ما أفضل الأعمال عند الله
العبادة
تُعرّف العبادة على أنّها اسمٌ جامعٌ لكلّ ما يحبّه الله -تعالى- ويرضاه من الأعمال، والأقوال الظاهرة والباطنة، وتجدر الإشارة إلى شمولية مفهوم العبادة في الإسلام؛ إذ إنّ كلّ أعمال الخير وإن لم تُذكر صراحةً تحت مسمّى العبادة، تُصبح عبادةً في حال صلاح النيّة، كما دلّ على ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (كلُّ سُلامَى من الناسِ عليه صدقةٌ، كلُّ يومٍ تطلُعُ فيه الشمسُ، يعدلُ بينَ الاثنينِ صدقةٌ، ويعينُ الرجلَ على دابتِه فيحملُ عليها، أو يرفعُ عليها متاعَه صدقةٌ، والكلمةُ الطيبةُ صدقةٌ، وكلُّ خطوةٍ يخطوها إلى الصلاةِ صدقةٌ، ويميطُ الأذَى عن الطريقِ صدقةٌ)،[1] حتى إنّ أعمال الإنسان اليوميّة، وسعيه لكسب الرزق، بل وقضاء حاجاته الغريزية، كأن يأتي زوجته شهوةً، كل ذلك قد يصبح عبادةً؛ في حال إخلاص النيّة لله تعالى.[2]
أحبّ الأعمال إلى الله تعالى
إنّ الله -تعالى- يُحّب الطاعات، وأعمال الخير كلّها، ومن أحبّ الأعمال إليه الصلاة على وقتها، وبرّ الوالدين، والجهاد في سبيل الله، كما رُوي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنّه- أنّه قال: (سألت النبي صّلى الله عليّه وسّلم: أيّ العمل أحبّ إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثم أيّ؟ قال: ثمّ برّ الوالدين، قال: ثم أيّ؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قال: حدثّني بهّن، ولو استزدّته لزادني)،[3] وفيما يّأتي بيان كلّ منها.[4]
الصلاة على وقتها
فرض الله -تعالى- على عباده خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، لتكون صلةً بربّهم، واقتضت حكمة الله -عزّ وجلّ- أن جعلها مفرّقةً خلال ساعات اليّوم، ولم يجعلها في ساعةٍ واحدةٍ؛ حتى لا يتسلّل الملل إلى قلب العبد، أو يشعر بالثقل في أدائها، وقد خصص الله -تعالى- لكلّ صلاةٍ من الصلوات وقتاً محدداً، كما في قول الله تعالى: (أقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهوداً)،[5] وفي الآية الكريمة أمرٌ من الله -تعالى- إلى رسوله- عليه الصلاة والسلام- بإقامة الصلاة لدلوك الشمس؛ أيّ عند زوالها في منتصف النهار، إلى غسق الليل؛ أيّ وقت اشتداد الظلمة، ويشمل هذا الوقت أربع صلواتٍ؛ وهي: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، ثمّ قال: وقرآن الفجر؛ أيّ صلاة الفجر، ومن الجدير بالذكر أنّ وقت صلاة الفجر يبدأ من ظهور البياض المعترض في الأفق الشرقيّ الذي ليس بعده ظلمةً، وهو طلوع الفجر الثاني، وينتهي عند طلوع الشمس، ووقت صلاة الظهر يبدأ من تجاوز الشمس وسط السماء، وهو ما يسمّى بزوال الشمس، وينتهي عندما يصبح ظلّ كلّ شيءٍ مثله، ووقت صلاة العصر يبدأ عندما يصبح ظلّ الشيء مثله، وينتهي عند احمرار الشمس أو اصفرارها، ويمتد وقت الضرورة إلى الغروب، كما روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنْ أدركَ من الصبحِ ركعةً قبلَ أن تطلُعَ الشمسُ، فقّد أدّركَ الصبحَ، ومن أدركَ ركعةً من العصرِ قبلَ أن تغرُبَ الشمسُ، فقد أدركَ العصرَ)،[6] ووقت صلاة المغرب يبدأ من غروب الشمس، وينتهي عند زوال الشفق، ووقت العشاء يبدأ من زوال الشفق، وينتهي عند منتصف الليل، فيجوز أداء الصلاة خلال وقتها، ولكنّ الأفضل أداؤها في أول وقتها، كما كان يفعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.[7]
برّ الوالدين
إنّ برّ الوالدين من أعظم واجبات الإسلام، فهو من أحبّ الاعمال إلى الله، ومن الأعمال الصالحة التي يلمس المسلم أثرها في الدنيا والآخرة، وممّا يدل على فضل برّ الوالدين، أنّ الله -تعالى- قرنه بتوحيده، حيث قال: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)،[8] بالإضافة إلى أنّ شكر الوالديّن سبيلٌ لشكر الله تعالى، كما في قول الله تعالى: (أنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ)،[9] وبرّ الوالدين سببٌ لراحة القلب، وهناء الروح، حيث إنّه مجاهدةٌ للنفس، وتغلّب على أهوائها، وثمة العديد من صور برّ الوالديّن؛ منها: لين القول لهما، وخفض الصوت عندهما، واختيار أفضل الكلمات عند الكلام معهما، فقد قال الله تعالى: (فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولاً كَريماً)،[10] وإنّ في إبراهيم عليه السلام قدوةٌ حسنةٌ، فعلى الرغم من كون أبيه مشركاً يعبد الأصنام، إلّا أنّه تلطّف معه في الخطاب، وكان يقول له: (يا أبت، يا أبت)، وكذلك ابن عون الذي كان واحداً من سلف هذه الأمة، والذي ضرب مثالاً في برّ الوالدين حين نادته أمه، فأجابها بصوتٍ أعلى من صوتها، فندم وأطلق رقبتين توبةً لله تعالى، ومن صور برّ الوالديّن: صحبتهما والعطف عليهما، والتعامل معهما بصبرٍ، وسعة صدرٍ عند تقدّم العمر بهما، وبلوغهما أرذل العمر، والضعف والشيبة.[11]
الجهاد في سبيل الله
يعرّف الجهاد شرعاً في إطلاقه الخاص على أنّه بذل الجهد في قتال الكفار، بينما يُعرّف في إطلاقه العام على أنّه كلّ ما يبذله المؤمن من جهدٍ في طاعة الله تعالى، والإيمان به، كمجاهدة النفس للاستقامة على دين الله تعالى، والتصدّي للفساد والانحراف، وكمجاهدة الشيطان بدفع وساوسه ومكائده، ومن الجدير بالذكر أنّ جهاد الكفار وقتالهّم ذروة سنام الإسلام، فقد شرعه الله -تعالى- لإعلاء كلمته، والدعوة لدينه، كما أنّه من أفضل الأعمال عند الله تعالى، فقد روى الصحابي أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- سُئل عن أفضل الأعمال فقال: (أيُّ العملِ أفضلُ؟ فقال: إيمانٌ باللهِ ورسولهِ، قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهادُ في سبيلِ اللهِ).[12][13]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2989، صحيح.
- ↑ "مفهوم العبادة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 527، صحيح.
- ↑ "بيان أحب الأعمال إلى الله"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 78.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 579، صحيح.
- ↑ "رسالة في مواقيت الصلاة "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 36.
- ↑ سورة لقمان، آية: 14.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 23.
- ↑ "بر الوالدين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 26، صحيح.
- ↑ "الجهاد في سبيل الله"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-9-2018. بتصرّف.