ما هي أسباب هجرة الرسول إلى يثرب
هجرة الرسول إلى يثرب
تعدّ هجرة الرسول علي الصلاة والسلام من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة من أعظم الأحداث التاريخية، التي فصلت بين المرحلة المكية والمرحلة المدنية من الدعوة، مما جعلها تغيّر تاريخ الأمة الإسلامية ورسالة الإسلام، وتبيّن معاني التضحية والبذل والعطاء والتحمّل والصبر والأخوّة بين المسلمين، والتوكّل على الله تعالى، ممّا أدى إلى تحقيق النصر للإسلام والمسلمين، وإقامة الدولة الإسلامية الحقّة، حيث قال الله تعالى: (إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّـهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّـهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّـهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّـهِ هِيَ العُليا وَاللَّـهُ عَزيزٌ حَكيمٌ)،[1] فكانت الهجرة بعد أذنٍ من الله تعالى لرسوله، فهاجر عندما كانت قريش تُحيك خطة للقضاء عليه، في ليلة السابع والعشرين من شهر صفر من السنة الرابعة عشر من البعثة، بعد أن ذهب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه في بيته ظهراً متخفيّاً، فأخبره بأمر هجرته، فتمنّى أبو بكر أن يرافقه، واستأذنه في ذلك، فأذن له.[2]
بعد ذلك، جهّز أبو بكر راحلتين لهما، واستان بعبد الله بن أريقط الديلي، وكان مشركاً ويعرف بالطريق، واتفق مع على اللقاء في غار ثور بعد ثلاثة ليالٍ، وجهزتا عائشة وأسماء رضي الله عنهما المؤونة لهما، وجعلت أسماء نظاقها جزأين، ووضعت الطعام فيه، فأطلق عليها ذات النطاقين، وأمر الرسول عليه الصلاة والسلام علياً رضي الله عنه بالنوم في فراشه، ويؤدي الودائع والأمانات إلى أهلها، وكان خروج الرسول وأبي بكر من باب خلفيّ لبيت الرسول، قبل طلوع الفجر، وسلكا الطريق المخالف للطريق المعروف لدى قريش الموصل إلى المدينة المنورة، فسلك الطريق الجنوبي لمكة، حتى وصلا إلى جبل ثور.[2]
أسباب هجرة الرسول إلى يثرب
كان الرسول عليه الصلاة والسلام عالماً بخروجه من مكة المكرمة، فكانت الهجرة الأولى للمسلمين إلى الحبشة تمثّلت بهجرة عشرة رجال، وخمس نساء، ثمّ تبعتها هجرة ثانية إلى الحبشة أيضاً، هاجر فيها بضع وثمانين من المسلمين، وكانت الهجرة الثالثة إلى يثرب، التي كانت بسبب العديد من الأمور التي تسبّبت بإلحاق الأذى بالمسلمين وبدعوة الإسلام، وفيما يأتي بيان بعض أسباب الهجرة إلى يثرب:[3]
- رفض مكة المكرمة للدعوة، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان شديد الحرص على دعوة قومه إلى الإسلام، وساعياً إلى تحقيق الإيمان في قلوبهم، بجميع وسائل وطرق اللطف واللين، وبالحكمة والموعظة الحسنة، حيث قال الله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)،[4] ورغم ذلك لم تتقبّل قريش الدعوة، وحاربت الرسول، مما جعل الرسول يبحث عن مكان آخر يتقبّل الدعوة، فكانت يثرب.
- استعداد يثرب لقبول دعوة الإسلام ورسالته، وذلك بعد أن اجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم بوفد يتكوّن من ستة أشخاص من قبيلة الخزرج قادمين من المدينة عند العقبة، وكان قدومهم في موسم الحج، وكانوا جيراناً ليهود المدينة، الذين كانوا يتكلّمون بإرسال الله تعالى لرسول حان زمانه، فىمنوا بمحمدٍ واتبعوه، وعادوا إلى المدينو المنورة دعاةً إلى الإسلام، فانتشر بينهم، حتى دخل كل بيوت المدينة، وفي العام الذي يليه ذهب اثنا عشر رجلاً من المدينة إلى مكة المكرمة، وكانوا من الأوس والخزرج، خمسةً منهم حضروا الحادثة الأولى، فبايعوا الرسول، وأرسل معهم عبد الله بن أم مكتوم ومصعب بن عمير، لتعليم أهل المدينة القرآن وأمور الإسلام، وكل ما سبق من الأسباب التي هيأت المدينة المنورة لاستقبال الدعوة ورسولها.
- تعرّض الرسول عليه الصلاة والسلام لصنوف الأذى والإساءة المختلفة، فعلمت قريش وسعيت سعياً شديداً لإخماد نور دعوة الرسول، والقضاء عليه، بكلامهم وأفعالهم، واتّهموم بالسحر والشعر والجنون، حتى وصل بهم الحال إلى التخطيط لقتله، فأشار عليهم أبو جهل باجتماع شاب من كل قبيلة، ليضربوا الرسول ضربة رجل واحد، ليتفرّق دمه بين القبائل، فلا يستطيع بنو عبد مناف على الثأر للرسول، إلا أن الله تعالى أنجاه منهم ومن مكرهم.
- تعذيب المؤمنين والمسليمن، وإيذائهم، والإساءة لهم، فلم يكن للمؤمنين من أحد يحميهم ويشدّ من قوتهم، ويدافع عنهم، مما جعلهم يبحثون عن مكان يأمنون فيه على دينهم.
- الحاجة لإقامة دولة إسلامية، وبالدولة الإسلامية تتحقّق عالمية رسالة الإسلام، ضمن نظام سياسي واجتماعي وعسكري يحقّق الحماية والأمان للدعوة ورسالة الإسلام، وتضمن انتشارها، وتحمي أتباعها.
دروس وعبر من هجرة الرسول إلى يثرب
تضمّنت الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة العديد من الدروس والعبر المستفادة من العديد من الأحداث التي رافقت الرسول في هجرته، وفيما يأتي بيان البعض منها:[5]
- بيان اهمية التوكّل على الله تعالى، والاستعانة به في جميع الأمور، حيث روى الإمام مسلم في صحيحه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: (نظرتُ إلى أقدامِ المشركين على رؤوسِنا ونحن في الغارِ . فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ! لو أنَّ أحدَهم نظر إلى قدمَيه أبصَرَنا تحت قدمَيه . فقال " يا أبا بكرٍ ! ما ظنُّك باثنَين اللهُ ثالثُهما)،[6] وقال النووي في ذلك: ( وفيه بيان عظيم توكل النبي ـصلى الله عليه وسلم- حتى في هذا المقام، وفيه فضيلة لأبي بكر ـرضي الله عنه- وهي من أجَّل مناقبه).
- أهمية الأخذ بالأسباب والاحتياطات اللازمة، وذلك ما كان من النبي عليه الصلاة والسلام الذي تمثّل بالتخفّي عن المشركين، والحرص على الصحبة، وأخذ الزاد، وتأمين وسيلة النقل والطريق، والتخطيط الدقيق للأمور.
المراجع
- ↑ سورة التوبة، آية: 40.
- ^ أ ب "الهجرة النبوية الشريفة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-11-2018. بتصرّف.
- ↑ "أسباب ونتائج الهجرة النبوية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-11-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 256.
- ↑ "دروس ومعجزات على طريق الهجرة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-11-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم: 2381، صحيح.