-

ما هو أثر التفكير في حياة المرأة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

التّفكير في حياة المرأة

إنّ المرأة نصفَ المُجتمع، ولها أهميّة بالغةٌ ودورٌ فاعلٌ في رفعة المجتمعات، وهي الجناحُ الأيمن الذي لا يُمكن تجاهله ولا الاستهتارُ بقيمته ولا بمعتقداته وأفكاره، ولأجلِ ذلك كلّه أصبح من اللّازم تهيئتها وتوعيتها وتحسين جودة تفكيرها بما ينعكس بشكلٍ جيّد على نفسها ومن حولها، إذ إنّ التّفكير يرفعُ من شأنها ويُساعدها على تطوير نفسها وأبنائها ومُحيطها، ويصنعُ لها كيانها ووجودها، فكما قال المفكر الفرنسي ديكارت: "أنا أفكِّر، إذاً أنا موجود".[١] فما هو التّفكير وما خصائصه وما أثره على حياة المرأة؟

أثر التفكير في حياة المرأة

للتفكير أثر مهم في حياة الإنسان بشكلٍ عام وفي حياة المرأة بشكلٍ خاص، إذ تقوم المجتمعات على أساس الفكر السليم، فكلما زاد عدد المفكرين وعدد المصحّحين لفكرهم تقدّمت المجتمعات وتطوّرت.[٢] هذا وقد بات تطوّر المجتمعات يقاس بمستوى التطور الاجتماعيّ والثقافيّ للمرأة ومشاركتها الفاعلة في البناء الحضاريّ للمجتمعات.[٣] ومن الآثار المهمة للتفكير في حياة المرأة ما يلي:

  • يُعلي من نسبة نجاح القرارات التي تتخذها المرأة، حيثُ إنّ القرارات التي لا تتبعها دراسة واعية وتفكير فعّال ستبوء بالفشل، مما يدل على أهميّة التّفكير وأثره في أي قرار على المرأة أن تتخذه.[٤]
  • يعمل التّفكير على تهيئة الإنسان بشكل عامٍ، والمرأة بشكل خاص وإعدادها عقلياً لتستطيع تحمّل المسؤولية تجاه مجتمعها وأسرتها ونفسها.[٥]
  • يعملُ التّفكير على تقوية قدرات المرأة العقليّة وتقوية خلايا المخ، حيثُ ثبت علميّاً أنّ خلايا المخ تفقد قوّتها وقدرتها إذا لم تُستخدم كخلايا العضلات.[٦]
  • يُشبع التفكير رغبة المرأة في الاستطلاع والاكتشاف.[٧]
  • يُحرّر التفكير عقلَ المرأة من تصديق الخرافات والخرافات والأوهام، وذلك عبر معرفة طرق اليقين والمنطق العقلي.[٨]
  • يُخلّص التفكير المرأة من الاعتماد على الظنّ والتخمين الذي لا يقود إلى الحقيقة، إنّما يوجّهها للاعتماد على العقل في البحث عن البراهين والأدلة المنطقية.[٩]
  • يُخلّص التفكير المرأة من التقليد الأعمى الذي تتبع فيه أمراً ما دون إعمالٍ للعقل.[٩]

طرق تعزيز التفكير عند المرأة

يُعزَّز التفكير عند المرأة عن طريق ما يلي: [٣]

  • محو الأمية الأبجديّة بين النساء، وذلك من خلال تعليمهنّ الكتابة والقراءة، والتي تُعدّ الدرجة الأولى لرفع المستوى الفكريّ والثقافيّ للمرأة وزيادة وعيها، بحيث تكون فاعلةً في بناء مجتمعها وتطوّره.
  • إشراك المرأة بشكل فعّال في الأنشطة الفنيّة والثقافيّة، وذلك من خلال تشجيعها بكتابة وتأليف القصة والشعر والمسرحية، وتقديم التسهيلات اللازمة لنشر نتاجها الأدبيّ وتطويره عن طريق إقامة الدراسات النقدية البنّاءة، حيث تعمل هذه الدراسات على تنمية وتشجيع المرأة على المشاركة الفاعلة في مثل هذه الانشطة الفنيّة، كالمسرح، والموسيقى، والفنون التشكيليّة المختلفة، كالنحت، والزخرفة، والرسم، وذلك حسب قابليتها لهذه الأنشطة.
  • إصدار التشريعات الدوليّة اللازمة لضمان حقوق المرأة المدنيّة كاملة وحرياتها، وحمايتها من العنف والأذى الناتج عن بعض العادات والتقاليد والأعراف العشائريّة التي تمنعها من إطلاق طاقاتها الإبداعيّة.
  • تعزيز الدور الحقيقي لمنظمات المجتمع المدني -وبخاصّةٍ المنظمات النسويّة- في بناء وزيادة وعي وثقافة المرأة، وذلك عن طريق إنشاء جمعيات ومراكز ونوادٍ ثقافيّة تُعنى بتثقيف المرأة والمجتمع، وتعزيز أهميّة دور المرأة في بناء وتطوير مجتمعها.
  • وضع مناهج تربويّة لجميع المراحل العمريّة في الجامعات والمدارس تدعم احترام المرأة وتعترف بأهميّتها على الصعيد التربويّ والثقافيّ وبناء المجتمع.

