ما هي علامات حب الله للعبد
حب الله للعبد
إنّ غاية أماني العبد المسلم حبّ المولى -عزّ وجلّ- له، فيعيش تفاصيل وجوده على هذه الأرض يتلمس حبّ الله -تعالى- في كلّ ما يُصيبه من امورٍ، فعند أصابته بمصيبةٍ يقف متدبّراً حكمة الله عزّ وجلّ، ويتبع هذا التدبّر صبراً على المصيبة؛ حتى يحبّه الله، وإذا أصابه فضلٌ حمد الله، وأثنى عليه؛ لعظيم نعمه، فهو يعلم أنّه لا يوجد ارتباطٌ بين العطاء والمنع، بالبُغض والحبّ، ولا يُمكن الوصول إلى حبّ الله -تعالى- إلّا بطاعته، والتزام أوامره، كما لا يُمكن أن ينفصل حبّ الله -تعالى- عن حبّ نبيّه الكريم، حيث قال الله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[1] ويكون حبّ الله -عزّ وجلّ- على درجاتٍ متفاوتةٍ، فأوّل من يحظى بمحبّة الله -تعالى- هم الأنبياء عليهم السلام، وتكون المرتبة الثانية لأولياء الله عزّ وجلّ، وعباده المؤمنين، وتختلف محبّة الله -جلّ وعلا- لهم بحسب أعمالهم وعبادتهم.[2]
علامات حب الله للعبد
توجد العديد من العلامات التي تدلّ على محبّة المولى القدير للعبد، وفيما يأتي بيان البعض منها:[3]
- التواضع للعباد، وخفض الجناح لهم، وعدم التكبّر عليهم بأي حالٍ من الأحوال، حيث وصف الله من يحبّهم بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)،[4] فالذين يحبّهم الله -تعالى- يرأفون بالمؤمنين، ويتعاملون معهم بالرحمة واللين، بينما يتعاملون مع الكفار بالغلظة والشدّة، مه الحرص على الجهاد والبذل في سبيل الله، بالنفس والمال، والعمل على ردّ كيد الأعداء بجميع الطرق والوسائل الممكنة، وفي المقابل العمل على نصرة المسلمين، وإعانتهم، دون الخوف من المنافقين أو أعداء الإسلام.
- القبول بين الناس، فميل الناس لشخصٍ ما، وحبّهم له منحةٌ من الله عزّ وجلّ، يكرم بها من يشاء من عباده، بأن يضع محبته في القلوب من غير جهدٍ منه؛ لجلب رضى الناس عنه، وإنّما هو أمر الله بأن يضع محبته في قلوب المؤمنين، ويضع كذلك مهابته في قلوب الكافرين، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا أحبَّ اللهُ العبدَ نادى جبريلَ: إن اللهَ يحبُّ فلاناً فأحبِبْه، فيُحِبُّه جبريلُ، فينادي جبريلُ في أهلِ السماء: إن اللهَ يحبُ فلاناً فأحبُّوه، فيُحِبُّه أهلُ السماءِ، ثمّ يُوضَعُ له القبول في الأرضِ).[5] أمّا إذا لم يحبّ الله -جلّ وعلا- عبداً؛ لكفره وضلاله، فتمقته الناس؛ بسبب مقت الله -عزّ وجلّ- له.
- حماية الله للعبد من الدنيا، إن كان فيها إفساده، فلا يُمكن أن يجتمع في قلب العبد المؤمن حبّ الله تعالى، وحبّ الدنيا، والتعلّق بها، فيصرف الله بفضله عن العبد المحبّ مفاتن الدنيا؛ حتى يبقى قلبه سليماً صافياً نقياً.
- الابتلاء في المال، والنفس، والولد، فالله -عزّ وجلّ- كتب لبعض عباده البلاء، فهو سنةٌ كونيةٌ تُصيب المؤمن وتصيب الكافر، وقد يميّز الله -عزّ وجلّ- عباده بمزيدٍ من البلاء، والمحن، والامتحانات، فإن واجه العبد البلاء بالرضى، ارتقى عند الله -عزّ وجلّ- بالدرجات إلى أعلى المراتب، وإن واجه البلاء بالسخط كان له نصيبٌ من غضب الله عزّ وجلّ.
- الإجابة عند الدعاء، فالله -عزّ وجلّ- يركم عباده الصالحين بإجابة دعائهم، وتحقيق مرادهم، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ من عبادِ اللهِ مَن لو أقسَم على اللهِ لأبَرَّه).[6]
أسباب محبّة الله
إنّ الإنسان بطبيعته مجبولٌ على حبّ من أحسن إليه بشتى أنواع الإحسان، وليس هناك إحسانٌ كإحسان الله -تعالى- على عباده، فحقّ لهم أن يحبوه، وأن يحبّوا كلّ من يحبّه، فالإنسان يتنعّم بكرم الله، وفضله، ويتقلّب بالنعم صباحاً مساءً، وكم يغفل الإنسان عن نعم الله، حتى يصل إلى عدم الإحساس بها، مع حفظ الله -تعالى- له في الليل والنهار، فإذا تفكّر العبد بنعم الله تعالى أحبّه، واندفع بكلّه إلى طاعة الله تعالى، والتقرّب إليه حتى يصل إلى أعلى المراتب، بأنّ يمنّ الله -عزّ وجلّ- وينعم عليه بالحبّ، كما أنّ الله -تعالى- يحبّ العبد الذي يتذلّل بين يديه بالمناجاة، ويبوح له بحاجاته وهمومه، بكلّ خضوعٍ وانكسارٍ، ولا سيمل إن اختار أفضل الأوقات لمناجاته، كوقت النزول الإلهي، وعلى العبد أن يتخيّر في نهاره مصادقة الصالحين، فمحبّة المؤمنين تُوجب محبة الله -تعالى- لعبده، فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (أنَّ رجلاً زارَ أخاً لَهُ في قريةٍ أخرى، فأرصدَ اللَّهُ لَهُ، على مَدرجَتِهِ، ملَكاً فلمَّا أتى عليهِ، قالَ: أينَ تريدُ؟ قالَ: أريدُ أخاً لي في هذِهِ القريةِ، قالَ: هل لَكَ عليهِ من نعمه تربُّها؟ قالَ: لا، غيرَ أنِّي أحببتُهُ في اللَّهِ عزَّ وجلَّ، قالَ: فإنِّي رسولُ اللَّهِ إليكَ، بأنَّ اللَّهَ قد أحبَّكَ كما أحببتَهُ فيهِ)،[7] ومن أعظم الأسباب التي تجلب محبّة الله -تعالى- الحرص على القلب، بالابتعاد عن كلّ ما يُغضب الله عزّ وجلّ، وإيثار رضاه على كلّ الأمور، فالقلب هو محلّ نظر الخالق، والحرص عليه يحفظ للإنسان الباطن والظاهر، ففساد القلب يؤدي إلى فساد البدن بأكمله، حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ، فسدَ الجَسدُ كُلُّهُ، ألا وهِيَ القَلبُ).[8][9]
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية: 31.
- ↑ د.نهى قاطرجي، "يكفيك حب الله عز وجل"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-9-2018. بتصرّف.
- ↑ د. طه فارس (16-8-2017)، ،"علامات محبة الله للعبد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية: 54.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3209، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 4611، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2567، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 1599، صحيح.
- ↑ "من أسباب محبة الله للعبد"، articles.islamweb.net، 8-9-2013، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2018. بتصرّف.