ابيات في الحكمة
أبياتٌ شعر في الحكمة قمت بجَمَعْها من بعض أشعارِ أبي الطَّيِّب المُتنبِّي، إذ أنّ معظم أشعاره احتوت حكماً ومواعظ كثيرة ومن أجملها:
نَبْكِي عَلَى الدُّنْيَا وَمَا مِن مَعْشَرٍ***جَمَعَتْهُمُ الدُّنْيَا فَلَمْ يَتَفَـرَّقُوا
أَيْنَ الأَكَاسِرَةُ الْجَبَابِرَةُ الأُلَى***كَنَزُوا الكُنوزَ فَمَا بَقِينَ وَلا بَقُوا
مِن كُلِّ مَن ضَاقَ الفَضاءُ بِجَيْشِهِ***حَتَّى ثَوَى فَحَواهُ لَحْدٌ ضَيِّقُ
فَالْمَوْتُ آتٍ وَالنُّفوسُ نَفَائِسٌ***والْمَسْتَعـِزُّ بِمَا لَدَيْهِ الأَحْمَقُ
والْمَـرْءُ يَأْمُلُ والْحَيَاةُ شَهِيَّةٌ***وَالشَّيْبُ أَوْقَـرُ والشَّبيبةُ أنزَقُ
إذَا غَامَـرْتَ فِي شَرَفٍ مَّرُومِ***فَلا تَقْنَعْ بِمَا دُونَ النُّجُومِ
فَطَعْمُ الْمَوْتِ فِي أَمْرٍ حَقٍيرٍ***كَطَعْمِ الْمَوْتِ فِي أَمْرٍ عَظِيمِ
يَرَى الْْجُبَنَـاءُ أنَّ الْعَجْزَ عَقْلٌ***وَتِلْكَ خَدِيعَةُ الطَّبْعِ اللَّئيمِ
وَكُلُّ شَجَاعةٍ فِي الْمَرْءِ تُغْنِي***وَلا مِثْلَ الشَّجَاعَةِ فِي الْحَكِيمِ
وَكَمْ مِّنْ عَائِبٍ قَوْلًا صَحِيحًا***وَآفَتُـهُ مِنَ الْفَهْمِ السَّقِيمِ
وَلَكِنْ تَأْخُـذُ الآذَانُ مِنْهُ***عَلَى قَـدَرِ القَرَائِحِ والعُلُـومِ
إنِّي لأَعْلَمُ -واللَّبيبُ خَبِيرُ***أنَّ الحيَاةَ -وَإنْ حَرَصْت- غُرُورُ
وَرَأيْتُ كُـلاًّ ما يُعَلِّلُ نَفْسَـهُ***بِتَعِلَّةٍ وَإلَـى الفَنَـاءِ يَصِيرُ
إلَى كَمْ ذَا التَّخَلُّفُ والتَّوَانِي***وَكَمْ هَذَا التَّمَادِي فِي التَّمَادِي
وَشُغْلُ النَّفْسِ عَن طَلَبِ الْمَعَالِي***بِبَيْعِ الشِّعْرِ فِي سُوقِ الكَسَادِ
وَمَا مَـاضِي الشَّبَابِ بِمُسـْتَرَدٍّ***وَلا يَـوْمٌ يَمُـرُّ بِمُسْـتَعَادِ
مَتَى لَحَظَتْ بَيَاضَ الشَّيْبِ عَيْنِي***فَقَدْ وَجَدَتْهُ مِنْهَا فِي السَّوَادِ
مَتَى مَا ازْدَدتُّ مِنْ بَعْدِ التَّناهِي***فَقَدْ وَقَعَ انتِقَاصِي فِي ازْدِيَادِي