تُعدّ عملية التسنين (بالإنجليزية: Teething) جزءاً لا يتجزأ من النمو الطبيعي للطفل، وتتمثّل باندفاع الأسنان اللبنية عبر اللثة لتجد طريقها نحو الخارج، وعادة ما تبدأ عملية التسنين خلال الفترة العمرية التي تتراوح ما بين ستة إلى تسعة أشهر من عمر الطفل، وقد يختلف وقت التسنين من طفل إلى آخر، فمن الممكن أن تبدأ مرحلة التسنين قبل ذلك العمر أو بعده، وعادةً ما تكتمل عملية التسنين ببلوغ الطفل سنيتن ونصف إلى ثلاث سنوات من العمر،[1] وتجدر الإشارة إلى أنّ الأسنان الأمامية السفلية المعروفة بالقواطع المركزية (بالإنجليزية: Central Incisors) هي أول الأسنان ظهوراً في العادة، وتتبعها الأسنان الأربعة العلوية المعروفة بالقواطع المركزية والجانبية بعد ما يقارب أربعة إلى ثمانية أسابيع، وبعد ذلك بفترة شهر تقريباً تبدأ القواطع الجانبية السفلية بالظهور، ومن ثم يظهر أول ضرس (طاحونة)، وإنّ الأضراس أسناناً خلفية تساعد على مضغ الطعام، ويلي ظهور الأضراس ظهور الأنياب (بالإنجليزية: Eyeteeth)، وهي الأسنان المدببة التي تنمو في الفك العلوي، ثمّ يكتمل عشرون سنّاً من الأسنان الأساسية للطفل مع إتمامه العام الثالث من العمر في الغالب،[2] والجدير بالعلم أنّ مرحلة التسنين قد يصحبها ظهور مجموعة من الأعراض، ومن الأخبار الجيدة أنّ هذه الأعراض عادة ما يمكن السيطرة عليها بالالتزام ببعض النصائح والتعليمات من قبل الوالدين في المنزل.[3]
تُعد مرحلة التسنين من المراحل المهمّة في حياة الطفل، وقد ترافقها العديد من الأعراض والعلامات، ولكن في حالات قليلة من الممكن ألّا يرافق مرحلة التسنين ظهور أي أعراض ملحوظة على الطفل، وفيما يأتي بيان أهم الأعراض والعلامات التي من الممكن أن تظهر على الأطفال في هذه المرحلة:[4]
عادة ما يبدأ سيلان اللعاب (التروييل) ببلوغ الرضيع الشهر الثاني من العمر، وذلك بسبب بدء الغدد اللعابية بأداء وظائفها، ولأنّ الأطفال في هذا العمر لا يملكون القدرة على التحكم بعضلات الرقبة، وكذلك لا يملكون أسنانًا تساعدهم على إبقاء اللعاب في الفم؛ فإنّ هذا كله يُسفر عن خروج اللعاب من الفم، وتُعرف هذه الحالة بسيلان اللعاب، والجدير بالعلم أنّه توجد بعض الحالات التي يكون فيها سيلان اللعاب أكثر من الحد الطبيعيّ، وتُعدّ عملية التسنين من أكثر الأسباب التي تكمن وراء فرط سيلان اللعاب، فقد تبيّن أنّ سيلان اللعاب هو أول علامات التسنين ظهورًا في الغالب،[5] ولكن تجدر الإشارة إلى أنّ سيلان اللعاب المصحوب بظهور علامات المرض على الطفل قد يدل على وجود مشكلة تستدعي مراجعة الطبيب المختص؛ فقد تكون هذه العلامات دليلًا على مواجهة الطفل صعوبة في البلع.[6]
من الأعراض التي قد ترتبط بالتسنين لدى الأطفال أيضًا احمرار اللثة وشعور الطفل بألم فيها وخاصة عند لمسها بشكل مباشر أو غير مباشر،[7]ومن الممكن أن يحدث انتفاخ في موضع ظهور السنّ أيضًا.[8]
يُعبّر الطفل عن انزعاجه بالبكاء أو الانفعال في المرحلة العمرية التي لا يكون فيها قادرًا على الكلام، فقد يبكي أو ينفعل عند شعوره بالجوع، أو العطش، أو النعاس، وكذلك عند شعوره بالحر أو البرد الشديدين،[9] وكذلك من الممكن أن يبكي الطفل في مرحلة التسنين؛ وتتراوح شدة البكاء بين الأطفال عند بدء هذه العملية لاختلاف شدة الألم الذي يُصيب اللثة لديهم، ومن الجدير بالذكر أنّ أول الأسنان ظهورًا هو الأكثر إيلامًا لهم في العادة، وكذلك قد يشعر الطفل بالضجر أو تبدو عليه ملامح الانفعال خلال عملية التسنين، وقد تستمر هذه الأعراض لبضع ساعات فقط، أو قد تحدث لعدة أيام أو حتى بضعة أسابيع.[10]
