ما هي مفاتيح الفرج
الضيق والفرج
تضيق الحياة بالإنسان، وقد تصل إلى أبعد الحدود من قهر وذلّ وعداء من الآخرين، ولكنّ دوام الحال من المحال؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى ييسّر للإنسان من يساعده بقدرته تعالى، لقوله تجلّ وعلا: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح: 5] وقد أكّد على ذلك بتوكيد لفظي بإعادة الآية القرآنية: (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح: 6]؛ ليؤكد للإنسان أنّ هناك فرج لا محالة، وهذا الفرج يأتي بطرق شتّى سنذكرها في هذا المقال.
مفاتيح الفرج
اللجوء لله سبحانه وحسن الظنّ فيه
يجدر بالمسلم أن يستعين بالله في جميع أمور حياته، خاصة إذا ما أثقل كاهله همّ أو غمّ، ولا يلجأ للعباد؛ فالله وحده القادر على كشف الضرّ، وقد أكرمه بالقرآن الكريم ليكون دستوراً ينير الطريق، فيستمدّ منه الأحكام والشرائع، ومنهاج حياته، وإنّ كشف الضرّ وذهاب البأس يتطلّب من المسلم أن يكون على يقين بأنّ الله مُعطيه ما يريد لا محالة، وأن لا يشكّ في ذلك أبداً، ففي الحديث القدسي، يروي النبي محمد عليه السلام عن ربّه: (أنا عندَ ظنِّ عبدي بي فلْيظُنَّ بي ما شاء) [صحيح ابن حبان].
الدعاء المتواصل
فالله تعالى كريم يجيب دعوة الداعي، ويعطيه مراده إذا دعاه، ففي محكم كتابه العزيز يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186]، ويمكن الدعاء في أيّ وقت، ولكن يستحبّ الإكثار من الدعاء في أوقات معيّنة من اليوم والليلة، كالدعاء في الثلث الأخير من الليل، والدعاء في السجود، فيبدأ الداعي دعاءه بحمد الله وشكره، ثم الصلاة على النبي محمد عليه السلام، ويختم دعاءه بالصلاة على النبي عليه السلام مجدداً.
الاستغفار
يحرص المسلم على استغفار ربّه عمّا ارتكبه من ذنوب أو سيئات أو معاصي، فالاستغفار يجعل من كلّ همّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ويستدلّ على ذلك من قوله تعالى: (قُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) [نوح: 10-12].
ذكر الله
ذكر الله تعالى يملأ القلب بالطمأنينة والراحة والسكينة، لقوله عزّ وجلّ: (الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ) [الرعد: 28]، فيحرص المسلم الحقّ على ذكر الله في كلّ الأوقات، فهو يخلّصه من الخوف، والتوتر، والقلق، ويشعر بقربه من الله القويّ القادر على كشف الضرّ والهمّ والضيق.
مساعدة المحتاج
إنّ مساعدة الآخرين على قضاء حوائجهم، والتيسير عليهم، وإعانتهم فيما يحتاجونه، يكون ذخراً له، يجازيه الله عليه في الدنيا والآخرة، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (من نفَّسَ عن مؤمنٍ كُربةً من كُرَبِ الدنيا ، نفَّسَ اللهُ عنه كُربةً من كُرَبِ يومِ القيامةِ. ومن يسّرَ على معسرٍ ، يسّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرةِ. ومن سترَ مسلمًا ، ستره اللهُ في الدنيا والآخرةِ. واللهُ في عونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخيه) [صحيح مسلم].
التوكل على الله
فالمسلم الذي يتوكّل على الله، جازاه الله في الدنيا والآخرة، وفرج عنه همومه، لقوله تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق: 3]، والتوكل يختلف عن التواكل، حيث إنّّ التوكل على الله سبحانه وتعالى بنيّة خالصة، والقصد من ذلك الإيمان الخالص بالله والتوكلّ عليه، وهذا يختلف عن التواكل بمعناه في اللغة، وهو إظهار التوكل على الله، والعمل بما يخالف ذلك.
بر الوالدين
فبرّ الوالدين سبب في تيسير أعماله ورزقه في الحياة الدنيا، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا) [الإسراء: 23] فجعل مرضاة الوالدين بمرتبة ثانية بعد طاعة الله سبحانه وتعالى، وسبباً من أسباب الفرج.
رد المظالم ورعاية الأمانات
إنّ الله سبحانه وتعالى أمرنا بردّ الأمانة إلى أهلها، وذلك شكل من أشكال مرضاة الله سبحانه وتعالى واتّباع تعاليمه، والتيسير على الإنسان المسلم بحفظ أمانته وصونها، ومن يسّر على مسلم يسّر الله عليه، وكفاه شرور الدنيا وأعطاه ما يسُرُّ خاطره ويريح باله، فهو مؤتمن على ما أمنه به صحبه أو أقرب الناس إليه، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: (إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا) [النساء: 58]، فتأدية الأمانة من جلّ طاعة الله سبحانه وتعالى، ومن يطع الله يكافيه على هذه الطاعة، وييسر له أمره، ويوسع له رزقه بإذنه تعالى.
تجنب الظلم ودعوة المظلوم
فالله سبحانه دعانا إلى البعد عن الظلم، فللظالم دعوة لا تردّ عند الله سبحانه وتعالى، فالإنسان الذي يظلم الناس يحاسبه الله على ظلمه، ويجازيه في الدنيا والآخرة، ففي الحديث القدسي: (يا عبادي! إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرَّمًا. فلا تظَّالموا) [صحيح مسلم]، لأنّ الظلم طريق للإنسان إلى معصية الله، ومعصية الله سبحانه تودي به إلى النار، فهذا الجزاء حريّ بالإنسان للبعد عن الظلم واقتراف المظالم، والظلم ينقسم إلى عدّة أقسام فكلّ ما يودي إلى معصية الله ظلم، فالسرقة ظلم للإنسان مسروق، والاعتداء على الآخرين وحقوقهم ظلم وجور، فأينما حلّ الظلم فهو ظلمات إلى يوم القيامة، يحاسب صانعه، ويثاب تاركه.