-

سبب تسمية صلاة التراويح

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

صلاة التراويح

صلاة التَّراويح هي صلاة الجماعة في ليالي رمضان المباركة، وهي سنَّةٌ مؤكَّدةٌ للرِّجال والنِّساء، وتعتبر من قيام الليل، وتُؤدّى في كلِّ ليلةٍ من ليالي رمضان المباركة بعدَ الانتهاء من صلاة العشاء المفروضة، ويستمر وقتها إلى قبيل الفجر، وقد حثَّ الحبيب المصطفى على قيام صلاة التَّراويح لما تعود على المسلمين من الأجر والثواب العظيم؛ حيث قال: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)،[1] وقد أجمعت الأمّة على مشروعية صلاة التراويح، ولم ينكرها أحدٌ من أهل العلم.[2]

سبب تسمية صلاة التراويح بهذا الاسم

التراويح في اللغة جمع ترويحة، وهي الرَّاحة، وقد سُمِّيت بذلك لأن المسلمين يقومون بالاستراحة بين كلِّ تسليمتين،[3] وقد أُطلق هذا الاسم على قيام ليل رمضان، فكان المسلمون يصلُّونها فيطيلون القيام فيها كما يطيلون الرُّكوع والسُّجود، فإذا صلُّوا أربع ركعاتٍ بتسليمتين استراحوا ثم أكملوا الصلاة أربعاً، ثم استراحوا، ثم صلّوا ثلاثاً، وعلى هذا يُحمل حديث عائشة رضي الله عنها: (يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا).[4][5]

ورُوي عن أبي حنيفة أنها سُمِّيت بذلك لقيام أهل مكَّة بالصلاة أربع ركعاتٍ، يتبعها الطَّواف حول الكعبة، ومن ثمَّ يرجعون ويصلُّون أربعاً أخرى، ثم يطوفون حول الكعبة، أي يقومون بالطَّواف سبعاً بين كلِّ ركعتين،[6] وذكر الكاساني أن صلاة التراويح سمّيت بذلك لأن الإمام يقعد بين التَّرويحتين قَدْر ترويحةٍ يذكر الله تسبيحاً وتهليلاً وتكبيراً، ويُصلِّي على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم،[7] ومن الجدير بالذِّكر أن صلاة التَّراويح هي من قيام اللَّيل وليستا صلاتين مختلفتين؛ حيث إنَّ كلَّ نافلةٍ تُصلَّى بعد العشاء إلى طلوع الفجر تُعتبر قياماً للَّيل، إلا إنّ العُرف جرى أنَّ قيام الليل بعد العشاء في رمضان يُسمَّى التَّراويح، وتُشرع فيها الجماعة في المسجد.[8]

وقتها وعدد ركعاتها

تبدأ صلاةُ التراويح من أوَّل ليلةٍ من شهر رمضان -وهي اللَّيلة التي تتم فيها رؤية هلال رمضان- إلى اللَّيلة التي تسبق عيد الفطر؛ فليلة العيد ليست من رمضان إذا ثبت دخول شهر شوَّال،[9] وتتكوّن صلاة التراويح من ثماني ركعاتٍ كحدٍّ أدنى، لكن ليس لها حدٌّ أعلى، حيث إنّ الزيادة في عدد ركعاتها تُكسِب المسلمَ الأجر والثواب في الأيام الفضيلة، ولم يُحدِّد النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ركعاتٍ معدودة، بل الأمر موسَّعٌ، فالقصد هو الحَثُّ على قيام رمضان؛ فللمسلم أن يصلِّي عشرة ركعاتٍ ثمَّ يُوتِر بثلاث، وله أن يصلِّي ثماني ركعاتٍ ويُوتِر بثلاث، ومن زاد على ذلك أو نقص عنه فلا حرج، فمن صلَّاها ثلاثاً وعشرين فذلك زيادةٌ في الأجر، ومن صلَّى أقلَّ من ذلك فلا يُنكَر عليه.[10]

وقد كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يحافظ على صلاة إحدى عشرةَ ركعةً أو ثلاث عشرة ركعةً، يقوم ثمانيَ ركعاتٍ ويُسلِّم من كلِّ ركعتين ويُوتِر بثلاثٍ كما ثبت في صحيح البخاريِّ عن عائشة -رضي الله عنها- عندما سُئلت عن كيفيَّة صلاة النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- في رمضان، فقالت: (ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا)،[4] فهذا العدد هو أفضل ما تُصلََّى به التراويح، أو ثلاث عشرة ركعةً كما يدلُّ عليه حديث ابن عبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أنَّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- صلَّى من اللَّيل ثلاث عشرة ركعة.[11]

ويمكن أن تُصلَّى التراويح جماعةً في المسجد، أو فُرادى في البيت، بحيث تُصلّى ركعتين ركعتين ويتمّ الاستراحة بينهما، وتكمل الصلاة، ومن ثمّ تُختم بصلاة الوتر، وقد قال معظم العلماء بأفضليَّة أدائها في المساجد، حيث إنّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- صلَّاها بأصحابه، وقد رُويت الأحاديث في مشروعيَّة الجماعة في صلاة التراويح، كحديث أبي هريرة إذ قال: (خرج النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإذا الناس في رمضان يصلُّون في ناحية المسجد، فقال: ما هؤلاء؟ فقيل: هؤلاء ناسٌ ليس معهم قرآنٌ، وأبيُّ بنُ كعبٍ يصلِّي وهم يصلون بصلاته، فقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أصابوا، ونِعمَ ما صنعوا).[12][13]

