخيرة إلى الإمبراطورية، وقد حكمت روما جميع أنحاء العالم القديم، ومختلف القارات.[5]
وقد تأثرت الحضارة الرومانية بالحضارة الإغريقية من خلال اتّصالها معها في جنوب إيطاليا، ويَعتبر الباحثون أن الإغريق لهم فضلٌ على الرومان ولا يمكن إنكاره، حيث إن الرومان بعد أن استوعبوا تُراث الحضارة الإغريقية عندما كان الحكام والتجار يزورونها عادوا إلى موطنهم وأضافوا إليه ما عرفوه من الحضارة الإغريقية. ولم يكن الامتزاج الحضاري بين الرومان والإغريق يشتمل على مختلف نواحي الحياة وطبقات المجتمع، فكانت الطبقة الأرستقراطية هي أكثر الطبقات تأثراً بالحضارة الإغريقية، أما أهل الريف والمناطق النائية فقد كانوا أبعد ما يُمكن عن الحضارة الإغريقية، وقد كان للعبيد والعتقاء الإغريق الأثر الكبير في نشر الثقافة الإغريقية في الطبقة الوسطى الرومانية. كما كان للجنود الرومان الذين قاموا بحملات إلى بلاد الإغريق دور كبير في اقتباس العديد من المذاهب والمعتقدات الإغريقية، وقد ظهر امتزاج الحضارتين جلياً في مجال الأدب، أما مجال العلوم فلم يوليه الرومان الكثير من الاهتمام على الرغم من مسايرة الإغريق في العديد من نواحي العقل والفن.[5]
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى حضارة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2017-11-29. بتصرّف.
- ^ أ ب عطية محمد عطية، مقدمة في الحضارة العربية الإسلامية ونظمها، عمان: يافا العلمية للنشر والتوزيع، صفحة 13-17. بتصرّف.
- ↑ عبداللطيف بن محمد بن عبدالعزيز الحميدان، سنن قيام الحضارات وسقوطها: قديمًا وحديثًا بآراء ابن خلدون، صفحة 11-12. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س عبداللطيف بن محمد بن عبدالعزيز الحميدان، سنن قيام الحضارات وسقوطها: قديمًا وحديثًا بآراء ابن خلدون، صفحة 13-52. بتصرّف.
- ^ أ ب هاشم عبود الموسوي، موسوعة الحضارات القديمة، صفحة 179-182. بتصرّف.