من أركان الإيمان الإيمان بالله ورسله ومنهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فقد أرسله الله للإنس والجنّ يحمل رسالة الهداية، والمؤمن يحمل هذا الاعتقاد في قلبه، ويظهر في سلوكه، فللنبي صلى الله عليه وسلم على أمته حقوق في طاعته، واتباعه، واحترام مقامه، وتوقيره بيّنها الله في كتابه والنبي صلى الله عليه وسلم في سنته، وفيما يأتي سنبين هذه الحقوق مع أدلتها.
قال تعالى:(فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)[التغابن:8]، حيث أمر تعالى بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم في جميع ما جاء به، ومطابقة تصديق شهادة اللسان بالقلب، ثم تطبيق ما جاء به، حيث أرسله الله تعالى للإنس والجن.
وجب الإيمان بالله وتصديقه وطاعته، لأن ذلك ما أتى به، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ)[ الأنفال:20].
وجب الاقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)[آل عمران:31].
وجبت محبة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى:(قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة: 24].
وجب احترام وتوقير النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر حديثه، وسماع سيرته واسمه، وسنته، ونصرته، وتعلم سنته، والدعوة إليها، فقال تعالى: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ)[ الفتح:9].
قال تعالى:(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[ الأحزاب56]، وللصلاة على النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم عدة مواطن، منها: الصلاة عليه عند دخول الجامع أو الخروج منه، وعند الإقامة والدعار، وفي صلاة الجنازة، وفي يوم الجمعة، وفي الخطب، وعلى الصفا والمروة، وعند الشدائد، وعند الوقوف على قبره، وفي الصباح والمساء.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)[ النساء 59]، فيكون التحاكم ضمن شريعته وسنته.
يعرف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه أضل المرسلين والأنبياء، وهو سيد الأولين والآخرين، وصاحب الحوض المورود والمقام المحمود، كما أنّه لا يملك لغيره نفعاً أو ضراً إلا ما شاء الله، فقال تعالى:(قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ)[ الأنعام:50].
يكون ذلك بذل النصح للغير، ويعني النصح بأن يحب الشخص لأخيه الخير، وأن يدعيه إليه، وأن يرغبه فيه، فقال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10]، حيث إنّ الأُخوّة في الدين أقوى من الأُخوة في النسب، فالمؤمنون أخوة مهما تباينت لغاتهم أو تباعدت أقطارهم.
تعد محبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومحبة أهل بيته من محبته، فمن أبغض أحداً من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، أو أحداً من صحابته فقد أبغض النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنّ محبته مقرونة بمحبتهم.