-

ما شكل الجنة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

النعيم المقيم

وعد الله -تعالى- عباده المؤمنين أن يُدخلهم الجنة إن هم آمنوا به، وصدقوا رسله، وعملوا بما افترضه عليهم، وانتهوا عمّا نهاهم عنه، ولكي يكون الوعد أبلغ والعطاء أنفع وصف الله -تعالى- الجنان في كتابه العزيز وعلى لسان نبيّه المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- ليجد المؤمن ما يدفعه ويشدّه للطاعة، وقد جاء وصف الجنة بأبهى الصور، وأجمل العبارات وأبلغها، فلفت القلوب والعقول، ودفع الناس للعمل بعد التصديق والجزم بصدق الدعوة الإسلامية، وفي هذه المقالة بيان وصف الجنة كما جاء في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة.

معنى الجنة

جاء تصريف كلمة جنّة بعدّة معانٍ في اللغة العربية، فهو يعني الاستتتار، ويعني الحدائق، وله العديد من المعاني الأخرى، وفيما يأتي بيان ذلك:[1]

  • الجَنّة بمعنى الحديقة المليئة بالنخل والأشجار والأنهار، يُقال: يعيش في جنّة؛ أي في حديقة، وحوّل المنطقة إلى جنة أو جنان؛ أي جعلها حدائق، وجنّات النعيم هي الفردوس السماويّ، وجنّة عدن هي الموضع الذي وضع فيه آدم -عليه السلام- بعد أن خلقه الله تعالى.
  • الجُنّة بمعنى الستر، والوقاية، والتغطية، ومنه الجُنة الذي هو غطاء رأس المرأة ووجهها، باستثناء عينيها، ويُطلق على السلاح كذلك جُنة؛ لأنّه يقي الإنسان، والصوم جُنّة؛ أي وقاية من الشهوات، ووقاية من الذنوب والمعاصي، وكذلك هو وقاية من النار، وتُجمع جُنة على جُنُن.
  • الجِنّة بمعنى الجنون، يُقال به جِنّة؛ أي أصابه الجنون، وهي مصدر جُنّ يُجنّ جنوناً فهو مجنون، والجِنّة كذلك اسم جمعٍ للجن، الذين هم صنف آخر مقابل للإنس.

شكل الجنة

أعدّ الله -عزّ وجلّ- لمن آمن به، وصدّق برسله وأنبيائه، ودافع عن عقيدته حتى مات على الإيمان والتصديق جنات عدن تجري من تحتها الأنهار، فيها ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وقد جاء وصف شكل الجنة التي أعدّها الله لعباده ليُحفّزهم على الطاعة، ومن أوصاف الجنة:[2]

