لأمّ الزوج حقّ على الزوجة في الإسلام، وينبثق هذا الحقّ من حقّ زوجها عليها بحُسن العشرة، ومن حُسن العشرة الزوجيّة أن تُكرم الزوجة أهل زوجها، فتقوم باستضافتهم، وتبتسم في وجوههم، وتكرمهم؛ فإنّ في ذلك إعانةً لزوجها على برّ أهله، وإنّ رفضَ الزوجة لهذا النوع من الإكرام أمرٌ ذميمٌ، ولا يصدر في العادة من الزوجة صاحبة الدين والخُلق والمروءة، ويُظهِر هذا النوع من السلوك إساءةً للزوج وعشرته.[1]
بالرّغم من دعوة الإسلام إلى حفظ الحقوق وأداء الواجبات، ومنها صيانة حقّ الأمّ إلّا أنّه تجدر الإشارة إلى أنّ أهل العلم تنبّهوا إلى أنّه إذا كانت هذه المخالطة بين زوجته ووالدتها مثلاً ينتج عنها إيذاءٌ للزوجة وانتقاصٌ من قدْرها؛ فإنّ الأمر يستلزم أنْ ينصح الزوج والدته بالتي هي أحسن؛ فإن تمادت الأمّ في أذيّتها جاز للزوجة أن تقطع علاقتها بها للحدّ الذي يدفع عنها الأذى على ألّا يصل إلى حدّ الهجر المحرّم في الإسلام،[2] ويكفي أنْ تقتصر في السؤال عنها أو زيارتها في المناسبات الضرورية.[3]
الحكم الشرعيّ المقطوع به عند أهل العلم في خدمة الزوجة لأهل زوجها هو عدم الوجوب، وبناءً عليه فلا يصحّ من الزوج إلزام زوجته بخدمة أحدٍ من أهله، سواءً كانت الخدمة المطلوبة لوالدته أم أبيه،[4] وليس هناك خلافٌ بين الفقهاء في أنّ عقد الزواج الشرعيّ لا يتضمّن قيام الزوجة بخدمة أهل زوجها، وعلى الزوج ألّا يُلزم زوجته شيئاً لم يلزمها به الشرع، ولكن تُنصح الزوجة من باب حُسن العشرة والبر بزوجها تقديم ما تستطيعه من خدمة أهل زوجها في حدود المعروف،[5] ويحسُن بالزوجة أن تستحضر الأجر العظيم الذي أعطاه الله -سبحانه- لمن أزال أذيّة شجرةٍ من طريق المسلمين؛ فكيف بالزوجة وهي تستجيب لأمر زوجها برعاية أو خدمة أمّه أو أبيه، يقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ في الجَنَّةِ؛ في شَجَرَةٍ قَطَعَها مِنْ ظَهْرِ الطَّريقِ، كانَتْ تُؤْذي النَّاسَ).[6][7]