يعرف اللون لغةً بأنّه صفة لهيئة الشيء الموصوف، ويعرف علميّاً بأنّه التأثير الفزيولوجيّ الناتج عن شبكيّة العين بعد تعرضها للضوء الناتج من الأجسام الماديّة، والتي تحتوي على مادة صبغيّة ملوّنة، أو بأنّه الناتج عن تحليل الضوء إلى ألوان الطيف المختلفة، واللون هو ضوء ذو طول موجيّ معيّن، يحمل تأثير كهرومغناطيسيّ، الأمر الذي يحدث تفاعلاتٍ كيميائيّةٍ على الجهاز العصبيّ للعين، ليتحوّل لإشارات ترسل للدماغ وتفسّر كلونٍ معيّنٍ اعتماداً على مخزون الذاكرة.[1]
يعتبر اللّون الأصفر هو ضوءٌ ذو طولٍ موجيّ يتراوح بينَ 550-580 نانوميتر، ويعتبر من الألوان الأساسيّة التي هيَ: الأحمر، والأزرق، والأصفر فإذا دمج اللّون الأصفر مع أحد الألوان الأساسيّة الأخرى، فإنّه يعطي لوناً آخرَ ثانويّاً، فمثلاُ عند دمجِ اللون الأصفر مع الأحمر يعطينا اللون البرتقاليّ، وعند دمجِ اللون الأصفر مع الأحمر عندها يعطينا اللون الأخضر، ويعدّ الأصفر أفتحُ الألوانِ وأكثرها إشعاعاً، ويقالُ " لترَ النور" في دلالة على المعرفة، لذا يرتبط اللّون الأصفر بالذكاء والفهم والمعرفة، وللون الأصفرِ معانٍ عديدةٍ ودلالاتٍ مختلفة، كما أنّ له تأثيراتٍ ذات أبعادٍ مختلفةٍ على النّفسِ الإنسانيّة.[2]
للون الأصفرِ تأثراتٍ مباشرةٍ على النّفسِ الإنسانيّةِ حسب علمِ النّفسِ، فهو يعكسُ الفرحَ، والاستمتاعِ، كما أنّه يحفّز الخيالَ والإبداع، فهو ينشطُ الجانبَ الفنيّ في الدماغِ، كما يساعدُ العقلَ على التعلّمِ وممارسةِ الانشطةِ الذهنيةِ بشكلٍ أكثر فاعليّة، وللأصفرِ علاقةُ بينَ النّفسِ البشريّة والجانبِ الروحانيّ، والفلسفيّ، وإذا وضعَ الأصفرُ في مكانٍ فهوَ عادةً ما يبعثُ على الطاقةِ والأمل، وقد يكونُ للأصفرِ بعضً التأثيراتِ السلبيّة على النفسِ، فقد يعطي انطباعاً بالضعفِ والمرضِ، أو قد يدلّ على الغيرةِ والحذر.[3]
تختلف المعاني التي يدلّ عليها اللّون الأصفر باختلاف الحضارات والثقافات في دولِ العالمِ، فالألوان ترتبطُ بالأيدلوجيّات والتقاليد المختلفة للبلاد، وللون الأصفرِ دلالاتٌ إيجابيّة وأخرى سلبيّة.[2]
في اليونان قديماً، ارتبطَ اللّون الأصفر بإله الشّمسِ هيليوس، الذي كانَ يرتدي رداءً أصفراً، في عربةٍ ذهبيّةٍ تعبرُ وسطَ السماءِ الزرقاءِ، وفي المكسيك ارتبطَ الأصفرُ بالحكمة الإلهيّة، وبسرّ التجديدِ فهو اللون الذي يظهر في الحقولِ قبل ظهورِ اللون الأخضرِ، وهو يعلنُ موسمَ المطرِ، وفي الصين يرتبط الأصفرُ بمركزِ الأرضِ، وخرافةِ خلقِ الإنسانِ من صلصالٍ أصفر، كما يعدّ اللون المقدس للإمبراطور، أمّا عند البوذيين فهو لونُ التواضعِ، واستخدمَ في حياكة أثوابِ الرهبان.[4]
عندَ الهنود يعطي الأصفر دلالةً على الشيخوخةِ والموت، وهو اللون الذي يرتبط باتجاه واحد مع العالم السفليّ، وكذلك يربط الصينيّون الأصفرِ بمملكة الموتى، ويدلّ على المرضِ وخاصةً بمرضِ اليرقان، وفي المسرحِ الصينيّ، تلوّن الوجوه بالأصفر للدلالةِ على الخداعِ والقسوةِ والسخرية، وقد كانَ يستخدم الغرب علماً أصفرَ كرمزٍ للمرضِ ومنطقةِ حجرٍ صحيّةٍ.[4]
يرتبطُ الأصفر في وقتنا الحالي بالعديد من الأشياءِ، كارتباطه بسياراتِ الأجرةِ في العديد من دولِ العالمِ، أو بالإشاراتِ الضوئيّةِ كضوءٍ للاستعدادِ للانطلاق، وفيما يلي دلالةُ اللّون الأصفر في بعض دولِ العالم، والمعاني التي يعكسها في تلكَ البلاد:[5]
يعدّ اللون الأصفر من الألوان الدافئةِ، والتي يستخدمها مصممو الديكورات الداخليّة في المطبخ، وغرف الطعامِ، وغرفِ المعيشةِ، والغرف المخصصة للعبِ، وينصحُ باستخدامِ الأصفرِ في هذه الفراغاتِ لأنّه لونٌ يقرّبُ المسافاتِ في المساحاتِ الواسعةِ، ويعطي إحساساً بالإغلاقِ والقربِ، كما تعطي إحساساً بالدفء في المساحاتِ الكبيرةِ التي قد تكونُ باردةً بعض الشيء.[6]
وردَ ذكر اللون الأصفر في القرآن في 5 مواضع، وقد ارتبطَ غالباً باللون الأخضر. ففي الموضع الأشهر ذكرَ اللّون الأصفر في الآية رقم 69 من سورة البقرة، في قوله تعالى: (قالوا ادعوا لنا ربّك يبيّن لنا ما لونها قال إنّه يقول إنّها بقرةٌ صفراءُ فاقعٌ لونها تسرّ الناظرين)،[7] وقد ارتبطَ اللّون بوصفِ شيءٍ يحملُ صفاتَ الجمال والحيويّة، والموضع الثاني في سورة الرّوم الآية رقم 51، بقوله تعالى: (ولئن أرسلنا ريحاً فرأوه مصفرّاً لظلوا من بعده يكفرون)،[8] وجاءَ اللّون الأصفر في هذه الآية للدلالةِ على الشحوبِ والفسادِ، كما حملَ اللّون نفسَ الدلالةِ في سورةِ الزّمر في الآية رقم 21، في قوله تعالى: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب)،[9] وكذلك في الآية رقم 20 من سورة الحديد، في قوله تعالى: (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ۖ كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما ۖ وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان ۚ وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)،[10] وفي الموضع الخامس من سورة المرسلات في الآية رقم 33، قال تعالى: (كأنّه جمالاتُ صفر)،[11] في دلالةٍ على الحرارةِ والعذاب.[1]