ما هو التعزير
أحكام الإسلام صالحة لتطبيقها في كلّ زمان ومكان، فعندما جاء الإسلام لم يترك شيئاً في حياة المسلم إلّا وقد نظّمه وجعل له العديد من الأحكام، وأوّل هذه الأمور وأهمّها هي علاقتنا بالله عزّ وجل، فقد جاء في القرآن الكريم والسنّة النبويّة الّتي توضّح لنا العبادات الّتي تقرّبنا من الله تعالى وتكسبنا رضاه، ومن هذه الأمور أيضاً تعاملنا وعلاقاتنا بالآخرين؛ فنجد القرآن الكريم والسنّة النبويّة فيهما الكثير من النصوص الّتي تحثّنا على معاملة الآخرين بالأخلاق الحسنة، وكذلك صلة الرحم، وهنالك أمر بالغ الأهميّة ألا وهو العقوبات الّتي شرعها الإسلام في حال وقوع الجرائم والمخالفات .
عقوبات شرعها الدين
- القِصاص: ويكون القصاص في حال تعدّى أحد الأشخاص على الآخر بأطرافه، أو تعدّى عليه بالقتل، والقصاص يعني المعاقبة بالمثل، مثلاً: إذا قام أحد بقطع يد الآخر فإنّه يُعاقب بقطع يده، وقد جاء في القرآن الكريم ما يدلّ على مشروعية تنفيذ القصاص في قوله تعالى: " ولكم في القِصاص حياة يا أولي الألباب ".
- الحدود: هي عبارة عن عقوبات مقدّرة شرعاً، مثل: قطع يد السارق، وجلد الزّاني أو الزانية، ونحوهما، وقد ورد في القرآن الكريم ما يشرع إقامة حدّ الزنا ألا وهو الجلد، فقد قال تعالى: " الزانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ ".
- الكفّارة .
- التعزير: هو عبارة عن التأديب في حال وقوع الجرائم الّتي لم يشرع لها حدود، وهو محور حديثنا في هذا المقال.
مفهوم التعزير
التعزير لغةً: يعني التأديب، لكنّه قد يحمل معاني أخرى مثل : التفخيم والتعظيم والنّصر بالسيف و المنع .
أما التعزير في الإسلام فهو عبارة عن باب من أبواب العقوبات الّتي شرعها الإسلام، وقد عرّفه الفقهاء على أنّه معاقبة المجرم عقوبةً يحدّد نوعها ومقدارها ولي الأمر، ويكون التّعزير على جريمة لم يحدّد الإسلام لها أيّ من الحدود أو الكفّارات أو العقوبات، وتكون هذه العقوبة إمّا بالحبس أو الجلد أو الزجر والتّوبيخ أو بالتغريم، وفي بعض الأحيان حلق الشعر، أمّا في حال الجرائم الكبيرة فإنّه قد يصل إلى القتل.
حكمة مشروعيّة التعزير
التعزير مشروع في الإسلام، فقد وردت الكثير من الأحاديث الشريفة الّتي تبيّن مشروعيّة التعزير، فكما ورد في قوله – صلى الله عليه و سلم - : " لا يجلد فوق عشر جلدات إلّا في حدٍّ من حدود الله"، وقد ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم أنّهم كانوا يستخدمون عقوبة التعزير للكثير من المجرمين الّذين اقترفوا جرائم لم يحدّد لها الشارع أي عقوبة، ومنهم: عمر بن الخطّاب رضي الله عنه؛ فقد كان يعزّر بالضرب والنفي وحلق الشعر.
وكما نعلم فإنّ ديننا الحنيف جاء بالأحكام الّتي تنظّم حياتنا في جميع الأحوال، لذا عندما شرع العقوبات بأنواعها كان هدفه من ذلك تحقيق الكثير من المصالح والمقاصد في المجتمع الإسلامي، مثل: تطهير المسلم قبل لقاء الله عزّ وجل، وتطهير المجتمع من المفاسد والجرائم؛ فهذه العقوبات تعتبر رادعاً لكلّ من يحاول القيام بأيّ جريمة أو فعل ينافي الإسلام، كما أنّ هذه العقوبات تعدّ وسيلةً لحفظ وصيانة المجتمع وأمانه.