أقدم اسم لمدينة القدس
القدس
القدس عاصمة دولة فلسطين المحتلّة، وهي أكبرُ مدينةٍ فيها سواء من حيث عدد السكّان أو المساحة، وهي من أكثر مدن فلسطين أهميّةً من النّاحية الاقتصاديّة والدّينية.[1] تُعتبر مدينة القدس من أكثر المدن نِزاعاً في التاريخ القديم والحديث، والأكثر أهميّةً بين المدن التي أُنشِئت عبر التاريخ؛ حيث لم تشهد أيّ مدينةٍ النزاعات التي شهدتها القدس.[2]
أسماء مدينة القدس عبر التاريخ
منورتا
تُشير الحفريّات إلى أنّ مدينة القدس بُنيَت في العصر البرونزي، وكانت ترجع إلى الآموريين، وحملت في ذلك الوقت اسم منورتا ذا الأصل الآموري.[3]
يبوس
أُطلِق على القدس اسم يبوس، وهو نسبة إلى اليبوسيين الذين اعتُبِروا البُناة الأوائل لمدينة القدس، وبقي اسمها يبوس حتى الفتح الإسلامي لها في عام 15هـ؛ حيث إنّ أوّل من بنى المدينة وسكنها هو الملك اليبوسي، والذي كان يُعرَف باسم ملك السلام بسبب تقواه وورعه وعدم إراقته للدماء، وكان أيضاً من اليبوسيين سالم اليبوسي الذي بنى حِصن المَدينة بهدفِ الدّفاع عنها أمام الأعداء، وكانت لمَدينة يبوس في تلك الفترة أهميّةٌ تجاريّةٌ كبيرة لوقوعها على طريقين من الطّرق التجاريّة المهمة، والذي كان أحدهما يربط بين البحر والصحراء، أمّا أهميّتها من الناحية الحربية فكانت تكمُن في موقعها الاستراتيجي بين التِّلال المرتفعة، حيث كانت ميداناً للصّراع بين اليبوسيين والعبرانيين الذين حاولوا غزوها أكثر من مرّة، الأمر الذي جعل حاكمها اليبوسي عبد حيبا يطلب العون من الحاكم تحتمس الأول.[2]
أورسالم أو أورشاليم
أطلق الكنعانيون الذين سكنوا مدينة القدس قبل العبرانيين اسم أورسالم، ويُقال إنَّ هذا الاسم بابلي الأصل، وهو مشتق من اللغة الآرامية القديمة، ثمّ تحوَّر من الكنعانية إلى بيروساليم باليونانية وإلى أورشاليم بالعبريّة، وقد كان اسم أورشاليم هو الاسم الأكثر شهرةً لمَدينة القدس في تاريخها القديم، وحتى في أوروبا في العصور الوسطى، وعندما خرج بنو إسرائيل من مصر في عهد موسى عليه السَّلام حاولوا أن يدخلوا المدينة، إلّا أنهم تاهوا في صحراء سيناء لِمدّة أربعين عاماً، وبعد أن مات النبي موسى عليه السلام جاء القائد العبراني يوشع بن نون وقاد حرباً ضد الكنعانيين وحاول أن يقتحم المدينة، ولكنّها صمدت حتى غزاها النبي داود عليه السَّلام، ثم أنشأ مملكة له في المدينة وأسماها مدينة داود.[2]
حكم المدينة بعد داود عليه السّلام ابنه سليمان عليه السلام والذي وحّد مملكة إسرائيل ومملكة يهوذا، واستمرّ الاتحاد بين المملكتين قائماً طوال فترة حياته، أمّا الانفصال بين المملكتين فقد حدث في عهد ابنه رحبعام عندما اقتتل مع أخيه يربعام حاكم الجزء الثاني وهو مملكة إسرائيل، وبقيت أورشاليم بعد ذلك لِمدّة أربعة قرون تحت حُكم اليهود إلى أن جاء نبوخذ نصّر البابليّ وغزاها وأسَرَهم، وفي عام 593 قبل الميلاد استطاع ملك الفُرس أن يتغلّب على البابليين، حيث جهّز حملة لاحتلال القدس قادها غوبرياس الذي تزوّج من يهودية وأرجع اليهود إلى أورشاليم، وبقيت أورشاليم تابعةً إلى الفرس حتى جاء الإسكندر الأكبر في عام 332 قبل الميلاد وخَضَعت لاحتلاله.[2]
سوليموس وإيلياء
أطلقَ الرومان اسم سوليموس عليها بعد أن وَقعت في أيديهم، وفي عهدِ الرّومان لم يَعمّ المَدينة الهُدوء على الإطلاق؛ فقد كَانت موطِناً للصّراعات والاضطِرابات، وزادت الانقِلابات والثورات في تلك الفترة، وحدثت حرب بين الإمبراطور هادريان وثوار اليهود، وانتهت الحَرب بتخريب المَدينة وبناء مَدينة جديدة تحمل اسم إيليا كابيتولينا في عام 139م، ومَنَع هادريان اليهود من دخول المَدينة بِسبب إثارتهم للشّغب فيها، وبقيت المدينة تُعرف بهذا الاسم حتّى جاء الفتح الإسلامي، وعَرّب المُسلمون اسمها إلى إيلياء.
