طال انتظار إبراهيم -عليه السلام- للولد، ولم تكن زوجته السيدة سارة تنجب حتى كبرت بالعمر، فوهبت زوجها جاريةً كانت لها هي هاجر؛ لعلّه يتسرّى بها فتُنجب له ابناً، كما كان يحبّ ويرجو، وبالفعل ما هي إلا فترةً قصيرةً حتى عُلم لهاجر أنّها حاملٌ، ووضعت لإبراهيم -عليه السلام- إسماعيل -عليه السلام-؛ فكان ذلك وتلك والدته.[1][2]
بعد أن جاء إسماعيل أباه على لهفةٍ وانتظارٍ، ولمّا شبّ الابن وصار فتيّاً مؤنساً لوالده تعرّض لامتحانٍ آخر؛ وهو نزول الأمر الإلهي على إبراهيم -عليه السلام- أن يذبح ابنه وفلذة كبده إسماعيل -عليه السلام-؛ كان ذلك في رؤيا حقٍّ رآها الأب إبراهيم، ولم يتوان نبيّ الله عن تنفيذ أمره سبحانه، فأخبر ابنه بما رأى، فسلّم الابن البارّ على الفور كذلك، وامتثلا كلاهما لأمر الله -تعالى-، وأقبلا ينفّذانه حتى إذا حدّ إبراهيم سكّينه، وأنزل إسماعيل رأسه، وحاول أن يذبح الأب رقبة ابنه؛ جاءهما الفرج من عند الله بأن أرسل لإبراهيم كبشاً يفدي إسماعيل به، ولينحره إبراهيم -عليه السلام-، ولتكون تلك سنّةً لأهل الإيمان من بعده، وهي سنّة النحر يفعلها المسلمون في يوم الأضحى، والحجاج في حجهم.[3]
غاب نبي الله إبراهيم حيناً بعد ذلك عن ابنه إسماعيل -عليهما السلام-، ثمّ جاءه مجدّداً، يخبره بأمر الله -تعالى- له أن يبني البيت، وأن يعينه إسماعيل -عليه السلام-، فأجاب الولد طلب أبيه على الفور، فأقبل إبراهيم الخليل وإسماعيل يرفعا قواعد الكعبة، فكان إسماعيل يأتي والده بالحجارة، وإبراهيم يبني الحجارة، ويرفعها حتّى نفّذا أمر الله -تعالى-، وهما يردّدان ما وثّقه الله -سبحانه- في القرآن الكريم: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ).[4][5]