ما هي علامات الساعة الكبرى بالترتيب
قيام الساعة
نبّه الله -تعالى- عباده في القرآن الكريم على اقتراب قيام الساعة، وحذّرهم من الغفلة عنها، حيث قال: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ)،[1] وقد بيّن ابن كثير -رحمه الله- أن الله -تعالى- قد أخبر عن دنوّ الساعة في القرآن الكريم بصيغة الماضي؛ مما يدل على التحقيق وتأكيد الوقوع، حيث قال: (أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ)،[2] ومن الجدير بالذكر أن المراد بقيام الساعة أمران؛ الأول هو الموت، حيث تقوم قيامة الإنسان عند موته وينتقل من دار الدنيا إلى حياة البرزخ، ويكون قبره إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران، والثاني القيامة الكبرى، ودمار الكون وبعث الأرواح، وانتهاء الحياة الدنيا.[3]
وعلى الرغم من تحذير الله -تعالى- للناس بقرب قيام الساعة، إلا أن موعد قيامها من علم الغيب الذي اختص الله -تعالى- به في علم الغيب عنده، فلم يُطلع عليه أحداً من خلقه، مصداقاً لما جاء في حديث جبريل عليه السلام لمّا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الساعة، فأجابه قائلاً: (ما المسؤولُ عنها بأعلمَ مِن السائلِ)،[4] ولكن الله -تعالى- منّ على عباده أن جعل للساعة علامات تدل على قرب قيامها، وقد قسّم العلماء هذه العلامات إلى علامات صغرى، وعلامات كبرى.[3]
ترتيب علامات الساعة الكبرى
تُعرّف علامات الساعة الكبرى على أنها الأحداث التي تقارب قيام الساعة، فإذا ظهرت هذه العلامات تبعتها الساعة، وهي عشر علامات، كما ورد في الحديث الذي رُوي عن حذيفة بن أسيد الغفاري -رضي الله عنه- أنه قال: (اطَّلع النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علينا ونحن نتذاكر، فقال: ما تذاكرون؟ قالوا: نذكر الساعةَ، قال: إنها لن تقومَ حتى ترَون قبلَها عشرَ آياتٍ، فذكر الدخانَ، والدجالَ، والدابةَ، وطلوعَ الشمسِ من مغربِها، ونزولَ عيسى ابنِ مريم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويأجوجَ ومأجوجَ، وثلاثةَ خُسوفٍ: خَسفٌ بالمشرقِ، وخَسفٌ بالمغربِ، وخَسفٌ بجزيرةِ العربِ، وآخرُ ذلك نارٌ تخرج من اليمنِ، تطردُ الناسَ إلى مَحشرِهم)،[5] وروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّ أوَّلَ الآياتِ خروجًا طلوعُ الشمسِ من مغربِها وخروجُ الدابَّةِ على الناسِ ضُحًى وأيُّهما ما كانت قبل صاحبتِها فالأخرى على أثرِها قريبًا).[6][7]
أما بالنسبة لترتيب علامات الساعة الكبرى فقد اختلف فيه العلماء، فمنهم من قال أن أول علامة من علامات الساعة الكبرى هي ظهور المهدي، ومنهم من قال أن أول علامة هي ظهور المسيح الدجال، ومن هؤلاء العلماء الحافظ ابن حجر رحمه الله، حيث رجّح في كتابه فتح الباري بعد الجمع بين الروايات المختلفة أن أول العلامات العظيمة المؤذِنة بتغيير الأحوال العامة في الأرض هي ظهور المسيح الدجال، وتنتهي بموت عيسى بن مريم عليه السلام، وأول الآيات المؤذِنة بتغيير أحوال العالم العلوي طلوع الشمس من مغربها، وتنتهي بقيام الساعة، ويُرجّح أن ظهور الدابة سيكون في نفس اليوم الذي تطلع فيه الشمس من المغرب، لأن طلوع الشمس من المغرب يعني إغلاق باب التوبة، وعلى إثر ذلك تخرج الدابة لتمييز المؤمن من الكافر.[7]
وفي الحقيقة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد ذكر في الأحاديث بعض علامات الساعة مرتبة ومتتابعة ومتوالية، فلا مجال للاجتهاد أو استخدام العقل لترتيبها، حيث ذكرت تلك الأحاديث أن أول علامة خروج المسيح الدجال، ثم نزول عيسى -عليه السلام- ليقتل الدجال، ثم خروج يأجوج ومأجوج في زمن عيسى -عليه السلام- ويهلكهم الله في زمنه كذلك، وبيّن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الذي رواه حذيفة بن أسيد الغفاري أن آخر علامة من علامات الساعة الكبرى هي النار التي تحشر الناس إلى الشام، حيث قال: (وآخرُ ذلك نارٌ تخرج من اليمنِ، تطردُ الناسَ إلى مَحشرِهم)،[5] أما ما تبقّى من علامات الساعة الكبرى، وهي الدخان، وطلوع الشمس من مغربها، والدابة، والخسوفات الثلاثة فلا يستطيع أحد الجزم في ترتيبها؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يجزم بذلك.[7]
علامات الساعة الكبرى