  • مكان الجنة: ذكر الله -تعالى- أنّ مكان الجنة الحالي في السماء، في منطقةٍ تسمّى بسدرة المنتهى، قال الله تعالى: (عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ*عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ)،[3] وقد بيّن كعب -رضي الله عنه- أنّ السدرة هي شجرة النبق، وأنّ موضعها على رؤوس حملة العرش، وإلى ذلك الموضع ينتهي علم الخلق، لذلك سميت سدرة المنتهى، حيث ينتهي علم الناس إليها.
  • أبواب الجنة: للجنة ثمانية أبواب يدخلها المؤمنون، قال الله تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ).[4]
  • درج الجنة ودراجتها: كما ذكرت النصوص الصحيحة أنّ للجنة درجات، فليس جميع أهل الجنة في درجةٍ واحدةٍ، بل يتفاضلون فيها كما كانوا يتفاضلون في العبادة، ودرجات الجنة كما هي موصوفة في كتاب الله بعضها فوق بعض، وعددها مئة درجةٍ ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض.
  • أنواع الجنّة: أشار القرآن الكريم أنّ الجنة تختلف باختلاف أصحابها؛ فمن كان إيمانه أعلى كان له جنّة تتميز عن باقي المؤمنين، ومن أسماء الجنّة: الفردوس، وجنة عدن، وجنة المأوى.
  • مساكن أهل الجنّة: أهل الجنة يسكنون في غرف ومساكن يُرى باطنها من ظاهرها، وظاهرها من باطنها، وهي مبنية فوق بعضها البعض.
  • الجنة فيها ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، فإنّ أهل الجنّة يتنعمون بجميع أصناف النعيم والملذّات المحسوسة وغير المحسوسة، وجميع ما يشتهون فيها يجدونه، ممّا لذّ وطاب.
  • الجنّة فيها أنهار وعيون متنوعة: من نعيم أهل الجنّة أنّ الأنهار تجري من بين أيديهم، وتنبع العيون من تحتهم، وهي أصناف مختلفة فمنها أنهار الماء الصافي العذب، واللبن المُصفّى الذي لا يتغيّر طعمه، والعسل النقيّ، والخمر الذي لا يُسكر، بل فيه اللذّة لمن يشربه.
  • طعام أهل الجنّة: جاء بيان طبيعة طعام أهل الجنّة ووصفه، وأنّه من شتّى أنواع اللحوم والفواكه، وممّا طاب من الأطعمة، والأشربة، واللبن الذي لا يفسد، والعسل المصفّى، والخمر الذي لا يُسكر، ولحوم الطير، أمّا الآنية التي يأكل بها أهل الجنّة، والكؤوس فمن الذهب والفضة، وهي مزخرفة مزينة.
  • لباس أهل الجنّة: يتحلّى أهل الجنّة، ويلبسون الحرير، ويكتسون الذهب، وبعض ثيابهم كذلك مصنوعة من السندس والإستبرق، أجود الأنواع منهما، ولهم خيام يتنعمون فيها، وتجري من تحتهم الأنهار.
  • أهل الجنة لهم خُدّام يخدمونهم، من الصبيان والولدان.
  • نساء أهل الجنّة: يتزوّج أهل الجنّة رجالها بنساءٍ من الحور العين لهنّ من الصفات الحسنة البهية ما يخلب العقول والألباب، وجمالهنّ لا يقتصر على الجمال الظاهريّ فقط، بل تعدّى ذلك إلى الجمال الباطنيّ، فهنّ كما وصفهنّ القرآن الكريم، مطهّرات من الأدناس والأخلاق السيئة والصفات الرذيلة، وألسنتهن مطهّرة من الفحش والبذيء من القول، وعيونهنّ لا تنظر إلى غير أزواجهنّ، فهنّ جميلات الصفات الخَلقية، وجميلات بأخلاقهن وصفاتهنّ الخُلقية.
  • غناء أهل الجنّة: أهل الجنّة يستمعون إلى الغناء والطرب، ويتلذذون به، حيث تُغنّي لهم الحور العين من أزواجهم، وغنائهن من أعذب الغناء وأطيبه، وأصدقه، وأجمله على الإطلاق.
  • يلتقي أهل الجنّة بين بعضهم البعض، ويتذاكرون فيما بينهم أخبار الحياة الدنيا، كما يذكرون نعمة الله عليهم وفضله، فيشكرونه على ذلك، ويرون الاختلاف الجوهري بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة المشبعة بالنعيم واللذّة والسعادة.

أهل الجنة

ذكر الله -تعالى- صفات من يستحقّ الجنّة من الناس، وبيّنهم وفصّل في أصنافهم، وذلك من خلال الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الصحيحة، وفيما يأتي بيان أصناف أهل الجنّة:[5]

  • المتّقون: والمتقون هم الذين آمنوا بالله تعالى، وراقبوه في أنفسهم، وفي أفعالهمن فامتنعوا عمّا نهى عنه، وفعلوا ما أمر به، ويتقون من عذاب الله بالعمل قبل القول، حتى وصلوا إلى درجة التقوى، قال الله تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ).[6]
  • الصادقون: فأهل الصدق يدخلون الجنة، ويتنعمون فيها، قال الله تعالى: (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).[7]
  • أهل الطاعة الذين يعملون الطاعات والصالحات: فأهل الطاعات والأعمال الصالحات من بين أهل الجنّة الذين يتنعمون فيها، قال الله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ).[8]
  • التائبون: فالله -تعالى- وعد الذين تابوا ممّا عملوا من الأعمال السيئة، وأنابوا إلى الله بالتوبة النصوح بالجنة يتنعمون فيها، فالتوبة تجبُّ ما قبلها، وتنفي السوء عن صاحبها، قال الله تعالى: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ).[9]
  • الأبرار: وهؤلاء أعلى درجةً من غيرهم من أهل الجنّة؛ لشدّة إيمانهم بالله وقُربهم منه، ولشدّة فعلهم للطاعات بشكل أكبر من التائبين والطائعين، قال الله تعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا).[10]
  • المقرّبون: وهم من اصطفاهم الله تعالى، وفضّلهم على سائر الخلق؛ لحُسن أخلاقهم، أو لأسباب أخرى فيهم، قال الله تعالى: (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ*فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ).[11]

المراجع

  1. ↑ "تعريف ومعنى جنة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2018. بتصرّف.
  2. ↑ "وصف الجنة في القرآن الكريم"، www.articles.islamweb.net، 19-8-2010، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2018. بتصرّف.
  3. ↑ سورة النجم، آية: 14- 15.
  4. ↑ سورة الزمر، آية: 73.
  5. ↑ عائشة عامر شوكت (21-5-2014)، "أهل الجنة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2018. بتصرّف.
  6. ↑ سورة الحجر، آية: 45.
  7. ↑ سورة المائدة، آية: 119.
  8. ↑ سورة البقرة، آية: 25.
  9. ↑ سورة مريم، آية: 60.
  10. ↑ سورة الإنسان، آية: 5.
  11. ↑ سورة الواقعة، آية: 88-89.