ما هي مكارم الاخلاق
ما هي مكارم الأخلاق
تعتبر الأخلاق هي الضّامن الوحيد لاستمراريّة الحياة على سطح الكرة الأرضيّة بسلام ومودّة ومحبّة، وهي الضّامن أيضاً لاستمرار النّهضة، فانعدامها يعني الدّمار والخيبة والخسران، ليس على الإنسان فقط، بل تنعكس آثارها السّلبية على المجتمع، بل تؤدّي إلى تضرّر جميع المخلوقات والكائنات وأشكال الحياة أيضاً، وهي عملية تراكميّة بامتياز، متنوّعة مصادرها، فقد يستمد النّاس أخلاقهم من العادات والتقاليد والأعراف المتّبعة، وقد يقوّم الدّين أخلاق النّاس، منخلال إضافة الأخلاق الحميدة، ومحو الأخلاق السّيئة التي نشؤوا عليها، لهذا فالأديان ضرورية جداً للنواحي الأخلاقيّة، إضافةً إلى وظيفتها الرّئيسية الأخرى، والمتمحورة حول تعريف النّاس بخالقهم وربّهم المعبود، وكذلك فإنّ التّفاوت الأخلاقي بين النّاس موجود، نظراً لاختلاف البيئات التي ترعرعوا فيها، ونظراً أيضاً لاختلاف أهمّيتها عند النّاس، فبعض النّاس يضربون بها عرض الحائط ويعتبرونها معيقاً للطموح والتقدّم والنّجاح، فهم بذلك يدوسون على إنسانيتهم وعلى من حولهم، حتى يستطيعوا الوصول إلى أهدافهم وغاياتهم الدّنيئة الرّخيصة، والتي ستسبّب لهم ولمن حولهم الهلاك والخسران.
ولطالما عانت الحضارات والبشريّة والدّول والشّعوب من انعدام الأخلاق عند ساستها وقائديها، ومن يتولون أمورها ويديرونها، فقد أدّى ذلك إلى طحن العديد من البشر برحى الموت، وآخرها ومن أكبرها ما حدث في الحربين العالميتين الأولى والثّانية، من دمار وخراب اجتاح العالم أجمع، وقضى بسببه ملايين النّاس والبشر.
كما تتنوّع الأخلاق لتشمل العديد من الشّمائل، مثل الصّدق، والأمانة، وحبّ الغير، والحرص على النّاس، وعلى أموالهم، وحيواتهم، وممتلكاتهم، وأعراضهم، كما تشمل أيضاً الابتعاد عن الغيبة والكلام الفاحش، والإخلاص في العمل، والنّزاهة، ومكارم الأخلاق قطعاً لا يمكن عدّها ولا إحصاؤها، ولكنّ أعظم البشر أخلاقاً على الإطلاق هم الأنبياء والرسل - عليهم السّلام - فهم حازوا عليها وجمعوا الأخلاق الحسنة و ابتعدوا عن الأخلاق السّيئة، يليهم المتديّنون بصدق والعارفون بالله، وأصحاب الأرواح العظيمة، حتى لو كانوا غير متديّنين، والسّبب في اجتماع الأخلاق الحميدة مع التديّن الصّادق والعميق، هو أنّ المتديّن يسعى للوصول إلى الكمال المطلق، وكلما ارتقى أكثر في تديّنه ومعرفته بالله كلما عظمت أخلاقه، لهذا كله فالرّسل هم أعظم البشر أخلاقاً، لأنّهم أعرف النّاس بالله.
أحاديث تدعو إلى حسن الخلق
إنّ أساس هذا الدّين العظيم هو مكارم الأخلاق ومحاسنها، فقد روى البيهقي أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق "، وإنّ كلمة البرّ هي الجامعة لمعاني الدّين، قال عنه النّبي صلّى الله عليه وسلّم:" البرّ حسن الخلق "، رواه مسلم.
وقد اتصف النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - بما وصفه به الله سبحانه وتعالى، وأثنى عليه بحسن الخلق، فقال جلّ وعلا:" وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ "، القلم/4، ومن الأحاديث الواردة في حسن الخلق ـ وهي كثيرة ـ ما وراه الإمام مالك في الموطأ بلاغاً أن معاذ بن جبل قال:" آخر ما أوصاني به رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - حين وضعت رجلي في الغرز أن قال: أحسن خلقك للنّاس يا معاذ "، وروى الإمام أحمد وأصحاب السّنن أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" إنّ المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصّائم القائم ".
وقال صلّى الله عليه وسلّم:" إنّ من أحبّكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً "، رواه الترمذي، وقال صلّى الله عليه وسلّم:" ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق "، رواه أصحاب السّنن. (1)
أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم
ويقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:" إنّ الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمّد ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته "، وقال القاضي عياض:" .. وأمّا الأخلاق المكتسبة من الأخلاق الحميدة، والآداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها، وتعظيم المتصف بالخلق الواحد منها فضلا عما فوقه، وأثنى الشرع على جميعها، وأمر بها، ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها، ووصف بعضها بأنه جزء من أجزاء النبوة، وهي المسماة بحسن الخُلق، فجميعها قد كانت خلق نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ "، وقد بعث الله سبحانه وتعالى نبيّه محمّداً - صلّى الله عليه وسلّم - ليتمّم مكارم الأخلاق، وذلك لأهمّيتها للفرد والأسرة.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" إنّما بعثت لأتمّم صالح الأخلاق "، رواه أحمد، وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:" لمّا بلغ أبا ذر مبعث النّبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال لأخيه:" اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرّجل الذي يزعم أنّه نبيّ يأتيه الخبر من السّماء، واسمع من قوله ثمّ ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله، ثمّ رجع إلى أبي ذرّ، فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق "، رواه البخاري.
وأمّا عن أخلاقه العامّة فقد قال صلّى الله عليه وسلّم:" خياركم أحاسنكم أخلاقاً "، رواه الترمذي، وقال:" إنّ من أحبّكم إليّ أحسنكم أخلاقاً "، رواه البخاري. (2)
فيديو تعريفي عن الأخلاق وأهميتها
للتعرف على معنى الأخلاق وأهميتها شاهد الفيديو
المراجع
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 54751/ أحاديث نبوية تدعو إلى حسن الخلق/ 18-10-2004/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(2) بتصرّف عن فتوى رقم لأتمم مكارم الأخلاق/ 02/09/2012/ مركز المقالات/ إسلام ويب/ islamweb.net