ما هي علامات الساعة الصغرى
علامات الساعة
إنّ علامات السّاعة أو أشراط السّاعة هي الأحداثُ التي تَقع قبل قيام السّاعة وتُشير إلى اقترابها، والسّاعة هي الوقت الذي تَقوم فيه القيامة. علامات السّاعة من الأمور الغيبيّة التي لا يُمكن أن يعرفها أحدٌ من الناس إطلاقاً، إلا أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أشار في العديد من المواضع وذكر في الكثير من النصوص بعض العلامات الصغرى والكبرى التي تُشير إلى قرب وقوع الساعة، ومن تلك العلاماتِ الصّغرى ما ظهَر وانقَضَى ومنذ عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنها ما ظَهَر وما زالَ ظاهراً أو أنّ ظهورَها مُتجدّدٌ وربما تعود وتقع بعضها من جديد، ومنها ما لم تَظهر حتّى الآن.
علامات الساعة الصغرى
قسَّم العلماء علامات الساعة الصغرى حسب ظهورها إلى عدة أقسام، فقسمٌ منها قد ظهر فعلاً وانقضى وعاينه الناس وسمعوا به، وقسمٌ حدث وما يزال حدوثه مستمرّاً حتى الآن، ومنها ما لم يأتِ بعد، وبيان ذلك على النّحو الآتي:
علامات الساعة الصغرى التي وقعت
يُقصد بها العلامات التي وَقَعت فعلاً وعايَنها الناس أو سمعوا بها ممّن عايَنها، وهذه العلامات لن يَتكرّر وقوعها مرّةً أخرى؛ كانفلاق القمر في زمن سيّدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وهذه العلامات كثيرة يصعب حصرها، ومن أهمّها:[1]
- بعثة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - ووفاته: حيث قال المصطفى - عليه الصّلاة والسّلام - في الصحيح بهذا الخصوص: (بعثتُ أنا والساعةُ كهاتينِ قال شعبةُ وسمعتُ قتادةَ يقولُ في قصَصِه كفضلِ إحداهُما على الأخرى)،[2]
- انشقاق القمر في زمن النبي: حيث عاين أهل مكة وما يجاورها حادثةً فرديّةً جاءت للتدليل على صدقِ نُبوّةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي حادثة انشقاق القمر الذي رأوه قد انفلق إلى شطرين، وظهر كل شطرٍ منهما على جبل. قال تعالى في سورة القمر: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ).[3]
- نار في الحجاز تُضاء لها أعناق الإبل ببُصرى الشام: مِن علامات الساعة الصغرى التي حدثت والتي أخبر عنها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خروج نارٍ في الحجاز تُضيء لها أعناق الإبل بالشام، وفي الحديث: (لا تقومُ الساعةُ حتى تخرجَ نارٌ من أرضِ الحجازِ، تُضيءُ أعناقَ الإبلِ ببُصْرَى).[4]
- توقّف الجزيَة والخراج: حيث إنّ منع الجزية وعدم أخذها من قبل الحُكّام يكون دَليلاً على اقتراب الساعة.