أول من سن الجماعة في التراويح

إنَّ اجتماع النَّاس لصلاة التراويح سُنَّةٌ من أحسن السُّنن، وقد ثبت في السُّنَّة النَّبويَّة أنَّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ائتمَّ به مجموعةٌ من الصحابة في صلاة الليل في رمضان، ثم ترك النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أداء صلاة التراويح جماعةً خشيةَ أن تُفرض على المسلمين، وأرشدهم إلى الصَّلاة في البيوت، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (أَمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ شَأْنُكُمُ اللَّيْلَةَ، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم صَلَاةُ اللَّيْلِ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا)،[14] واستمرَّ المسلمون في أداء صلاة التراويح بعد وفاته صلَّى الله عليه وسلَّم، فكان بعضهم يصلُّونها فرادى وبعضهم جماعة، وفي خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما رآهم يصلُّونها كذلك قرَّر أن يجمعهم على إمامٍ واحدٍ فيصلُّونها جماعةً، وكان أُبَيُّ بن كعبٍ أوَّل من صلَّى بالمسلمين صلاة التراويح، وما فِعلُ أمير المؤمنين إلا رجوعٌ إلى السُّنَّة الأولى بعد زوال المانع من ‏ممارستها، وقد احتجَّ بذلك بفعلِ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- في تلك اللَّيالي، واستمرَّ المسلمون بصلاتها جماعاتٍ حتى يومنا هذا.[15]

فضل صلاة التراويح

شهر رمضان منحةٌ ربَّانيَّةٌ عظيمة؛ فهو شهر العبادات، وفيه تتنزَّل الكثير من رحمات الله على عباده، وقد أمر الله -تعالى- عباده بالصيام، وحثَّهم على الإكثار من فعل الخيرات والإكثار من الصلاة، ومن ضمن العبادات التي حثَّ الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- على أدائها صلاةُ التراويح، لما لها من فضائلَ عظيمة، أهمُّها:[16][17]

  • تعتبر سبباً من أسباب غفران الذُّنوب، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ).[1]
  • يُكتب ثواب قيام ليلةٍ كاملةٍ للشخص إذا صلَّى حتى ينصرف الإمام، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (إنَّ الرَّجلَ إذا صلَّى معَ الإمامِ حتَّى ينصرفَ حسبَ لَه قيامُ ليلةٍ).[18]
  • تُعَدُّ من قيام الليل، وهو من أعظم مناقب الصَّالحين ومن علامات المتَّقين.
  • تًعَدُّ من أعظم الطَّاعات والقُربات لله تعالى؛ فبها ينال المصلِّي رحمة الله، ويجعله من أشراف الأُمَّة.
  • يُحشر المصلِّي مع الشُّهداء والصِّدِّيقين.
  • تَعْدِل عُمرة؛ فالمشي إلى صلاة النافلة يعدل عمرةً تامِّة، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (مَن مَشَى إلى صلاةٍ مكتوبةٍ في الجماعةِ فهي كَحَجَّةٍ، ومَن مَشَى إلى صلاةِ تَطَوُّعٍ فهي كعُمْرَةٍ).[19]

مراجع

  1. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 759، صحيح.
  2. ↑ "صلاة التراويح"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2019. بتصرّف.
  3. ↑ ابن منظور، لسان العرب، بيروت: دار صادر، صفحة 462، جزء 2. بتصرّف.
  4. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2013، صحيح.
  5. ↑ ابن عثيمين، فقه العبادات، صفحة 251. بتصرّف.
  6. ↑ السرخسي، المبسوط، بيروت: دار المعرفة، صفحة 145، جزء 2. بتصرّف.
  7. ↑ "أقوال أهل العلم في الاستراحة بين ركعات التراويح"، www.islamweb.net، 2003-2-6، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2019. بتصرّف.
  8. ↑ "قيام الليل وصلاة التراويح والتهجد"، www.library.islamweb.net، 2005-10-26، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2019. بتصرّف.
  9. ↑ "متى تبدأ صلاة التراويح لرمضان في الليلة الأولى أم الثانية ؟"، www.islamqa.info، 16-10-2004، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2019. بتصرّف.
  10. ↑ "فضائل شهر رمضان"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2019. بتصرّف.
  11. ↑ التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 540-541. بتصرّف.
  12. ↑ رواه صلاح الدين العلائي، في فتاوى العلائي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 82، صالح للاحتجاج.
  13. ↑ محمد الأعظمي، صلاة التراويح، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 28-30. بتصرّف.
  14. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 761، صحيح.
  15. ↑ "فضل صلاة التراويح وتلاوة القرآن وختمه"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2019. بتصرّف.
  16. ↑ "صلاة التراويح"، www.ar.islamway.net، 2013-7-30، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2019. بتصرّف.
  17. ↑ أحمد علوان (28-9-2016)، "لماذا نصلي التراويح؟"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2019. بتصرّف.
  18. ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 1363، صحيح.
  19. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 6556، حسن.