علامات القيامة التي ظهرت
علامات يوم القيامة
هناك علامات تسبق وقوع يوم القيامة؛ حتى تمهّد لِما سيحلّ في ذلك اليوم من الأهوال، والفزع، والخروج عن المألوف، وقد قسم العلماء هذه العلامات إلى ثلاثة أقسام؛ قسم ظهر وانتهى في الماضي، وقسم ظهر ولا يزال في تزايد، وقسم لم يظهر بعد، ويمكن تقسيم علامات القيامة إلى علامات صغرى؛ وهي التي وقعت ومضى وقت وقوعها، ومنها: بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخروج النار من الحجاز، وواقعة الجمل وصفين، وغيرها، وعلامات وسطى؛ وهي التي وقع بعضها ولا يزال يتتابع وقوعها، ومنها: أن يصبح القابض على دينه كالقابض على جمرة من نار، وأن يتولى اللئام والحمقى من الناس أمور العامة، ومن الجدير بالذكر أن هذه العلامات تكثر مع مرور الوقت، وتتجدد كدليل حي ليتذكر الناس يوم القيامة باستمرار.[1]
والقسم الثالث العلامات الكبرى؛ وهي العلامات التي لا يعلم وقت وقوعها إلا الله، ومما يميزها أنها ممتابعة، فإذا وقعت إحداها لحقتها الآخرى، بالإضافة إلى أنها تشتمل على أحداث عظيمة وغير مألوفة تدل على اقتراب قيام الساعة، وأنه لم يبقى لها إلا كما بين العشية وضحاها، ومن هذه العلامات: ظهور المسيح الدجال، وخروج يأجوج ومأجوج، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها.[1]
علامات القيامة التي ظهرت
هناك العديد من علامات يوم القيامة التي ظهرت في الماضي وانتهت، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:[2]
- بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم: كانت بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أول علامة من علامات الساعة، ودل على ذلك ما رُوي عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- أنه قال: (رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ بإِصْبَعَيْهِ هكذَا، بالوسْطَى والتي تلِي الإبْهَامَ: بُعِثْتُ أنا والساعةَ كهاتينِ)،[3] وقد أكّد عدد من العلماء ومنهم الإمام القرطبي -رحمه الله- أن بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- أول علامات الساعة، لا سيما أنه نبي آخر الزمان، وليس بينه وبين الساعة نبي، ورُوي في كتب السيرة أن اليهود كانوا يتحدثون عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأنه سيُبعث مع الساعة.
- وفاة النبي عليه الصلاة والسلام: كان موت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علامة من علامات القيامة، مصداقاً لِما رواه عوف بن مالك الأشجعي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (اعددْ ستًا بين يديْ الساعةِ مَوْتِي، ثم فَتْحُ بيتِ المقدسِ، ثم موتانِ يأخذ فيكم كقُعَاصِ الغنمِ، ثم استفاضةُ المالِ حتى يُعْطَى الرجلُ مائةُ دينارٍ فيظَلُّ ساخطًا، ثم فتنةٌ لا يَبْقَى بيتٌ من العربِ إلا دخلتْهُ، ثم هُدْنَةٌ تكونُ بينكم وبين بني الأصفرِ، فيَغدرونَ فيأتونكم تحتَ ثمانينَ غايةٍ، تحت كلِّ غايةٍ اثنا عشرَ ألفًا)،[4] وفي الحقيقة أن وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- كانت أعظم مصيبة حلّت بالمسلمين، حيث إن الوحي انقطع من السماء بوفاته، وانقطعت النبوّات إلى يوم القيامة، وبدأ الفساد والشر بالظهور بعد وفاته، وكان أوله ردة من ارتد من العرب.