العَلامَات الصغرى التي وقعت وحدوثها مستمر
بعضُ علَاماتِ الساعة الصّغرى وقعت بالفعل وما يزال وقوعها مستمراً حتى الآن، وبعضها وَقَعت وستقعُ عدّةَ مراتٍ في المُستقبل القريب، وبيان هذه العلامات التي ظهرت وظهورها متجدّدٌ كالآتي:[1]
- الفتوحَات والحروب: فقد حدث بالفعل أن فُتحت الكثير من البلاد التي أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام - أنها ستُفتَح، وَوَقعت الكثير من المَعارك وتقع بين فترةٍ وأخرى كان النبيّ صلى الله عليه وسلم قد أشار إليها؛ فهذه الفتوحات هي من علاماتِ الساعة التي تحدُثُ باستمرار بين فترةٍ وأخرى، ومثال ذلك فتح فارس، والروم، وزوال ملك كسرى وقيصر، وغزوِ الهند، وفتح القسطنطينيّة، وفي الحديث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (ليبلُغنَّ هذا الأمرُ مبلغَ اللَّيلِ والنَّهارِ، ولا يترُكُ اللَّهُ بيتَ مدرٍ ولا وبرٍ إلَّا أدخلَهُ هذا الدِّينَ بعزِّ عزيزٍ أو بذُلِّ ذليلٍ، يعزُّ بعزِّ اللَّهِ في الإسلامِ، ويذلّ بِهِ في الكفر، وَكانَ تميمٌ الدَّاريُّ رضيَ اللَّهُ عنهُ، يقولُ: قد عَرفتُ ذلِكَ في أَهْلِ بيتي لقد أصابَ مَن أسلمَ منهمُ الخيرَ والشَّرفَ والعِزَّ، ولقد أصابَ مَن كانَ كافرًا الذُّلَّ والصَّغارَ والجِزيةَ).[5]
- إسناد الأمر إلى غيَر أهله: فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (بينما النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مجلسٍ يُحدِّثُ القومَ، جاءه أعرابيٌّ فقال : متى الساعةُ؟ فمضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحدِّثُ، فقال بعضُ القومِ: سمِع ما قال فكَرِه ما قال، وقال بعضُهم: بل لم يَسمَعْ، حتى إذ قضى حديثَه قال: أينَ - أراه - السائلُ عن الساعةِ، قال: ها أنا يا رسولَ اللهِ، قال: فإذا ضُيِّعَتِ الأمانةُ فانتظِرِ الساعةَ، قال: كيف إضاعتُها؟ قال: إذا وُسِّد الأمرُ إلى غيرِ أهلِه فانتظِرِ الساعةَ).[6]
- أن تلد الأمّة لربتها، وأن يَتطاوَل الحفَاة العراة العالة في البنيان: من عَلامات الساعة أن تَلدَ الأمة ربتها؛ أي أن تلد الأمّ المملوكة سيّدتها من مالكها صاحب الملك، وأن يَتطاوَل أهلُ البادية في البنيان فتزدهر الصحراء وتعمر بعد أن كانت قِفاراً، فعن أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه وأرضاه- قال: (بينما نحن عند رسول الله عليه الصّلاة والسّلام ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثّياب شديد سواد الشّعر، لا يُرَى عليه أثر السّفر، ولا يعرفه منّا أحد، حتى جلس إلى النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفّيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، وتُقيم الصّلاة، وتُؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال: صدقت. قال: فعجبنا له، يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتُؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لَم تَكُن تراه فإنّه يراك. قال: فأخبرني عن السّاعة، قال: ما المسؤول عَنها بأعلمَ من السّائل. قال: فأخبرني عن أمارَتها، قال: أن تلِدَ الأَمَة رَبَّتها، وأن تَرَى الحُفاة العُراة العالة رعاء الشاء يَتطاوَلون في البنيان. قال: ثم انطلق، فلبثت مليّاً، ثم قال لي: يا عمر: أتدري من السّائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنّه جبريل أتاكم يُعلّمُكم دينكم).[7]
- تداعي الأمم عَلى الأمَّة الإسلاميَّة: قال صلى الله عليه وسلم: (يُوشكُ أن تَدَاعى عليكمُ الأممُ كما تَدَاعى الأكلَةُ إلى قصعتِها)،[8]
- الخسف والقذف وَالمسخ.
- استفاضة المَال وكثرته.
- تسليم الخاصَّة: حيث إنّ الناس لا يُسلّمون إلا على من يَعرفون فقط.
- فشو التجَارة حتى تساعد الزوجة زوجها فيها وهو ما يَحصل الآن.
- قطع الأرحَام.
- اختلال المقاييس.
- ظهور شرطة يجلدون الناس بلا وجهِ حق.
