أنواع أنظمة الحكم
أنظمة الحكم
إنّ العيش ضمن مجموعة هو حاجة غريزيّة عند الإنسان منذ القدم، فالإنسان مخلوقٌ اجتماعيٌّ بالفطرة، لا يقوى على الوحدة والعزلة، ومع تطوّر الزمن وتحضّر الناس حياةً وفكراً بدؤوا بالتجمّع ثم ظهرت الدول، والدولة هي مجموعةٌ من الناس الذين يتشاركون الأنشطة والحياة على بقعةٍ محددةٍ من الأرض، خاضعين لنظامٍ سياسيّ كانوا قد اتفقوا عليه؛ ليتولى شؤون حياتهم، مما يؤدي إلى النهوض بجوانب حياتهم المختلفة على الصعيد الاقتصاديّ والاجتماعيّ بما يضمن ازدهار الفرد وانتعاشه في ظلّها، وتقوم على أسسٍ ثلاثةٍ هي الشعب والأرض والسلطة السياسيّة، وتتنوع الدول وأشكالها في العالم، كما أن أنظمة الحكم فيها تختلف أيضاً، وباختلاف نظام الحكم في الدولة فإنّ دساتيرها وسياساتها وقوانينها الداخلية تختلف أيضاً.[1]
أنواع أنظمة الحكم
أنظمة الحكم حسب شكل الدولة
تقسم الدول حسب تركيبتها الأساسيّة إلى نوعين أساسيين، هما:[1][2]
- الدولة البسيطة: وتسمى بالدولة الموحّدة، هي الدولة التي تتولّى الأمور الداخليّة والخارجيّة فيها جهة واحدة فقط، بحيث تتركز جميع السلطات في يد الحكومة التي تشرف على عملها، كما تتميّز بوحدة التشريع السياسي، والتنفيذ، وتكون جميع القرارات والمهام والوظائف الموكلة بها وكيفية تنفيذها مستمدة من الدستور الرئيسي للبلاد، ومن الأمثلة على الدول الموحدة: اليابان، والكويت، والعراق، واليمن، ويشمل هذا النوع من الدول عدة أنظمة للحكم، وهي:
- الدولة المركبة: وتُسمّى بالدولة الاتحاديّة، وهي الدولة التي تظهر كنتيجة لاتفاق عدد من الدول أو الأقاليم من أجل قيام اتحاد بينها، ويشمل هذا النوع من الدول أربعة أنواع، هي:[3][2]
- نظام الحكم المركزي: حيث يعتمد الحكم في هذا النوع من الأنظمة على المركزية، بحيث تتولى السلطة المركزيّة مسؤوليّة اتخاذ القرارات جميعها وعدم إعطاء التقسيمات الإداريّة الموزعة في أنحاء البلاد أي صلاحيات إلا بأمر من هذه السلطة.
- نظام الإدارة المحلية: وهو النظام الذي يقوم على وجود سلطة مركزيّة، مع إعطاء الصلاحيات للأقاليم المختلفة في الدولة في الإدارة المحلية لها، عن طريق تأسيس مجلس إدارة محلي يتولى أمور مراقبة الشؤون المالية في الإقليم، واتخاذ القرارات الخاصة بكل إقليم، بحيث تتم مناقشة جميع القضايا المتعلقة بالإدارة المحلية في هذا المجلس، ورفع المقترحات التي تمّت مناقشتها إلى السلطة المركزيّة.
- نظام اللامركزية الإدارية: وهو النظام الذي يقوم على تفويض الأقاليم سلطات واسعة تُسمّى السلطات اللامركزيّة، مع إبقاء الجوانب التشريعيّة مخوّلة للسلطة المركزية، وتتكوّن السلطة اللامركزية من مجلس محافظة، ورؤساء للدوائر المقامة يمثّلون السلطة التنفيذية، ومجلس تشريعي وظيفته مراقبة السلطة التنفيذيّة، بحيث تراقب السلطة المركزيّة السلطات اللامركزيّة جميعها، وتُعتبر دولة فرنسا إحدى الدول المتبعة لهذا النظام.
