-

ما الفرق بين طاعة الله ورسوله وطاعة الحاكم

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

طاعة الله ورسوله

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ)،[1] وتعرّف الطاعة بأنها الانقياد والموافقة، فطاعة الله -تعالى- هي الانقياد لأوامره، والالتزام بشرعه، فهو الأحق بالانقياد له؛ حيث أنه الربّ والمعبود، وقد سُبقت الآية المذكورة بآية في بداية السورة تنصّ على أن طاعة الله شرط من شروط الإيمان، أما هذه الآية فالطاعة مقرونة بالنهي عن التولي بعد الإيمان والإجابة لأمر الله وأمر رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فطاعة الرسول من طاعة الله، وعبادة الله يجب أن تكون وفق ما جاء به سيدنا محمد، ومن عبد الله على غير ما جاء به سيدنا محمد فلن يُقبل منه، وهو في الآخرة من أصحاب النار.[2]

وقد نهى الله عن مخالفة النبي فيما يأمر به أو ينهى عنه، ووصف من يعبده على غير شريعة سيدنا محمد بقوله سبحانه: (عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً)،[3] فإن العامل يسعى ويتعب ويجتهد في العبادة، وفي النهاية لن تُقبل منه وسيكون مصيره النار، وعلامة الإسلام أن يشهد الإنسان أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، والشهادتان ينبني عليها العلم والعمل، وهي تقتضي التسليم المطلق والتام لما جاء به سيدنا محمد أو أخبرنا عنه، دون حرج، أو تضييق، أو جدال، أو أخذ البعض دون الآخر، وكل ذلك يعتبر من مقتضيات الإيمان بالله، وطاعة الرسول واجبة في الأمور التي تتعلّق بالدين، أما الأمور التي تتعلق بالدنيا كوضع الخطط الحربية؛ فقد كان النبي يقدّم المشورة لأصحابه على ما يفعله، وكان القدوة لهم في ذلك.[2]

طاعة أولي الأمر والحاكم

من المبادئ والأمور الثابتة في الدين وجوب طاعة ولي الأمر، ما لم يأمر بما فيه الكفر أو معصية الله تعالى، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (السمعُ والطاعةُ على المرءِ المسلمِ فيما أحبَّ وكرهَ، ما لم يُؤمَرُ بمعصيةٍ، فإذا أُمِرَ بمعصيةٍ فلا سمع ولا طاعةَ)،[4] كما أجمع علماء الأمة الإسلامية على وجوب طاعة ولي الأمر والسمع والطاعة.[5]

والمعني هنا بولاة الأمر؛ هم العلماء والأمراء والحكام ذوو السلطان، وطاعة ولي الأمر وإن ظلم تَدرأ الفتنة واختلال الأمن، وتحافظ على الأمن والاستقرار، وليس المقصود من طاعة الحاكم الظالم هو إهانة أو تحقير الإنسان؛ وإنما في الصبر دفع لما هو أكبر من انتشار الفتن، والقتل، والسلب، والاعتداء على الأموال والأعراض.[5]

طاعة الله ورسوله وأولي الأمر

من الواجب على جميع المؤمنين أن يطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر؛ وهم العلماء والأمراء، فإن حصل الاختلاف فيما بينهم فالمرجع هو كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، قال تعالى: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلً)،[6] حيث يستنبط بعض العلماء ممن وفّقهم الله الوصول إلى الحكم المُختلف فيه، والمسائل التي يجتهد العلماء فيها هي المسائل التي لا نص فيها من الكتاب أو السنة أو الإجماع، وكذلك المسائل التي فيها تعارض في النصوص الواردة تعارضاً ظاهرياً، أو فيها نصوص من السنة مختلف في ثبوتها.[7]

ويحصل الاختلاف فيما بين العلماء لاختلاف أفهماهم، فمنهم من يصيب في الفهم، وهذا يحصل على أجرين، ومنهم من يخطئ وله أجر واحد، وخطؤه مغفور له، حيث إن الوصول إلى الصواب في مثل هذه المسائل قد يكون متيسّر وقد يكون متعسّر، وإن أخطأ العالِم في حكمه في مسألة اجتهادية فلا يجوز التشنيع عليه، كما لا يجوز التشنيع وذمّ من تبعه من عامة المسلمين، فالواجب على المسلمين هو سؤال أهل العلم منهم، وعند سؤالهم فقد قاموا بالواجب عليهم، ولا يكلّف الله نفساً إلا وسعها.[7]

الفرق بين طاعة الله ورسوله وطاعة الحاكم

تعدّ الطاعة ركيزة أساسية من ركائز الحكم في الشريعة الإسلامية، وقاعدة من قواعد النظام السياسي، وهي من الأمور الضرورية التي تساعد الحاكم على القيام بواجباته، كما تساعد الدولة على القيام بواجباتها وتحقيق أهدافها، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لا إسلام بلا جماعة، ولا جماعة بلا أمير، ولا أمير بلا طاعة)، وإن أكثر ما يتميز به النظام الإسلامي عن غيره من النُظم الوضعية، هو ما يَشعره المؤمن بأن الله أوجب عليه هذه الطاعة، فكلما أخلّ بما أوجبه عليه الحاكم أعاده إيمانه إلى الصواب، حتى وإن غاب عنه الحسيب والرقيب، فهو يعلم بأن الرقيب عليه هو الله الذي لا تأخذه سِنة ولا نوم، وإذا اتخذ المؤمن هذه الطاعة على أنها عبادة لله -تعالى- كان له الأجر الكبير على ذلك، فهو يطيع ولي الأمر امتثالاً لأمر الله لا لِعين أشخاصهم.[8]

وفي حديث رسول الله أن الله -تعالى- لا ينظر يوم القيامة إلى ثلاث ولا يكلمهم، منهم: رجل بايع إمامه فلم يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها كان وفياً، وإن لم يُعطِه منها لم يفِ بما بايعه عليه، وعليه فإن طاعة الحكّام وأولياء الأمور من أجل ما يريده الله من الطاعات والقربات، هي من الواجبات التي أوجبها الله على كل مسلم، وهي من حقوق الإمام على أفراد رعيّته، فالله -عزّ وجلّ- لمّا أمر أولياء الأمور بأداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل، أمر الرعية بطاعتهم، إلا أن يأمروهم بمعصية الله، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه وتعالى.[8]

المراجع

  1. ↑ سورة الأنفال، آية: 20.
  2. ^ أ ب أمين الدميري (20-1-2017)، "طاعة الله ورسوله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-1-2019. بتصرّف.
  3. ↑ سورة الغاشية، آية: 3-4.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 7144، صحيح.
  5. ^ أ ب محمد العبدلي، "إما الطاعة بالمعروف أو الفتنة المدمرة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-1-2019. بتصرّف.
  6. ↑ سورة النساء، آية: 59.
  7. ^ أ ب محمد المطري (8-3-2016)، "طاعة الله ورسوله وأولي الأمر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.
  8. ^ أ ب "حق الطاعة"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.