القدس
بعد سلسلة من الفُتوحات الإسلاميّة خاصّةً في عهدِ الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه اتَّسعت المَدينة شرقاً وغرباً، وأصبحت تُعرف بمَدينة القدس.[2]
تاريخ مدينة القدس
تاريخ مدينة القدس القديم
تُعدّ مدينة القدس واحدةً من أقدمِ المدن في العالم؛ حيث يعود تاريخها إلى خمسة آلاف سنة وأكثر، وتشهد أسماؤها المُختلفة التي سُمّيت بها على مرّ العصور على أصالة تاريخها العَريق، فقد سكنها الكنعانيون في الألف الثالث قبل الميلاد، وغزاها المصريون بدءاً من القرن السادس عشر قبل الميلاد، ثمّ خضعت لليهود لِمدّة 73 عاماً، فقد حَكمها النبي داود لمُدّة 40 عاماً، وأقام فيها الحصون وبنى فيها قصراً له، وخَلفه من بعده ابنه سليمان الذي حَكمها 33 عاماً، وفي عام 586 قبل الميلاد خَضعت للاحتلالِ من قِبَل ملك بابل نبوخذ نصّر الثاني، بعد هَزيمته لآخر ملوك اليهود، وهو صدقيا بن يوشيا وأسرِه، ثمّ استولى الإسكندر الأكبر على دولة فِلسطين كاملة في عام 333 قبل الميلاد، واستمرّ خلفاؤه في الحكم وهم المقدونيون والبطالمة بعد وفاته حتّى استولى عليها القائد الروماني بومبيجي وذلك في عام 63 قبل الميلاد، وضمَّها إلى الإمبراطوريّة الرّومانية.[1]
في عام 326م تمّ نَقل عاصمة الإمبراطوريّة الرومانيّة من روما إلى بيزنطة من قبل الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول، كما أعلن المسيحيّة كدِيانة رسميّة للدولة، وبنى كنيسة القيامة، وفي عام 395م انقَسَمت الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين، الأمر الذي شجّع الفرس أن يَغزو القدس وينجحوا في احتلالها في الفترة الواقعة بين 614- 628م، ومن أهمّ ما حدث في عام 621م زيارة الرسول عليه الصلاة والسلام لها في حادثة الإسراء والمعراج، واستعادَ الرّومان المَدينة مرّةً أخرى وبَقِيت خاضعةً لهم حتى جاء الفتح الإسلامي في عام 636م.
العهد الإسلامي
جاء الفتح الإسلامي في عام 636م. عندما دخلها الخليفة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، وحدثت انتصارات كبيرة للجيش الإسلامي بقيادة أبي عبيدة عامر بن الجراح، وعندها اشترط البطريرك صفرونيوس أن يتسلم الخليفة عمر مفاتيح القدس بيده، فجاء عمر رضي الله عنه يحمل وثيقة تمنح أهلها الحرية الدينية مقابل دفعهم للجزية، كما منع أن يجاورهم أحد من اليهود، وهذه الوثيقة هي العهدة العمرية، وقد غيّر الخليفة عمر اسم المدينة من إيلياء إلى القدس.[1]
ومنذ ذلك الحين بدأت المدينة تأخذ طابعاً إسلامياً، فقد اهتم بها الأمويون والعباسيون من بعدهم، ونهَضت علميّاً في الميادين المختلفة، وبُني فيها في تلك الفترة مسجد قبّة الصّخرة على يدِ الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، ثمّ حصلت فيها اضطرابات وتزعزع استقرارها بسبب عددٍ من الصّراعات العسكريّة التي حدثت بين الفاطميين والعباسيين والقرامطة، إلى أن جاء السّلاجقة وحَكموها حتى عام 1071م.
العصر الحديث
في شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 1917م وقعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني، ودخلت في عهد جديد، فقد ازداد عدد المهاجرين اليهود إليها من شتى أنحاء العالم خاصّةً بعد وعد بلفور،[1] وفي عام 1948م أعلنت بريطانيا نهاية انتدابها لفلسطين وسحبت قواتها منها، وجاءت العصابات الصهيونية مُستغلّةً تلك الفترة التي اتّسمت بالفراغ السياسي والعسكري وأعلنت قيام دولة إسرائيل، وفي الثّالث من شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 1948م أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفد بن غوريون القدس الغربية عاصمةً لدولة إسرائيل، أمّا القدس الشرقية فقد كانت تحت سيادة الحكومة الأردنيّة حتى هزيمة 1967م، والتي نتج عنها ضمّ القدس الشرقيّة إلى الاحتِلال الإسرائيلي.[1]
موقع مدينة القدس وسكانها
تقع مدينة القدس في قلب دولة فلسطين على بعد 60 كم شرق البحر الأحمر، و35 كم إلى الغرب من البحر الميِّت، أما بُعدها عن مدينة عمّان فيبلغ حوالي 88 كم غرباً، وعن مدينة بيروت 388 كم جنوباً، كما تبعُد عن مدينة دمشق 290 كم في الاتجاه الجنوبي الغربي، أمّا عن سُكانها فقد دخل الإسرائيليون في حرب مع الفلسطينيين لزيادة عدد السكّان اليهود لِضمان السيطرة على المنطقة، فمحاولات الحكومة الإسرائيليّة تكمُن في زيادة توطين اليهود مَكان العرب الذين دُمرت منازلهم تحت ذريعة بنائها دون إذن أو تصريح، إلّا أنّه تبيّن أنّ نسبة سكانهم تتراجع مقابل نسبة زيادة العَرب، والسبب في ذلك يعود إلى أنّ هجرة اليهود إلى مدن أخرى تزداد، كما ترتفع نسبة الولادة عند العرب.[1]
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح "مدن ومناطق مدينة القدس"، الجزيرة.نت، 2014-9-17، اطّلع عليه بتاريخ 2017-7-9، بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج بقلم صلاح شهاب (2014-8-25)، "أسماء بيت المقدس عبر العصور المختلفة "، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، اطّلع عليه بتاريخ 2017-7-9، بتصرّف.
- ↑ "تاريخ القدس القديم"، الجزيرة.نت، 2006-7-18، اطّلع عليه بتاريخ 2017-7-9، بتصرّف.