- انشقاق القمر: وقد انشق القمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان انشقاقه علامة من علامات الساعة، مصداقاً لقول الله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ)،[5] وكان أيضاً من أعظم المعجزات التي أكرم الله -تعالى- بها نبيه عليه الصلاة والسلام، وقد روى الحدث عددا من الصحابة رضي الله عنهم، وذكر ابن كثير -رحمه الله- عدد من هذه الأحاديث في تفسيره لسورة القمر، ومنها ما رُوي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (إن أهلَ مكةَ سألوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يُرِيَهم آيةً، فأراهمُ انشِقاقَ القمرِ).[6]
- موت يأخذ في المسلمين كقُعاص الغنم: بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عوف بن مالك -رضي الله عنه- والذي سبق ذكره[4] أن من علامات القيامة مرض يصيب المسلمين فيقضي على الكثير منهم، وقد وقع هذا المرض في بلاد الشام بعد فتح بيت المقدس، وكان ذلك في السنة السادسة عشر للهجرة، وقد توفي بسببه خمسة وعشرين ألفاً من المسلمين، وتوفي الكثير من الصحابة -رضي الله عنهم- بسبب هذا المرض الذي عُرف بطاعون عمواس.
- فتح بيت المقدس: وقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عوف بن مالك -رضي الله عنه- والذي سبق ذكره[4] أن من علامات القيامة فتح بيت المقدس، وقد تم فتحها في العام السادس عشر للهجرة على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
علامات القيامة التي لم تظهر بعد
هناك العديد من العلامات الصغرى ليوم القيامة لم تظهر بعد، ويمكن ذكر بعضها فيما يأتي:[7]
- انحسار نهر الفرات عن جبل من ذهب: فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من علامات الساعة ذهاب ماء الفرات وظهور كنز من الذهب تحته، حيث قال: (لا تقومُ الساعةُ حتى يحسرَ الفراتُ عَنْ جبلٍ مِنْ ذهبٍ، يقتتلُ الناسُ عليهِ، فيُقتَل، مِنْ كلِّ مائةٍ، تِسعةٌ وتسعونَ، ويقولُ كلُّ رجلٍ مِنهُمْ: لعلِّي أكونُ أنَا الذي أَنْجُو)، وفي روايةٍ: بهذا الإسنادِ، نحوَهُ، وزادَ: فقال أَبي: ((إنْ رأيتَهُ فلا تقربَنَّهُ))،[8] وقد نهى -عليه الصلاة والسلام- من حضره عن الأخذ منه؛ بسبب ما سيقع عليه من الاقتتال والفتنة.
- ظهور المهدي: من علامات الساعة التي لم تظهر بعد ظهور المهدي، وهو خليفة من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يبعثه الله -تعالى- في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً، وقد ورد ذكر صفاته في عدد من الأحاديث الصحيحة، ومنها أن اسمه يوافق اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسم والده يوافق اسم والد النبي عليه الصلاة والسلام، وأنه من سلالة فاطمة رضي الله عنها، ومن صفاته الخَلقية أنه أقنى الأنف، وأجلى الجبهة.
- عودة جزيرة العرب جنات وأنهارا: أخبر رسول الله -صلى لله عليه وسلم- أن جزيرة العرب ستعود جنات وأنهارا قبل قيام الساعة، حيث قال: (لا تقومُ الساعةُ حتى يَكثُرَ المالُ ويَفيضَ، حتى يَخرُجَ الرجلُ بزَكاةِ مالِه فلا يجِدُ أحدًا يَقبَلُها منه، وحتى تعودَ أرضُ العربِ مُروجًا وأنهارًا)،[9] فربما ستعود الجزيرة العربية جنات بسبب زراعتها، وحفر الآبار فيها، أو قد يتغير مناخها الحار إلى مناخ معتدل وتتفجر فيها الأنهار والعيون بقدرة الله تعالى، فتصبح مروجاً خضراء.
المراجع
- ^ أ ب سامح البلاح (29-8-2013)، "أقسام علامات القيامة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-1-2019. بتصرّف.
- ↑ ندا أبو أحمد (10-7-2014)، "علامات الساعة الصغرى التي ظهرت وانقضت (1)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-1-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 4936، صحيح.
- ^ أ ب ت رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم: 3176، صحيح.
- ↑ سورة القمر، آية: 1،2.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3637، صحيح.
- ↑ "ما هي علامات الساعة الصغرى التي لم تقع إلى الآن ؟"، 29-6-2008، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 17-1-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2894، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 157، صحيح.