- نظام الحكم الذاتي: وهو النظام الذي يطبّق القرارات الخاصّة بمنطقة محددة من الدولة دون الرجوع إلى السلطة المركزيّة، وتشتهر المناطق ذات الحكم الذاتي بأن لها أصلاً أو دينأ أو لغة واحدة مشتركة، ومن الأمثلة على المناطق التي تملك هذا النظام، إقليم الباسك في إسبانيا.
- الاتحاد الشخصي: وهو الاتحاد الذي ينشأ بين دولتين مستقلّتين، حيث تحتفظ كل دولة بسياساتها الداخلية والخارجية، وتكون المهمة الوحيدة لهذا الاتحاد أنه في حالة وفاة أحد رؤساء هاتين الدولتين يقوم رئيس الدولة الآخر بتولي حكم العرش، ومن الأمثلة على هذا النوع من الاتحاد، اتحاد التاج بين أستراليا وبريطانيا.
- الاتحاد الفعلي: ويُسمّى بالاتحاد الحقيقي، وهو الاتحاد الذي يقوم بين دولتين أو أكثر، بحيث تحتفظ كل دولها بسيادتها الداخليّة، وتشريعاتها، وحكومتها، ودستورها، بينما تتشارك كلٌّ من الدول في السياسة الخارجية والدبلوماسية، بحيث تفقد الدولة المنتسبة لمثل هذا الاتحاد الشخصيّة الدوليّة، ومن الأمثلة على هذا النوع من الاتحاد: اتحاد النمسا، والمجر الحقيقيّ في الفترة 1876-1918م، والاتحاد الحقيقيّ بين النرويج والسويد في الفترة 1815-1905م.
- الاتحاد الكونفدرالي: ويُسمّى بالاتحاد التعاهدي، وهو الاتحاد الذي ينشأ بين دولتين أو أكثر بحيث يتم إنشاء هيئة ممثّلة للاتحاد، تُسمّى الهيئة الاتحاديّة، تكون مهمتها تنفيذ العديد من المصالح المشتركة بين الدول المشاركة كالدفاع عن بعضها البعض في أوقات الحرب، بالإضافة إلى تحقيق مصالح اقتصاديّة خاصّة، ومن الأمثلة على مثل هذا الاتحاد: اتحاد الجمهوريّات العربيّة، بين كل من سوريا، ومصر، وليبيا في الفترة 1971-1973م، وجامعة الدول العربيّة التي نشأت منذ العام 1945م، ومجلس التعاون الخليجي.
- الاتحاد الفيدرالي: ويُسمّى بالاتحاد المركزي، وهو الاتحاد الذي يتكوّن من دولتين أو أكثر، بحسب دستور دائم ينص على وجود نوعين من السلطات هما: السلطات المركزيّة الاتحاديّة، وسلطات الدول والأقاليم، وتكون سيادة الدولة المتحدة مقيّدة بسيادة الاتحاد، بحيث تتخلّى الدولة عن الشخصيّة الدوليّة لشخصيّة دوليّة جديدة، بالإضافة إلى وجوب الالتزام بقوانين الدولة الفيدرالية، وإظهار الطاعة والولاء لها. ومن الأمثلة على هذا النوع من الاتحاد: دولة الإمارات العربية المتحدة منذ العام 1971م، والمكسيك منذ العام 1971م، وإندونيسيا منذ العام 1949م، والنمسا منذ العام 1920.
أنظمة الحكم حسب استلام رئيس الدولة مقاليد الحكم
تقسم أنظمة الحكم في الدولة حسب تسلّم رئيس الدولة مقاليد الحكم إلى:[1]
- النظام الملكي: وهو النظام الذي يتسلم فيه شخص محدّد رئاسة الدولة بالوراثة، مع وجود دستور للدولة يحدد الشروط الواجب توفرها في الشخص حتى يصبح ملكاً.