قد تتسبب مرحلة التسنين بحدوث اضطرابات ومشاكل في النوم لدى الطفل، فقد يؤدي الألم الناتج عن التسنين إلى إيقاظ الطفل ليلاً، الأمر الذي يدفع بعض الأهالي إلى تغيير روتين نوم الطفل المعتاد بما يتناسب مع وضعه في تلك الفترة، ويجدر التنبيه إلى أنّ هذا التصرف يزيد المشكلة سوءًا، ولكن يجدر بالذكر أنّ اضطراب نوم الطفل قد لا يكون مرتبطًا بالتسنين؛ فقد تبيّن أنّه في العمر الذي يبدأ فيه الطفل بالحركة والنشاط تبدأ اضطرابات النوم كذلك، ويُلاحظ أنّ الأطفال الأكثر نشاطًا هم الأكثر عُرضة للمعاناة من اضطرابات النوم التي قد تتمثل بصعوبة نوم الطفل أو صعوبة بقائه نائمًا.[11][12]
قد يتسبب التسنين بفقدان الشهية لدى الطفل، وعادة ما يستمر هذا العرض لمدة أسبوعين، ويُعزى فقدان الشهية في هذه الحالة إلى الألم الذي يُسببه السن في فترة بروزه من اللثة، وإنّ أكثر ما يُلاحظ انزعاج الطفل عند تناول الطعام أو الشرب بواسطة الرضّاعة، ولكن عادة ما يستعيد الطفل شهيته خلال أسبوعين من ظهور السنّ على أقصى تقدير.[13]
قد يشعر الطفل بألم في اللثة أثناء مرحلة التسنين كما بيّنّا، وقد ينتقل هذا الألم ليصل إلى منطقتي الخد والأذن، ونتيجة لذلك قد يفرك الطفل خده أو يشدّ أذنه، ولكن يجدر التنبيه إلى أنّ شدّ الأذن قد يكون علامة على انزعاج الطفل منها كما هو الحال عند إصابته بالتهاب الأذن، وللذك تجدر مراجعة الطبيب في حال رافق شد الأذن حدوث الحُمّى أو في حال استمرار هذه الأعراض.[14]
بالاستناد إلى نتائج الدراسة المُجراة في شهر شباط لعام 2016 م بعنوان أعراض وعلامات ظهور الأسنان الأولية، وتحت إشراف الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (بالإنجليزية: American Academy of Pediatrics)، تبيّن أنّ الارتفاع البسيط في درجة حرارة الطفل قد يُرافق عملية التسنين، ولكن عادة لا يكون الارتفاع حادًا إلى درجة اعتباره حُمّى، وعليه يمكن القول إنّ الارتفاع البسيط في درجة حرارة الطفل خلال عملية التسنين لا يستدعي القلق، ولكنّ الارتفاع الشديد قد يدل على وجود مرض أو مشكلة صحية معينة،[15] ولتقييم درجة حرارة الطفل، يجدر بيان درجات الحرارة الطبيعية بحسب موضع القياس للأطفال دون السنة الثالثة من العمر كما يأتي:[16]
في سياق الحديث عن أعراض وعلامات التسنين عند الأطفال تجدر الإشارة إلى أنّ بعض الأعراض قد يُعتقد أنّها ترتبط بالتسنين، وفي الحقيقة لا علاقة لها بالتسنين، ومن هذه الأعراض: الإسهال، والسعال، والتقيؤ، وسيلان الأنف (بالإنجليزية: Runny Nose)، وظهور طفح جلدي على جسم الطفل، والحُمّى الشديدة.[17]
توجد مجموعة من الخيارات التي يمكن اللجوء إليها لتخفيف الألم المصاحب للتسنين وغيره من الأعراض، ولكن يجدر التنبيه إلى أنّ الخيار الفعّال لطفل لا يُشترط أن يكون فعالًا لبقية الأطفال، إذ يتفاوت الأطفال في الاستجابة للخيارات المتاحة،[18] ومن النصائح والخيارات التي يمكن اللجوء إليها لتخفيف أعراض التسنين ما يأتي:
على الرغم من اعتبار عملية التسنين جزءًا من نمو الطفل، ولا تستدعي القلق في العادة، إلا أنّه توجد بعض الحالات التي تستدعي مراجعة الطبيب، نذكر منها ما يأتي:[22]
من الضروري البدء بتنظيف الفم واللثة للطفل حتى قبل بروز الأسنان، وذلك تجنبًا للمشاكل التي قد تُصيب اللثة والأسنان، مثل التسوس؛ حيث إنّ تسوّس الأسنان يزيد من فرصة تساقط أسنان الطفل اللبنية قبل الموعد الطبيعي لذلك، وقبل جاهزية الأسنان الدائمة للبروز، وقد يؤدي هذا التساقط إلى تجمُّع الأسنان اللبنية المتبقية لمحاولة سدّ الثغرات التي سببها هذا التساقط، وبروز الأسنان الدائمة في غير مكانها وشكلها الصحيحين، وفيما يأتي نذكر بعض النصائح والإرشادات التي يمكن اتباعها للمحافظة على صحة فم الطفل:[23][2]