تعريف التفكير

عرّف الباحثون التفكير بتعاريف كثيرة، منها:[١٠]

  • عرف شاكر عبد الحميد التفكير على أنّه مجموعة من العمليّات الداخليّة العقليّة التي تهدف لاتخاذ قرارٍ أو حل مشكلة أو الوصول إلى هدف معين أو البحث عن معنىً ما.
  • وعرّف فتحي جروان التفكير بأنّه مجموعة من النشاطات العقليّة غير المرئيّة التي تقوم بالبحث عن المعنى في الموقف أو الخبرة، ويقوم الدماغ بهذه المهمة عن طريق استقباله للمُثير الذي يتعرّض له عن طريق الحواسِّ الخمسة. وهو سلوك تطويريّ هادف يتكوّن من العمليّات المعرفيّة وفوق المعرفيّة والعوامل الشخصيّة، والمعرفة الخاصة بالحدث الذي يدور التفكير حوله.
  • وقد عرّفه علماء النّفس بأنّه استخدام الوظائف النّفسيّة للتوصّل إلى حلٍّ لمشكلة ما، وإيجاد حلول لها ليقوم العقل بعد ذلك بمفاضلتها من أجل اختيار الحل النهائي.[١١]

خصائص التفكير

يتميز التفكير بعدة خصائص منها: [١٢]

  • يعتبر التّفكير بشكلٍ عامّ سلوكاً هادفاً ولا ينشأ في فراغ ودونَ غاية.
  • يمكن الوصول للتفكير الفعّال بالتدريب المستمر، ولا يوجد تفكير كامل على أرض الواقع.
  • يرتبط تفكير الإنسان بماهية النّشاط الذي يقوم به، إذ يُعدّ تفكير الإنسان دالّاً عليه وعلى شخصيّته.
  • يتكون التفكير من عناصر المحيط المتداخلة وهي الموقف، والموضوع الذي يدور حوله التفكير، والزمان الذي يُقصد به مدة التفكير.
  • يعتبر التّفكير نشاطاً عقليّاً يرتكز على ما يرسخ في ذهن الإنسان من خبرات ومعلومات عمّا حوله من ظواهر وقوانين.
  • يرتكز التفكير على تنظيم الخبرات المتراكمة وتكاملها.
  • يعتبر التّفكير سلوكاً متطوّراً مع الإنسان، إذ يزداد بتراكم خبراته ونمّوه ويُصبح أكثر تعقيداً.
  • يُشكّل التّفكير عند الإنسانِ ما يشبه الخارطة؛ إذ ينتقي منها ما يساعده على عمله ليُحقّق أهدافه ويستثمر وقته.
  • يأخذ التفكير مساحةً كبيرةً عند الإنسان ليتصّور من خلاله صورته عن المستقبل وعن الظروف التي تعاونه على بلوغ أهدافه وطموحاته.

نظرة الإسلام عن التفكير

كرّم الله تعالى الإنسان منذُ خلَقه أكبر تكريم، وميّزه عن الكائنات كلها بمنحه العقل الذي يُمارس من خلاله عملية التّفكير، وجعل تكليفه واختباره منوطاً به، بعدَ أن أرسى له حريّة الاختيار. وقد حثّت الشريعة الإسلاميّة على أهميّة التفكير ووجوب كونِ المسلم إنساناً مفكّراً ليكون إيمانه منوطاً بأسس وركائز راسخة من الأدلة العقليّة والمنطقيّة، فقد قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الألْبَابِ)،[١٣] كما قال: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).[١٤]

ويتميّز المسلم المُفكّر بأنّ دينه وإيمانه لا يتزعزعان أمام الأباطيل والخرافات التي يمكن أن تواجهه في مسيرة حياته، ويفيد التّفكير الإنسان أيضاً في فهم وتحقيق الغاية التي أرادها الله من خلق الإنسان، وجعله خليفةً له في الأرض، فقد قال تعالى: (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ).[١٥]

وقد خصّ الإسلامُ المرأة بالتّكريم، وأعلى من شأن عقلها وفكرها، وقد تبيّن ذلك في كثيرٍ من المواقفِ، منها: (قال عمرُ: لا تُغالوا في مُهورِ النساءِ: فقالَتِ امرأةٌ ليس ذلك لكَ يا عمرُ، إنَّ اللهَ يقولُ وآتَيْتُم إِحداهُنَّ قِنطارًا مِن ذهبٍ، فقال عمرُ: امرأةٌ أصابَتْ رجلٌ أخطأَ)،[١٦] إذ احترمَ عمر بن الخطّاب خليفة المسلمين كلام المرأة وتفكيرها لكونها على القول الحق.

