ما هو علم نفس النمو
نشأة علم نفس النمو
على مر العصور ألقى أصحاب الفلسفات القديمة وعلم النفس الضوء على عمليّة النمو ومراحل تكوينها وتطوّرها، فذكرت الكتب القديمة اهتمام الفلاسفة المصريين بوضع تصوّر بسيط لحياة الجنين في بطن أمه، والتطوّرات النمائيّة التي تطرأ عليه منذ الإخصاب وحتى الولادة، بالإضافة إلى اهتمام كلٍّ من الحضارتين اليونانيّة والإغريقية بذلك، فتحدث أفلاطون عن التكاثر الإنسانيّ وأُسس ومبادئ النمو التي يمرّ بها الطفل في مختلف مراحله العمريّة، وذكر أرسطو ضرورة تقديم الرعاية والاهتمام بالعمليّة النمائيّة للطفل، وتأكيد الدور المهم للأسرة في عمليّة التنشئة الاجتماعيّة.
أما العلماء العرب والمسلمون فقد اهتموا بالمراحل النمائيّة وقسموها إلى ست فترات أساسيّة يمرّ فيها الطفل في مراحله العمريّة، أما في العصر الحديث فهناك الكثير من العلماء الذين درسوا مجالات النمو العقليّ والاجتماعيّ والنفسيّ للطفل، وتبع ذلك انتشار الدراسات والبحوث التربويّة المختصّة بعلم النفس التربويّ.[1]
تعريف علم نفس النمو
يُعتبر علم نفس النمو أحد الفروع التطبيقيّة لعلم النفس العام، وهو العلم الذي يدرس بشكل تحليليّ كافة التطوّرات والتغيرات التي يمر بها الإنسان منذ لحظة تلقيح البويضة، مروراً بجميع المراحل العمريّة حتى يصل إلى الشيخوخة، ومنها إلى نهاية الحياة،
إن علم نفس النمو يدرس بإطار علمي جميع المجالات والمظاهر النمائيّة الجسديّة والنفسيّة والعقليّة والانفعاليّة، وتفاعل هذه المظاهر مع بعضها، بالإضافة إلى البحث في المشكلات النمائيّة والسلوكيّة التي من الممكن أن يتعرّض لها الفرد نتيجة لعمليّة النمو، وما يتبعها من تفاعلات خارجيّة وداخليّة.
أهمية علم نفس النمو
يدرس علم نفس النمو المراحل النمائيّة المختلفة التي يمرّ بها الإنسان منذ بداية تكوُّنه كبويضة مخصبة وحتى انتهاء حياته، فهو الدراسة العلميّة التي تحدد المعايير والأسس التي تقوم عليها عمليّة النمو في كل مرحلة من المراحل العمريّة، وبالتالي فهم الخصائص النمائيّة التي تتميز بها كل مرحلة عن الأخرى، وطرق استخدام المقاييس العلميّة لتحليل هذه الخصائص، فبرزت أهمية علم نفس النمو في الجوانب الآتية:[4]
- فهم وضبط السلوك الإنساني أثناء نموه، ودراسة سلوك الأطفال، وآلية حدوث عملية النمو الجسميّ والانفعاليّ والنفسيّ والاجتماعيّ في مرحلة معيّنة، وتفسير الاستجابات السلوكيّة للمثيرات المختلفة وطرق التحكم بها.
- الإحاطة بالخصائص النمائيّة لفئة الأطفال والمراهقين، ومحاولة التعرّف على الاستجابات المتوقّعة، والمؤثرات الخارجيّة التي قد تؤثر في تكوين الأنماط السلوكيّة، وتعريف المربّيين بالحاجات الأساسية لكل فئة على حدة، وكيفية وضع الخطط المدروسة للمناهج الدراسيّة، واستعمال الطرق والأساليب التدريسيّة بما يتناسب مع المستوى العام لكل فئة، بالإضافة إلى الدور المهم لضرورة مراعاة الفروق الفرديّة بين الأفراد في القدرات والاستعدادات والاتجاهات.
- إلقاء الضوء على حاجات كل مرحلة نمائيّة من خلال فهم خصائص النمو في جميع مجالاتها، وفتح الآفاق للمربيين؛ لتفهم احتياجات أبنائهم وبالتالي تحقيق مبدأ التنشئة الاجتماعية السليمة.