بعد انتهاء علامات الساعة الصغرى تبدأ علامات الساعة الكبرى بالظهور، ويكون وقوعها متتالياً كل علامة تتبع التي سبقتها، مصداقاً لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (خُروجُ الآياتِ بعضُها على إِثْرِ بعضٍ، يَتَتَابَعْنَ كما تَتَابَعُ الخَرَزُ في النِّظامِ)،[8] وفيما يأتي بيان بعضها:[9]
- فتنة المسيح الدجال: وهي أول علامة من علامات الساعة الكبرى، وأعظم فتنة تمرّ على البشرية، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ من فتنة المسيح الدجال في كل صلاة، والمسيح الدجال رجل من بني آدم منحه الله -تعالى- قدرات خارقة للطبيعة ليكون فتنة للناس في آخر الزمان، ومن فتنته أنه يُمطر السماء، ويُخرج النبات من الأرض، ويصيب القحط ديار من يرفضون دعوته ويردّون أمره، وتتبعه كنوز الأرض كيعاسيب النحل، ومن أشد الأمور التي يفعلها لِيفتن الناس أنه يقتل رجلاً ثم يُحييه، وقد وصفه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنه شاب قطط الشعر، عينه طافئة، شديد السرعة كأنه غيث استدبرته الريح، ومن الجدير بالذكر أنه سيمكث في الأرض أربعين يوماً؛ يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كأسبوع، وسائر أيامه كأيامنا.
- نزول عيسى بن مريم عليه السلام: أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ثاني علامات الساعة بعد الدجال هي نزول عيسى عليه السلام، حيث ينزل عند المنارة البيضاء في دمشق واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، فيهرب الدجال عندما يسمع به، فيلحق به عيسى -عليه السلام- ويدركه عند باب اللدّ فيقتله هناك.
- خروج يأجوج ومأجوج: وهي العلامة الثالثة، فبعد مقتل المسيح الدجال، يوحي الله -تعالى- لعيسى بن مريم -عليه السلام- أنه قد خرج يأجوج ومأجوج، ويأمره بالتوجّه ومن معه من المؤمنين إلى الطور، ومن الجدير بالذكر أن يأجوج ومأجوج قبيلتين من ذرية آدم عليه السلام، بنى عليهم ذو القرنين سداً ليمنعهم من الإفساد في الأرض، بعدما اشتكى إليه الناس في ذلك الوقت من ظلمهم وفسادهم، وفي آخر الزمان يأذن الله -تعالى- لهم بالخروج، فينطلقون مسرعين، مصداقاً لقوله عز وجل: (حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ* وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ)،[10] فيقهرون الناس، ويفسدون الحرث والنسل، ولا يستطيع أحد الوقوف في وجههم، ثم يرسل الله عليهم النغف فيصيبهم في رقابهم فيهلكهم عن بكرة أبيهم.
- خروج الدابة: وردت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدل على أن خروج الدابة من علامات الساعة الكبرى، وقال الله تعالى: (إِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ)،[11] وهي من العلامات الخارقة للمألوف والتي تُنذر باقتراب الساعة.
- طلوع الشمس من مغربها: أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من أواخر علامات الساعة الكبرى طلوع الشمس من مغربها، وأن باب التوبة سيُغلق عند وقوع تلك العلامة، حيث قال: (لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ من مغربِها، فإذا طلعت فرآها النَّاسُ آمنوا أجمعون، فذلك حين: لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا).[12]
المراجع
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 1.
- ↑ سورة النحل، آية: 1.
- ^ أ ب محمود رجب حمادي الوليد (1423 هـ - 2002 م)، كشف المنن في علامات الساعة والملاحم والفتن (الطبعة الأولى)، مصر: مكتبة عباد الرحمن، صفحة 14-16. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 50، صحيح.
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، الصفحة أو الرقم: 2901، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 2941، صحيح.
- ^ أ ب ت ندا أبو أحمد، "علامات الساعة الكبرى- المسيح الدجال"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-1-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3227، صحيح.
- ↑ أحمد الزومان (20-12-2015)، "علامات الساعة الكبرى (خطبة)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-1-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 97،96.
- ↑ سورة النمل، آية: 82.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6506، صحيح.