للصلاة في الإسلام شأنٌ عَظيم، انفرَدَت به عن سائِرِ العِبادات، والأعمال الصالحة؛ فقد سَمَّى اللهُ سبحانَه وتعالى الصلاة إيماناً، فقال في كتابه العزيز: (.. وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ) [1] وقد خصّها بالذكر تمييزاً لها من بَين شَرائع الإسلام، وأمَرَ نبيَّه صلّى الله عليه وسلم بالاصطبار عليها.[2]
قيل السُنن هي: الأعمال والأفعال التي يقوم بها المسلم على غير سَبيلِ الإلزامِ؛ حيث إنّه إن فَعَلَها وقام بها نالَ الأجرَ والثوابَ من اللهِ سبحانه وتعالى، وإن تَرَكها ولَم يَفعلها لا يُعاقبُ على تَركه لها.[5]
تُعرّف الصّلاةُ في اللغة بالدعاء، أمّا في اصطلِاح الفقهاء فهي: أقوال وأفعالٌ مَخصوصة يقوم بها المُسلم في أوقاتٍ مَخصوصة، يَفتتحها بالتّكبير، ويَختَتمها بالتسليم. [6]
قسّم جُمهور الفُقهاء من الحنفيّة، والشافعية، والمالكية، والحنابلة سُنن الصّلاة حسب تَأكّدها وعَدمه، وحسب ما يَترتّب على تركِها إلى قسمين؛ حيث قسّمها الحَنفيّة إلى سُنن وآداب؛ فالسُّنن عندَهم هي السنّة المُؤكّدة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والتي واظَبَ على فعلها، وواظَب عليها الصّحابةُ رضوان الله عليهم، فهذه السُنن إذا أصرّ المُسلم على تركها أثِم، أمّا الآداب فهي السنن غير المؤكّدة، أمّا الشافعيّة فقسّموها إلى أبعاض وهي السُّنن التي تُجبر بسجود السهو، سواءً تركَها المُصلّي عمداً أو سهواً، وهيئات؛ وهيَ الّتي لا تُجبَر، أمّا المالكيّةُ فقسّموها إلى سُنَنٍ ومندوبات؛ السنن هي السُنن المؤكّدة، والمندوبات السُنن غير المؤكدة، أمّا فقهاء الحنابلة فقسّموا السُنن باعتبار القول والفعلِ إلى سُنن أقوال، وسُنن أفعال وهيئات. [7]
اتّفقَ الفُقهاء على أنّ رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام سنة، ولكنّهم اختَلفوا في كيفيّة رفع اليدين؛ فذهب الحنفيّةُ إلى أنّ اليدين تكونان في مُحاذاة الأذنين، ويكون اتّجاه بطني الكفين مُحاذياً لاتّجاه القبلة، وتكون الأصابع مَنشورةً ومرفوعة، ورفع اليدين يكون قبل التكبير، أمّا المالكيّةُ فرفعُ اليدين عندهم يكون حذو المَنكبين على المشهور عندهم، وقيل الرفع يكون حذو الأُذنين، وقيل حذو الصدر، أمّا الشافعية فالرّفع عِندهم يكون حذوَ المنكبين، أمّا الحنابلة فالرفع عندهم أن يَرفع المُصلّي يديه بمحاذاة منكبيه برؤوسهما، ويستقبل ببطني يديه القبلة.[7]
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة إلى أنّ وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى من سنن الصلاة، أما المالكيّة فقالوا بندب الإرسال وكراهة وضع اليد اليمنى على اليسرى في صلاة الفرض، وقد اختلف الفُقهاء في كيفيّة وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى؛ فذهب الحنفية إلى التفريق بين الرجل والمرأة في الوضع فقالوا: بالنسبة للرجل فإنّه يُمسك بيَده اليُمنى رسغ اليد اليسرى؛ حيث يُحلِّق الخنصر والإبهام على الرسغ ويبسط الأصابع الثلاث، أمّا المرأة فإنها تضعُ الكفّ على الكف، ويكون مكان وضع اليدين تحت السرّة، وذهب فقهاء المالكيّة والحَنابلة إلى أنّه يقبض بيده اليمنى على كوع اليسرى، ويكون مكان وضع اليدين تحت السرّة عند الحنابلة، أما الشافعية فقالوا: يقبض المُصلّي بكف اليد اليمنى على كوع اليد اليسرى والرّسغ وبعض الساعد، ويَبسط أصابعها في عرض المفصل أو ينشرها باتجاه الساعد، ويسنّ وضع اليدين تحتَ الصدر وفوق السرّة عندهم، وهو مَذهب المالكيّة في القبضِ في صلاة النافلة. [7]
ذَهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والشافعية، والحنابلة إلى أنّ قراءة دعاء الاستفتاح من سُنن الصلاة خلافاًً للمالكيّة الذين يقولون بكراهة قراءة دعاء الاستفتاح، وكذلك الأمرُ بالنّسبة للتعوّذ بعد دعاء الاستفتاح.[7]
اتفق الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى سُنّية قراءة شيء من القرآن بعد سورة الفاتحة، أمّا فقهاء الحنفية فإنهم يقولون بوجوب قراءة سورة قصيرة أوآية طويلة في أول ركعتين من صلاة الفرض.[7][8]
اتفق الفقهاء على أنّ التأمين بعد قراءة الفاتحة سنة.[7]
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية إلى أنّ التسميع عند الرفع من الركوع، والتحميد عند الاستواء قائماً من سُنن الصلاة، أما المالكية فالتسميع فقط هو السنّة، أما التحميد فهو مندوبٌ عندهم، أما فقهاء الحنابلة فذهبوا إلى وجوب كلٍّ من التسميع والتحميد.[7]
ذهب جمهور الفقهاء (الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى أنّه يُسنّ للمُصلّي عندما يهوي إلى السجود، أن يضع ركبتيه أولاً، ثم يضع يديه، ثم يضع جبهته وأنفه، أما فقهاء المالكية فذهبوا إلى أنّه يُندب للمصلي أن يقدم يديه على ركبتيه عند النزول إلى السجود، [7][8]
إنّ الهيئة التي يُسنُّ للمُصلّي أن يتخذها في سجوده هي أن يسجد على سبعة أعضاء هي: الجبهة مع الأنف، واليدين والركبتين، والقدمين بحيث يكون مُمَكّناً جبهته وأنفه من الأرض، ويقوم بنشر أصابع يديه وهي مضمومة تجاه القبلة، ويفرق ركبتيه عن بعضهما، ويرفع بطنه عن فخذيه، ويرفع فخذيه عن ساقيه، ويجافي عضديه عن جنبيه، ويستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة.[7]
ذهب فقهاء المالكية وفقهاء الشافعية إلى أنّ التشهد الأوّل وقعوده من سُنن الصلاة، بينما ذهب فقهاء الحنفية وفقهاء الحنابلة إلى وجوبهما. [7]
ذهب فقهاء الحنفية، وفقهاء المالكية إلى سُنّية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (الصلاة الإبراهيميّة) في التشهد الأخير، ومن صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند فقهاء الحنفية هي: (اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلّيت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على براهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد)، أمّا فقهاء الشافعية والحنابلة فذهبوا إلى انّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهّد الأخير فرض.[7][9]
من السُنّة أن يدعو بما شاء من الدعاء بعد التشهّد الأخير.[7]
اختلف الفقهاء في هيئة الجلوس التي يُسنُّ للمصلي أن يجلسها في الصلاة؛ فذهب فقهاء الحنفية إلى التفريق في هيئة الجلوس بين الرجل والمرأة، فقالوا: الرجل يُسنُّ له الافتراش، أما المرأة فيُسنُّ لها التورك، وذهب فقهاء المالكية إلى أنّ هيئة الجلوس المسنونة في جميع الجلسات التي في الصلاة هي التورّك للرجل والمرأة، أما فقهاء الشافعية والحنابلة فذهبوا إلى أنّه من السُنة التورك في التشهد الأخير، والافتراش في بقية الجلسات التي في الصلاة.[7]
ذهب فقهاء الشافعية إلى أنّه من السُنّة أن يجلس المُصلّي بعد السجدة الثانية جلسةً للاستراحة في كل ركعة يقوم منها، أمّا جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة فذهبوا إلى كراهة فعلها.[7]
من السُنّة عند الفقهاء التسليم مرتين؛ مرةً عن اليمين، ومرةً عن الشمال، وذهب فقهاء الحنابلة إلى القول: بفرضية التسليمتين، وقال فقهاء الحنفية: بوجوبهما، بينما ذهب فقهاء المالكية، والشافعية إلى القول بأنّ الفرض تسليمة واحدة، ومن السُنة أن يقول المصلي عند السلام: " السلام عليكم ورحمة الله " مرتين.[7]