أنواع الصدقة
مفهوم الصدقة وحكمها
الصدقة في اللغة جمع صدقات، وتصدّقْت عليه؛ أي أعطيته صدقة، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، فقال الله تعالى: (وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ)،[1] أمّا الصدقة في الاصطلاح الشرعي فهي العطيّة التي يُبتغى بها الثواب عند الله تعالى، وقال الأصفهاني أنّ الصدقة هي: "ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة، كالزكاة، لكن الصدقة في الأصل تقال للمتطوَّع به، والزكاة للواجب، وقد يُسمَّى الواجب صدقةً إذا تحرَّى صاحبها الصدق في فعله"،[2] وحكم الصدقة أنّها مستحبة، وقد جاءت الأدلة على حكمها من القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، والإجماع، قال الله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).[3][4]
أنواع الصدقة
إن للصدقة أنواعاً فيما يأتي بيانها:[5]
- الصدقة الخفيّة: وهي أفضل أنواع الصدقة؛ لأنّها أقرب إلى الإخلاص، وهي خير للمتصدّق من الصدقة المعلنة.
- الصدقة في حالة الصحة والقوة، أفضل من الوصيّة بعد الموت أو في حال المرض.
- الصدقة التي تكون بعد أداء الواجب.
- إنفاق المسلم مما هو بحاجةٍ إليه ومع قلة ما يملكه بقدر الاستطاعة.
- الإنفاق على الأولاد؛ فقد أخبر رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنّ الرجل الذي ينفق النفقة على أهله ويحتسبها عند الله تكون له صدقة.
- الصدقة على القريب، فتُحسب لصاحبها صدقتان؛ الأولى صدقة، والثانية صلة رحم، وتكون على الأقرباء بعد من تجب نفقتهم عليه؛ كاليتيم من الأقرباء، ثمّ للقريب الذي يخفي العداوة.
- الصدقة على الجار؛ فقد أوصى الله -تعالى- به، والصدقة على الصاحب والصديق.
- النّفقة من أجل الجهاد في سبيل الله؛ فإنّ ذلك أعظم ما أُنفق فيه المال، وقد قُدّم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في العديد من مواضع القرآن الكريم.
- الصدقة الجارية: وهي ما تبقّى بعد وفاة صاحبها، مع استمرار أجرها له، فقد قال رسول الله: (إِذا مات الإنسانُ انقَطع عنه عملهُ إِلَّا من ثلَاثةٍ: إِلَّا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له).[6]
فضائل الصدقة
إنّ الصدقة على الفقراء والمساكين من أفضل الأعمال وأحبّها إلى الله تعالى، وفيها دليلٌ على صدق إيمان العبد ويقينه بأنّ الرزق بيد الله -تعالى- وحده، والنفس بطبيعتها تميل إلى حب المال، لكن المؤمن الحق يدرك قيمة التكافل الاجتماعي، وأنّه لا يعيش لنفسه فقط؛ وإنّما عليه أن يستخدم المال الذي استخلفه الله فيه، فيعطي منه الفقراء والمساكين، ويُنافس غيره في حب الخير، وللصدقة فضائل وفوائد عديدة، وفيما يأتي بيانٌ لهذه الفضائل العظيمة:[7]
- الصدقة برهانٌ ودليلٌ على إيمان العبد؛ فقد وصف الله -تعالى- عباده المؤمنين المتّقين بالإنفاق وبأداء ما عليهم من الصدقة والزكاة، فيبتغون بذلك مرضاة الله تعالى، فذلك الهدى والضياء في وسط ظلمات هذه الحياة.
- سببٌ في حصول البركة ونزولها، فالله يضاعف لمن أدّى حقّ ماله بأضعافٍ كثيرةٍ، كما أخبر بذلك فقال تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّـهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).[8]
- حصول السعادة، والوقاية من الأمراض والفتن والأحزان.