- النظام الجمهوري: وهو النظام الذي يحكم فيه شخص محدد الدولة عن طريق الانتخاب، بوجود دستور محدد يوضّح شروط الشخص المرشّح، وأسلوب الانتخاب.
أنظمة الحكم حسب طريقة تولي السلطة
تُقسّم أنظمة الحكم حسب طريقة تولّي رئيس الدولة السلطة إلى:[4]
- نظام الحكم الديكتاتوري: في هذا النظام يتم احتكار جميع السلطات في يد شخص واحد أو سلطة محددة، حيث لا يسمح بالتعدّد السياسيّ والحزبيّ في هذه الدولة.
- نظام الحكم الديمقراطي: وهو النظام الذي يعتمد على مشاركة مواطني الدولة في مختلف شؤونها، ويشمل نظام الحكم الديمقراطي ثلاثة أنواع هي:
- نظام الحكم الديمقراطي المباشر: في هذا النظام يحكم الشعب نفسه بنفسه، عن طريق تحديد اجتماعات عامّة يحضر فيها جميع أفراد الدولة لتتم مناقشة مختلف أمورها، وقد طُبّق هذا النظام في مدينة أثينا اليونانيّة قديماً.
- نظام الحكم الديمقراطي شبة المباشر: في هذا النظام يشارك الشعب في أمور الدولة بالتعاون مع ممثّلي البرلمان، من خلال الاستفتاء الشعبي في الأمور السياسيّة والتشريعيّة، أو الاعتراض الشعبيّ في القوانين التي تصدرها السلطة التشريعيّة، أو الاقتراح الشعبي لقوانين محددة.
- نظام الحكم الديمقراطي غير المباشر: وهو النظام الذي ينتخب فيه المواطنون نوّاباً يمارسون السلطات نيابة عنهم.
أنظمة الحكم حسب العلاقة بين السلطات
تتمثل عملية الحكم في سلطات ثلاث في: السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، وتتنوّع أنظمة الحكم المتبعة حسب العلاقة بين هذه السلطات إلى:[1]
- نظام الحكم المجلسي: ويُسمّى بنظام حكومة الجمعيّة، ويقوم هذا النظام بتولي البرلمان مهام السلطة التشريعيّة، وأن تكون السلطة التنفيذية تابعة للبرلمان، ومن الأمثلة على الدول التي تتخذ من النظام المجلسي نظام حكم لها: سويسرا.
- النظام الرئاسي: وهو النظام الذي يَعتبر السلطة التنفيذية أقوى من السلطة التشريعية، ويقوم هذا النظام على انتخاب رئيس يجمع بين كل من رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة المنبثقة عنها، بالإضافة إلى الفصل بين السلطات الثلاث، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا من الأمثلة على الدول المتّخذة لهذا النظام نظام حكم لها.
- النظام البرلماني: وهو النظام الذي يقوم على أساس الموازنة بين السلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة، حيث إنّ لكل من البرلمان والحكومة الحق في إسقاط الأخرى، ومن الأمثلة على الدول المتخذة لهذا النظام: بريطانيا.
المراجع
- ^ أ ب ت ث عبدالإله بلقزيز (2008)، الدولة والمجتمع، بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، صفحة 16. بتصرّف.
- ^ أ ب قحطان الحمداني (2004)، الأساس في العلوم السياسية (الطبعة الأولى)، الأردن: دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، صفحة 217. بتصرّف.
- ↑ قائد رمدان (2013)، الدولة الاتحادية والدولة البسيطة والتجربة الدستورية فــي اليمن، صفحة 2. بتصرّف.
- ↑ نعيمة شومان (2011)، المجتمع والدولة (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفارابي، صفحة 41. بتصرّف.