-

قصة سيدنا أيوب

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

أيوب -عليه السلام-

يذهب بعض العلماء إلى أنّ أيوب -عليه السلام- يعود في نسبه إلى إسحاق بن إبراهيم الخليل، أما زوجه فهي رحمة ابنة يوسف بن يعقوب، أسرة مباركة من نسل مبارك، هو نبي من أنبياء الله عبد صالح صبور شكور يحب الخير، يساعد الفقراء والأيتام والأرامل ويقوم على حاجاتهم، كان يملك الأراض الشاسعة، وهو نبي من أنبياء الله عز وجل.

ابتلاء سيدنا أيوب

أنعم الله على عبده أيوب بالمال والصحة والأولاد والزوج الصالح، فأراد المولى أن يختبر صبر عبده الصالح وابتلاه الله بتلك جميعها، فأمات أبناءه جميعهم وأذهب ماله، وخارت قواه وأصابته الأمراض الكثيرة حتى جلس حبيسَ الفراش ثمانية عشر عاماً، فأكل المرض كل ما في جسمه سوى قلبه ولسانه، إذ كان يدعو الله ليل نهار: اللهم ابتليني بجسدي ولا تجعل البلاء يصيب لساني، حتى أظل أقول لا إله إلأ الله ".

وكانت زوجته تطلب منه على الدوام أن يدعو الله أن يرفع عنه ما هو فيه، فكان يرد عليها أن الله ابتلاه بثمانية عشر عاماً، بينما متّعه بالصحة سبعين عاماً ولن يدعو الله حتى تمر سبعون عاماً أخرى بالبلاء، ظل طوال سنين مرضه صابراً شاكراً لربه ليل نهار لا يفتر لسانه عن الذكر، أما زوجه فقد حفظت وده وإحسانه إليها فيما مضى، فكانت تعمل لتنفق على نفسها وزوجها، لم تتركه أو تتخلَّ عنه طوال فترة مرض زوجها صابرةً محتسبةً أجرها عند الله.

الشفاء من البلاء

طال المرض بأيوب واشتد به الأمر، وفي غمرة بلائه وكربه كان إبليس يأتيه ويوسوس له: لو كنت نبياً حقاً أكان ربك يبتليك بهذا البلاء؟ فكان يرد أيوب : "والله يا إبليس لو علمتَ النعمة التي أنعم الله بها عليّ لحسدتني عليها" وهنا قصد الرضا بقضاء الله عز وجل، فلم يكنْ مرضُ أيوب مسّاً شيطانياً، إنما وساوسُ شيطانية للتشكيك بقدر الله عز وجل، لكنه المؤمن الذي لا يزحزح إيمانه وعقيدته شيء، ولما سئل عن أي شيء كان عليه أشد في بلائه أجاب: "شماتة الأعداء"؛ وقصد بها إبليس.

ورغم هذا ظل شاكراً على كل حال فكان أكثر ما يؤلمه وساوس الشيطان وحال زوجه لعملها وحالها، حتى باعت ضفائر من شعرها لتنفق عليه فلما رأى ذلك أشفق عليها فدعا ربّه عز وجل في حياء وخشية أن كيف يطلب من ربه الشفاء: "وأيوب إذ نادى ربه أنّي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين "، فكان رد الله عز وجل: " فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمةً من عندنا وذكرى للذاكرين "، حيث خرجت به زوجته لقضاء حاجته، وبينما هو كذلك إذ ناداه الله عز وجل أن يضع أرجله على الأرض، وفجّر من تحته عينيْن من الماء يشرب من إحداها ويغتسل من الأخرى، حتى قام صحيحاً يمشي ليس به بأس، وأحيا الله أبناءه وأعطاه مثلهم، وعوضه بالمال الكثير.

العبرة

إن الله هو مالك الأمر يقضي الأمر بحكمه ورحمته وحكمته، فالسراء والضراء نعمة نحن بها مغبونون إذ إنّ كليْهما ابتلاء واختبار يختبر الله إيماننا هل نصبر أم نشكر، فليس كصبر أيوب صبر ومع هذا صبر صبراً جميلاً لم يشْكُ ربه إلى الناس، إنما رضي وصبر وشكر مؤمناً بعدل الله ورحمته فعوضه الله كل خير، عظة لنا أن الله إذا أخذ أعطى أضعافَ أضعافِ ممّا أخذ.