- انشراح الصدر، وسرور النفس؛ فإنّ الكريم إذا همّ بالصدقة انشرح صدره لها، وطابت نفسه وزادت في الإنفاق، أمّا البخيل؛ فإذا حدّثته نفسه بالصدقة، ضاق صدره وامتنعت يداه.
- دفع غضب الرب وميتة السوء، فقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صدقةُ السرِ تُطفئُ غضب الرَّب).[9]
- تطهير النفس من الشح والبخل، والحقد والضغينة، وتطهير المال.
آداب الصدقة
إن للصدقة والإنفاق في سبيل الله آداباً من أهمها الإخلاص لله تعالى؛ فعدم الإخلاص يؤدّي إلى إبطالها وإحباط أجرها، ومن يتصدّق بقصد الرياء والسمعة فإنّه يعاقب بأشدّ العقوبة يوم القيامة، وفيما يأتي بيانٌ لآداب الصدقة:[10]
- تقديم الصدقة المفروضة على المستحبة، فإذا كانت عليه زكاةٌ واجبةٌ في ماله فيجب عليه أن يخرجها في وقتها، لأنّها ركنٌ من أركان الإسلام، وأحبّ ما يقدّمه العبد لله -تعالى- هو أداء ما فرضه عليه.
- عدم إبطالها بالمنّ والأذى، فقد قال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)،[11] فالمنّة الحقيقية من الله عليه بأن خلّصه من الشحّ والبخل وأكرمه بالثواب والأجر.
- كَوْن الصدقة من الكسب الطيب الحلال، فإنّ ذلك سببٌ لقبول الصدقة منه، ونماء أجرها وثوابها عند الله سبحانه.
- تحرّي المحتاجين، وعدم إعطائها لمن لا يعرفه، حيث إنّ الزكاة الواجبة لا تصحّ أن تُعطى إلا لمستحقّيها.
- تقديم ذوي الرحم إن كانوا من أهل الحاجة على غيرهم.
- تقديم المال الجيد والأفضل للصدقة، وعدم تقديم الخبيث أو الرديء، وإن قدّم ما يحبّه كان له الأجر الأعظم.
- استشعار نِعم الله -عزّ وجلّ- على المتصدق؛ فقد أغناه الله -عز وجل- عن صدقة غيره عليه، وجعله هو المعطي وهو صاحب اليد العليا.
- إخراج الصدقة عن طيب نفسٍ منه، فلا يكون مكرهاً على إخراجها.
المنّ والأذى في الصدقة
ذمّ الله -عزّ وجلّ- في كتابه المنفقين المانّين المرائين، والمانّ بصدقته هو الذي يعطي غيره ثمّ يقول له: ألا تذكر يوم أعطيتك كذا وكذا وأحسنت إليك، والأذى للفقير يكون بالقول، فيجرح مشاعره، ويكون بالفعل كأن يضربه مثلاً، حيث إنّ المال مال الله تعالى، وللفقير فضلٌ على الغني، وقد وردت الآيات والأحاديث بالنهي عن المنّ في الصدقة، أمّا مجرد إحساس المتصدق بأنّه أحسن إلى فلان، وأنّه أعلى منه، أو أنّه قام بذلك ليقال عنه أنّه فعله دون أن يظهر ذلك على تصرفاته، فلا شيء في ذلك؛ فالله تجاوز عن أمّته ما حدّثت به أنفسهم.[12]
المراجع
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 35.
- ↑ سعيد القحطاني، صدقة التطوع في الإسلام، صفحة 5. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 245.
- ↑ "حُكم صدقة التطوُّع"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "الصدقة.. فضائلها وأنواعها "، www.ar.islamway.net، 2005-2-20، اطّلع عليه بتاريخ 23-4-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1631، صحيح.
- ↑ بدر هميسه، "تحقق البركة في فضل الصدقة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 261.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 3760، صحيح.
- ↑ محمود الدوسري (17-7-2018)، "الصدقة فضائل وآداب (خطبة)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 264.
- ↑ "المن والأذى في الصدقة وحديث النفس بذلك"، www.islamweb.net، 2007-5-2، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.