العلامَات الصغرى التي لم تقع بَعدُ
للساعة علامات لم تقع ولم تَظهر بعد، ومنها:[1]
- أن تعود جزيرة العَرب جنَّاتٍ وَأنهاراً: وذلك يرجع لعدة أسباب هي: أن يحفِرَ سكّان جَزيرةِ العربِ الآبارَ ممّا يؤدّي إلى استِصلاحِها وظهور الأنهار فيها وجعلها خَضراءَ مُزدهرة، أو أن السبب يَرجع إلى تَغيّر المُناخ في تلك المنطقة وهو الراجح؛ حيث إنّ تغيًّر المناخ أيضاً علامةٌ من علَامات الساعة الصغرى؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ وَيَفِيضَ حَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بِزَكَاةِ مَالِهِ، فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهَا مِنْهُ وَحَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا)[9]
- أن يفيض المال ويكثر حتى لا يجد من يقبل زكاة المال: وذلك لكثرة الغِنى وانتشار المال والزهد فيه، حيث ورد من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم في الصحيح ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ وَيَفِيضَ حَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بِزَكَاةِ مَالِهِ، فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهَا مِنْهُ وَحَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا)[9]
- انتفَاخ الأهلّة وكِبَر حجمها: من علامات الساعة التي لم تحدث بعد، والتي جاء ذكرها فيما صحَّ نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يُرى الهلال بحجم أكبر من حجمه الطبيعي عند أول خروجه، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مِن اقْتِرابِ السَّاعَةِ انتِفَاخُ الأهِلَّةِ)،[10]
- تكليم السّبَاع والجمَاد الإنسَ، وتكليم الرجل لشراك نعله وسوطه وفخذه: وذلك لما روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري، قال: (بينما راعٍ يرعى بالحَرَّة، إذا عرَضَ ذئبٌ لشاة من شياهِه، فحال الرَّاعي بين الذِّئب ِوالشاة، فأقعى الذئبُ على ذَنَبه، ثم قال للراعي: ألا تتَّقي الله، تحولُ بيني وبين رزقٍ ساقه الله إليَّ، فقال الراعي: العجَبُ من ذئبٍ مُقْعٍ على ذَنَبِه يتكلَّمُ بكلام الإنسِ، فقال الذئب: ألا أحَدِّثُك بأعجَبَ مني؛ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين الحرَّتَينِ يحَدِّث الناسَ بأنباءِ ما قد سبق، فساق الراعي شاءَه حتى أتى المدينةَ، فزوى إلى زاويةٍ من زواياها، ثم دخل على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فحَدَّثَه بحديث الذئب، فخرج رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى النَّاس، فقال للراعي: قُم فأخبِرْهم، قال: فأخبَرَ الناس بما قال الذئب، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: صدَقَ الراعي، ألَا إنَّه من أشراط الساعة كلامُ السِّباعِ للإنسِ، والذي نفسي بيده، لا تقوم الساعةُ حتى تكَلِّمَ السِّباعُ الإنسَ، ويكَلِّمَ الرَّجلَ شِراكُ نَعْلِه، وعَذَبةُ سَوطِه، ويُخبِرُه فَخِذُه بما أحدَثَ أهلُه بَعْدَه).[11]
- انحسَار الفرات عَن جَبل من ذهَب: فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هُريرةَ رَضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا)،[12] ومعنى انحسار الفرات: أن ينفد ماءه وينضب، وتظهر من جوفه الكنوز والجَواهر الثّمينة، وربّما يَكون انحسارُهُ يعني تحوّل مجراهُ إلى موضعٍ آخر، فيكشف نهر الفرات أثناء تحوّله جبلاً من الذهب في طريقه؛ وذلك إمّا لكونه موجوداً تحته، أو لأنه يُزيحُ ما في طريقه من علاماتٍ يَظهر بزوالها جبلٌ من ذهب.
- أن تخرج الأرضِ كنوزَهَا المخبوءة: روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (تَقِيءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ فَيَقُولُ فِي هَذَا قَتَلْتُ وَيَجِيءُ الْقَاطِعُ فَيَقُولُ فِي هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي، وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُولُ فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا)،[13] فإنَّ من علامات الساعة أن تظهر الأرض الكنوز المدفونة فيها فيَكثر المال ويَظهر الغنى، فيَزهَد الناس في تلك الكنوز حتى إنّهم يَمرّون عليها ولا يَلمسون منها شيئاً.
المراجع
- ^ أ ب ت محمد صالح المنجد (30/6/2008)، "ما هي علامات الساعة الصغرى التي لم تقع إلى الآن"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2017. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2951.
- ↑ سورة القمر، آية: 1-2.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7118.
- ↑ رواه الحاكم، في المستدرك، عن تميم الداري، الصفحة أو الرقم: 5/615، صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرِّجاه.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 59.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 8.
- ↑ رواه الذهبي، في ميزان الاعتدال، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم: 2/295، يؤخذ به.
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 157.
- ↑ رواه الطبراني، في المعجم الكبير، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 10 / 198، صحيح.
- ↑ رواه البيهقي، في دلائل النبوة، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 6/41، إسناده صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7119، متفقٌ عليه.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1013.