-

سبب نزول سورة الفرقان

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

سورة الفرقان

سورة الفرقان سورة مكّية، إلا أنّ الآيات ذوات الأرقام ثمانٍ وستين وتسعٍ وستين وسبعين منها آيات مدنية، وسورة الفرقان من السور المثاني، ويبلغ عدد آياتها سبعاً وسبعين آية، وتقع في الترتيب الخامسة والعشرين بين سور المصحف في الجزء التاسع عشر، وتحديداً في الحزبين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين، وكان نزولها بعد نزول سورة يس. بدأت سورة الفرقان بالثناء على الله تعالى، وتوجد فيها سجدة تلاوة، وتحديداً في الآية الستين منها، والفرقان اسم من أسماء القرآن، حيث ذكر الله تعالى فيها الكتاب الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فكان الهداية للناس جميعاً، والنور والضياء لهم الذي فرّق بين الحق والباطل، وبين النور والظلام، وبين الكفر والإيمان، ولذلك سُمّي بالفرقان، كما أنّ سورة الفرقان أثبتت صدق القرآن الكريم، وصحة رسالة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وأثبتت الإيمان بالبعث والجزاء، وذكرت بعض القصص التي دلّت على العديد من المعاني والدلالات والعبر والعظات.[1]

سبب نزول سورة الفرقان

لا يوجد سببٌ محدّد لنزول سورة الفرقان كاملة، فتوجد آيات من القرآن الكريم لم يوجد أي سبب لنزولها كما توجد أسباب لنزول بعض الآيات الأخرى، ومن الأسباب الواردة في سبب نزول بعض الآيات من سورة الفرقان ما رواه الواحدي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، حيث قال أنّ الرسول صلى الله علي وسلم أصابه بعض الحزن بسبب تعيير بعض المشركين له من الفاقة التي كانت تصيبه، وكانوا يقولون ما شأن الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، فنزل جبريل عليه السلام مواسياً للرسول عليه الصلاة والسلام، ومُوصلاً له السلام من الله تعالى، فنزل قول الله سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا)،[2] كما أنّ قوله: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا)،[3] نزل في أبي بن خلف الذي كان يحضر مجالس النبي عليه الصلاة والسلام ويستمع لما يتكلّم به ولم يكن مؤمناً به، فزجره عن ذلك الفعل عقبة بن أبي معيط. وقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّـهِ إِلَـهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا)،[4] نزل في قوم من المشركين كانوا يكثرون من القتل والزنا، وذهبوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وقالوا له: (إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة)، فنزلت الآية السابقة، وذلك كما رود عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.[5]

مقاصد من سورة الفرقان

تضمنت سورة الفرقان العديد من العبر والدلالات والمقاصد المهمة جداً بالنسبة للمسلم، وفيما يأتي بيان عددٍ منها:[6]

  • قامت سورة الفرقان على ثلاث دعائم أساسية رئيسة، الأولى منها تتمثّل بإثبات نزول القرآن الكريم من الله تعالى إلى رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وإثبات صدقه، ورفعة منزلته وقدره عن أمور الدنيا، وإثبات أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام سائر على الطريق التي سار عليها غيره من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام جميعاً، وتكذيب الأقوام لهم، والدعيمة الثانية تتمثّل بإثبات البعث والجزاء في الآخرة، وإثبات البشارة للصالحين في الآخرة، وتقريع المشركين بسوء عاقبتهم، وذكر الندم الذي يصيبهم بسبب تكذيبهم للرسل وإشراكهم بالله تعالى، والدعيمة الثالثة تقوم على إثبات وحدانية الله تعالى، وتفرّده بالخلق، وتنزيهه عن الولد وعن الشريك، وإبطال الألوهية للأصنام، وتكذيبهم بما زعموه من نبوة الملائكة، وبيّن سيد قطب مقاصد سورة الفرقان في أربع موضوعات رئيسة، الأولى منها تسبيح الله تعالى وحمده على تنزيل القرآن الكريم الذي يُعدّ النذير لجميع العالمين، وتوحيد الله تعالى المالك لجميع ما في السماوات وما في الأرض، والمدبّر لها بحكمته وتقديره، والثانية بيان مشاهد يوم القيامة، والثالثة بيان بعض المشاهد الكونية، وإبداع الله تعالى في خلق الكون، منها مشهد الظل ومشهد تعاقب الليل والنهار وخلق الله للإنسان من الماء، ورغم تلك المشاهد إلا أن الكافرين أصرّوا على كفرهم وتكذيبهم وعدم إفراد الله تعالى بالعبادة، والرابعة تمثّلت بوصف عباد الرحمن الذي يعبدون الله تعالى ويسجدون له، وذكر الأسباب والعوامل التي أدّت بهم إلى ذلك، وبيان أن باب التوبة مفتوح لمن يريد السير في طريق عباد الله الصالحين، وبيان صبر عباد الله الصالحين على التكاليف الشرعية والعبادة ومتطلباتها.
  • بيان نزول القرآن الكريم منجّماً ومفرّقاً على الرسول محمد عليه الصلاة والسلام من الله عز وجل، على فترات من الزمن، والغاية من ذلك تثبيت القلوب، وتلاوة القرآن الكريم بحقّ، وحفظه في الصدور.
  • بيان عالمية رسالة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأنها للناس كافة، وليست لفئة محددة من الناس، أو للعرب وحدهم، حيث قال الطيبي: (مدار هذه السورة على كونه صلى الله عليه وسلم مبعوثاً إلى الناس كافة، ينذرهم ما بين أيديهم وما خلفهم؛ ولهذا جعل براعة استهلالها قوله: تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً).
  • بيان مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم التي تتمثل بالتبشير بما عند الله تعالى من الفوز والفلاح لمن سار على طريق الحق والهدى، وإنذار بعقاب الله تعالى لمن حاد عن الطريق المستقيم.

المراجع

  1. ↑ "تعريف سورة الفرقان"، www.e-quran.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-12-2018. بتصرّف.
  2. ↑ سورة الفرقان، آية: 20.
  3. ↑ سورة الفرقان، آية: 27.
  4. ↑ سورة الفرقان، آية: 68.
  5. ↑ "سبب نزول آيات مباركات من سورة الفرقان"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-12-2018. بتصرّف.
  6. ↑ "مقاصد سورة الفرقان"، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-12-2018. بتصرّف.