سبب تسمية سورة الزمر
سورة الزمر
سورة الزمر سورةٌ مكية، فيما عدا الآيات بين الـ(52-54)، آياتها خمس وسبعون آية، ترتيبها في المصحف الشريف السورة التاسعة والثلاثون، ولقد نزلت بعد سورة سبأ.
سبب تسمية السورة
سُميت سورة الزمر بهذا الاسم لأنّ الله عزّ وجلّ ذكر فيها زمر أهل الجنة والنار، والزمرة هي الجماعة المتفرقة بعضها يتلو بعضاً، وقد ذكرت السورة زمر السعداء الذين هم أهل الجنة، فقد بيّنت احتفاء الملائكة بهم وحسن استقبالهم لدخول الجنان، وفي مقابل ذلك ذكرت زمر الأشقياء الذين هم أهل النار، ووصفت حالهم بالهوان والصغار، كما أوضحت السورة فرقاً في وصف كيفيّة دخول الكفار إلى النار ودخول المؤمنين إلى الجنة، وفي ذلك لمسةٌ بيانيّةٌ ولطيفةٌ لغويّةٌ، حيث إنّ الفرق بينهما حرفٌ واحدٌ، هو حرف الواو، ولقد غيّر معنى الآيتين، ففي وصف دخول الكفار قال تعالى: (حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا )[الزمر:71]، وفي دخول المؤمنين الجنة قال: (حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا )[الزمر:73]، والفارق بينهما أنّ جهنم أبوابها مقفلة، لا تُفتح إلا لداخلٍ أو خارجٍ، فجاء الوصف لتهويل المشهد على الكفار، أي أنّهم يجدون جهنم مفاجأةً لهم إذ يُساقون إليها دون أن يعرفوا إلى أين هم ذاهبون، وحين يصلون إليها تفتح لهم أبواب النار فيفاجأون ويصابون بالهلع.
أما في حال المؤمنين فتكون أبواب الجنة مُشرعةً في كلّ وقتٍ وحين، فأهلها يتنقلون فيها بكلّ سلامٍ وأمانٍ وسرورٍ، وعند قدومهم إليها من بعيدٍ يرونها فيسعدون ويسرّون بالجزاء والنعيم الذي ينتظرهم، ومن الناحية اللغوية فإنَّ جواب الشرط في حال جهنم (إذا جاؤوها) جوابه هو: (فتحت أبوابها)، أما في حال الجنة فلا يوجد جوابٌ للشرط؛ لأنّه يصعب على المرء ذكر النعمة التي سيجدها في الجنة، فتعجز اللغة عن وصف ما يقال، فيكون جواب الشرط في الجنة نفسها.
محور السورة
لقد افتتحت سورة الزمر بأمر الإخلاص في عبادة الله، وقد احتوت السورة أيضاً بعض التوجيهات القلبيّة التي تُعين على تحقيق الإخلاص كاتباع أحسن القول، ورجاء رحمة الله، كما ذكرت السورة مشاهد القيامة كيف تُطوى السماوت والأرض بيمين الله عزّ وجلّ، وذلك مدعاةٌ للخوف من عقاب الله وتحرّي الإخلاص في النوايا، والأقوال، والأفعال. ونقيض الإخلاص هو الشرك، والشرك نوعان، شركٌ أكبر وشركٌ أصغر، لا يخرج من الملّة؛ كالرياء. ويُفصّل الشرك على النحو التالي:
- شرك الاستقلال: وهو الإيمان بإلهين مستقلين، كإله الخير وإله الشرّ عند المجوس.
- شرك التبعيض: وهو كادعاء أنّ عيسى عليه السلام إله ابن إله.
- شرك التقريب: وهو التقرّب لله عن طريق الأوثان، وذلك مثل شرك أهل الجاهليَّة.
- شرك الأسباب: وهو كشرك الفلاسفة بإيعاز الأسباب للطبيعة وغيرها.
- شرك الأغراض: وهو أن تقصد بعملك غير وجه الله تعالى.