- الوعي بالمشكلات النفسيّة والاجتماعية التي من المتوقع أن يتعرّض لها الأفراد أثناء المرور بالمراحل النمائيّة المختلفة، بالإضافة إلى العمل على اختيار الطرق والأساليب العلاجية المناسبة.
- تعريف المربيين والأهالي بالقوانين النمائيّة التي تخُصّ كل مرحلة عمريّة يمر بها الأطفال؛ لمعرفة مواطن الشذوذ أو أي انحراف إن وُجدت وملاحظة وتحديد مجال هذا الشذوذ ومحاولة تعديله.
- يضيف علم نفس النمو للمرشدين وأخصائيي العلاج النفسي القواعد النمائيّة الأساسيّة التي يخضع لها الأفراد أثناء مرورهم بالمراحل النمائيّة المختلفة.
أهداف علم نفس النمو
عُني علم نفس النمو كغيره من العلوم بالفهم والضبط والتنبؤ، كما اهتم بدراسة التقلّبات والتغيرات السلوكيّة وكافة أبعادها ومدى تأثيرها في العملية النمائيّة، وقُسّمت أهدافه إلى ما يلي:[5]
الكشف عن التغيرات السلوكية ووصفها
وصف التغيرات السلوكيّة من أبسط المفاهيم المتعلقة بالأهداف العامة للعلم إلا أنه أكثرها أهميّة، أما في علم نفس النمو فإن عملية وصف السلوك تشمل معرفة زمن ظهور سلوك معين، وتسلسل سير هذا السلوك وتطوره بشكل إيجابيّ أو سلبيّ، وعلاقة السلوك المدروس بالعمليات النفسية، وكيفية تفاعلها مع الأنماط النمائيّة في المرحلة الراهنة، وغيرها من المعلومات الوصفيّة التي تكوّن بذلك الصورة النهائية للسلوك بكافة جوانبه، ويكون ذلك بالمشاهدة وتسجيل الملاحظات النفسية التفصيلية. وتمرّ عملية وصف السلوك في علم نفس النمو بالوصف التحليلي للقوانين النمائية، وتصنيفها إلى أنماط واتجاهات إما في مرحلة عمريّة معينة، وإما خلال المرور بجميع المراحل النمائيّة.
تفسير السلوك
من أهداف علم نفس النمو الوقوف وراء الأنماط السلوكيّة الخارجية التي من الممكن ملاحظتها، والبحث في الأسباب الكامنة وراء سلوك معين والكشف عن علّته وسببه، وفي أغلب الأحيان يتوجّب على الباحث في علم نفس النمو الاستعانة بالعلوم الأخرى الإنسانيّة والعلمية كعلم الاجتماع، والوراثة، وعلم وظائف الأعضاء. أي أنّ الغرض من تفسير السلوك هو العودة إلى أساسه الذي أدى إلى ظهوره.
إجراء التدخلات المناسبة للسلوك
إن الهدف الثالث للتطبيقات العلمية لعلم نفس النمو هو محاولة التحكّم بالسلوك وضبطه من خلال إجراء التدخلات المناسبة أثناء حدوث التغيرات السلوكيّة، والسعي إلى توجيهها بشكل سليم. وتقوم جميع هذه الأهداف بالتفاعل بينها، فإنّ وصف السلوك وفهمه وفهم أسبابه يتيح إمكانية إجراء التدخلات اللازمة والبنّاءة.
المراجع
- ↑ "نشأة علم نفس النمو"، جامعة بابل- كلية التربية الأساسية، اطّلع عليه بتاريخ 2-5-2017.
- ↑ مريم سليم (2002)، علم نفس النمو (الطبعة الأولى)، بيروت: دار النهضة العربية، صفحة 13.
- ↑ "علم نفس النمو"، Educational and Psychological Sciences، اطّلع عليه بتاريخ 2-5-2017.
- ↑ مريم سليم (2002)، علم نفس النمو (الطبعة الأولى)، لبنان: دار النهضة العربية، صفحة 18-19.
- ↑ "علم نفس النمو"، Educational and Psychological Sciences، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2017.