وقد قبل النبي-صلى الله عليه وسلم- مشورة زوجته أم سلمة رضي الله عنها، وذلك عندما تم الصلح بين النبي -صلى الله عليه وسلم- ومشركي قريش قام رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقال لأصحابِه: (قوموا فانحَرُوا ثم احْلِقُوا. قال: فواللهِ، ما قام منهم رجلٌ حتى قال ذلك ثلاثَ مراتٍ، فلما لم يَقُمْ منهم أحدٌ دخَلَ على أمِّ سَلَمَةَ، فذَكَرَ لها ما لَقِيَ مِن الناسِ، فقالت أمُّ سَلَمَةَ: يا نبيَّ اللهِ، أَتَحُبُّ ذلك، اخرُجْ لا تُكَلِّمْ أحدًا منهم كلمةً، حتى تَنْحَرَ بُدْنَك، وتَدْعُوَ حالقَك فيَحْلِقَكَ. فخَرَجَ فلم يُكَلِّمْ أحدًا منهم حتى فعَلَ ذلك، نحَرَ بُدْنَه، ودعا حالقَه فحَلَقَه، فلما رأَوْا ذلك قاموا فنَحَرُوا وجعَلَ بعضُهم يَحْلِقُ بعضًا)،[١٧] وفي قبول النّبي -صلى الله عليه وسلم- المشورة من زوجته إعلاءٌ لقدرِ المرأة وتفكيرها واحترامها.

المراجع

  1. ↑ أنيس منصور (4-8-2011)، "أنا أفكر إذن أنا موجود!"، جريدة الشرق الأوسط، اطّلع عليه بتاريخ 25-4-2017.
  2. ↑ عصر أحمد إبراهيم (7/4/2014)، "التفكير السليم أساس تقدم المجتمعات والأمم"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 4/8/2017.
  3. ^ أ ب العكام صباح شاكر، "دور المرأة في بناء المجتمعات"، صحيفة المثقف، اطّلع عليه بتاريخ 4/8/2017.
  4. ↑ د. أمين بن عبدالله الشقاوي (9-9-2014)، "التفكير أحواله وفوائده"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2017.
  5. ↑ أ.علي بن محسن الشويش (2012)، أثر التفكير في البناء الثقافي (الطبعة الأولى)، الرياض: دار المفردات للنشر والتوزيع، صفحة 8.
  6. ↑ أ.علي بن محسن الشويش (2012)، أثر التفكير في البناء الثقافي (الطبعة الأولى)، الرياض: دار المفردات للنشر والتوزيع، صفحة 25.
  7. ↑ أ.علي بن محسن الشاويش (2012)، أثر التفكير في البناء الثقافي (الطبعة الأولى)، الرياض: دار المفردات للنشر والتوزيع، صفحة 27.
  8. ↑ أ.علي بن محسن الشاويش (2012)، أثر التفكير في البناء الثقافي (الطبعة الأولى)، الرياض: دار المفردات للنشر والتوزيع، صفحة 66.
  9. ^ أ ب أ.علي بن محسن الشاويش (2012)، أثر التفكير في البناء الثقافي (الطبعة الأولى)، الرياض: دار المفردات للنشر والتوزيع، صفحة 67.
  10. ↑ أديب الخالدي محمد (2003)، سيكولوجية الفروق الفرديه والتفوق العقلي (الطبعة الأولى )، عمان-الأردن: وائل للنشر والتوزيع، صفحة 23-35.
  11. ↑ يوسف إسماعيل سليمان (1-9-2010)، "التفكير (1)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2017.
  12. ↑ العيساوي سيف طارق حسين (1/6/2011)، "خصائص التفكير و تصنيفاته "، uobabylon، اطّلع عليه بتاريخ 4/8/2017.
  13. ↑ سورة آل عمران، آية: 190.
  14. ↑ سورة البقرة، آية: 219.
  15. ↑ سورة آل عمران، آية: 191.
  16. ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في فتح الباري لابن حجر، عن أبي عبد الرحمن السلمي، الصفحة أو الرقم: 9/111.
  17. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، الصفحة أو الرقم: 2731، خلاصة حكم المحدّث: صحيح.