ما هي صلاة الفتح
صلاة التطوع
يُراد بصلاة التطوع؛ كلّ صلاةٍ يؤديها المسلم زيادةً على الصلوات الخمسة المفروضة؛ الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وجاء في مشروعيتها ما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلمّ، حين جاءه رجلٌ يسأله، فقال: (يا رسولَ اللهِ، أخبرنِي ماذَا فرَضَ اللهُ عليَّ من الصَّلاةِ، فقالَ: الصَّلَوَاتِ الخمْسَ، إلّا أنْ تَطَّوَّعَ شيئاً)،[1] ويستحبّ للمسلم أن يؤدي صلاة التطوع في البيت، وذلك لما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في فضل ذلك، ولصلاة التطوع قسمان: التطوع المطلق، والتطوع المقيّد، فأمّا التطوع المطلق؛ فيُراد به الصلاة التي ليس لها سبباً معيناً، وليست محصورةً في حالةٍ خاصةٍ، كما أنّه لا حدّ لعدد ركعاتها، فللمصلي فيها أن يصلّي ما شاء من الركعات، ولا يُشترط له أن ينوي عدداً معيناً عند أدائها، بل له أن يصلّي دون تحديد عددٍ، ولو صلّى دون أن يعلم عدد ما أدّاه من الركعات جاز له ذلك، أمّا التطوع المقيّد؛ فهو يشمل الصلوات التي جاءت النصوص الشرعية دالةً على مشروعيتها.[2]
وينقسم التطوع المقيّد في صلاة التطوع إلى: سننٍ راتبةٍ، وسننٍ غير راتبةٍ، فأمّا السنن الراتبة؛ فهي السنن التي تتبع الصلوات الخمسة المفروضة على المسلم في اليوم والليلة، ومنها ما يكون قبل الصلاة المفروضة، ومنها ما يكون بعدها؛ لذلك فهي تسمّى بالسنن القبلية، والسنن البعدية، كما أنّ منها ما يكون سنةً مؤكدةً؛ كالركعتين اللتين قبل فريضة الفجر، والركعتين اللتين بعد المغرب، وبعد العشاء، وغيرها، فإنّ عددها يصل إلى اثنتي عشرة ركعةً في اليوم، ومنها ما يكون سنةً غير مؤكدةٍ؛ كالركعات الأربعة بعد فريضة الظهر، والركعتين اللتين بعد العصر، وغيرها أيضاً، أمّا السنن غير الراتبة، فمنها: صلاة الوتر؛ وهي سنةٌ مؤكدةٌ يبدأ وقتها من بعد صلاة العشاء، إلى طلوع الفجر، ومنها أيضاً صلاة الاستسقاء؛ ويُراد بها طلب نزول المطر من الله سبحانه عند انقطاعه، وحصول الجدب، ومنها صلاة الليل؛ وأفضل وقتها الثلث الأخير منه، ومنها أيضاً صلاة الضحى، وصلاة الاستخارة، وصلاة الكسوف والخسوف.[2]
صلاة الفتح
ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه دخل إلى بيت أم هانئ -رضي الله عنها- بعد فتحه لمكة، فصلّى فيه ثمان ركعاتٍ، وذلك في الحديث الوارد عنها حين قالت: (لما كان عام الفتحِ، أتت رسولَ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- وهو بأعلى مكةَ، فقام رسولُ اللهِ إلى غُسلهِ، فسترتْ عليه فاطمةُ رضي الله عنها، ثمّ أخذ ثوبهُ فالتحفَ بهِ، ثمّ صلى ثمانِ ركَعاتٍ سُبْحةَ الضحى)،[3] وقد استدلّ بعض العلماء بهذا الحديث على إثبات مشروعية صلاة الفتح، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في صلاة الفتح: (إنّ السلف الصالح كانوا يستحبّون أن يصليها الإمام ثماني ركعاتٍ عند فتح إحدى المدن؛ شكراً لله تعالى على توفيقه له في ذلك)، وقال ابن كثير -رحمه الله- عنها: (إنّها صلاة شكرٍ على نصر الله للمسلمين)، كما قال ابن القيم -رحمه الله- أيضاً: (إنّ الثماني ركعات التي صلّاها عليه السلام بعد فتح مكة في بيت أم هانئ رضي الله عنها، كانت في وقت الضحى، فظنّ البعض أنّها صلاة ضحى، إلّا أنّها صلاة الفتح على الصحيح، واستدلّ لذلك بقول أم هانئ أنّها لم ترَ الرسول -عليه السلام- قد صلّاها قبل ذلك، ولا بعده)،[4] فلا يصلّيها عامّة المسلمين، ومع ذلك كلّه فقد نازع بعض العلماء في صحّة ثبوت صلاة الفتح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقالوا: إنّ تلك الركعات التي صلّاها في بيت أم هانئ، إنّما كانت صلاة الضحى لا صلاة الفتح، ومنهم الإمام النووي -رحمه الله- الذي استدلّ لقوله بأنّ أم هانئ حين قالت: أنّ تلك الصلاة كانت سُبحة الضحى؛ أيّ النافلة، وسمّيت بذلك لما فيها من تسبيحٍ، واستدلّ بذلك الحديث للقول بأنّ صلاة الضحى تصلّى ثمان ركعاتٍ.[4]
فضائل وثمرات صلاة التطوع
لأداء صلاة التطوّع فضائلٌ عظيمةٌ، فيما يأتي بيان البعض منها:[5]
- نيل محبّة الله -عزّ وجلّ- لعبده المسلم.
- ترفع درجات الإنسان عند الله سبحانه، وتحطّ عنه سيئاته؛ لقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لثوبان رضي الله عنه: (عليك بكثرةِ السجودِ للهِ تعالى، فإنّك لا تسجدُ للهِ سجدةً، إلّا رفعَك اللهُ بها درجةً، وحطَّ عنك بها خطيئةً).[6]
- الإكثار من النوافل سببٌ في دخول الجنة؛ وذلك لما ورد من قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لربيعة بن كعب الأسلمي، لمّا سأله مرافقته في الجنة: (فأعنِّي على نفسِك بكثرةِ السجودِ).[7]
- الإكثار من صلاة التطوع يؤدي إلى جبر الخلل، والنقص الذي قد يحصل في الفرائض.
- الحرص على التطوّع، ومحبة فعل ذلك دلالةٌ على شكر الإنسان لله عزّ وجلّ، واعترافه بفضله عليه.
- صلاة التطوع أفضل أعمال العبد التي يقوم بها ببدنه بعد الجهاد والعلم؛ فقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (استَقيموا ولن تُحصوا، واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ، ولن يُحافظَ علَى الوضوءِ إلاَّ مؤمنٌ).[8]
- أداء صلاة التطوع في البيت سببٌ في حصل البركة فيه: لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا قضى أحدُكم الصلاةَ في مسجده، فليجعلْ لبيتِه نصيبًا من صلاتِه، فإنَّ اللهَ جاعلٌ في بيتِه من صلاتِه خيراً).[9]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عُبيد الله، الصفحة أو الرقم: 1891، صحيح.
- ^ أ ب الشيخ صلاح نجيب الدق (2017-2-11)، "صلاة التطوع"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-4. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم هانئ بنت أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 336، صحيح.
- ^ أ ب "هل يجوز أن يصلي ركعتين شكراً لله؟"، www.islamqa.info، 2009-5-18، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-4. بتصرّف.
- ↑ "فضائل صلاة التطوع"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-4. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الصفحة أو الرقم: 488، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ربيعة بن كعب الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 489، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في تمام المنة، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم: 234، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 778، صحيح.