-

ما هو الموقع الجغرافي

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الموقع

كان الإنسان على مرّ العصور يُحاوِل معرفة العالم من حوله وما يحيط به، فكان المصريون القدماء يهتمّون بمعرفة مساحات الأرض، وكذلك معرفة كيفيّة توجيه مبانيهم بشكلٍ دقيقٍ، في حين أنّ الفينيقيين كانوا يهتمّون بالملاحة، وعلى الرّغم من كلّ ما قدّمه الفراعنة والفينيقيون من معلومات في مجال الجغرافيا؛ إلّا أنّ أوّل من قدّم لنا معلومات مُفصّلة عن الجغرافيا هم الإغريق القدماء، فالشّاعر هوميروس المشهور بملحمته الأدبيّة الاوديسّة يعدّ أول جغرافيٍّ إغريقيٍّ؛ حيث كان وصفه لاْماكن مختلفة في إقليم البحر الأبيض المتوسّط دقيقاً جداً على الرّغم من أنّ ملحمته لم تكن مُختصّةً بالأمور الجغرافيّة،[1] والموقع هو أحد المفاهيم الجغرافيّة وقد يكون أهمّها، فالجغرافيا هو علم المكان وعلاقة الأماكن ببعضها البعض والاختلاف بينها، وبذلك فإنّ الجغرافيا هي علم الموقع والاختلاف بين المواقع وعلاقتها ببعضها البعض. إنّ أهميّة أي موقع يتحدّد بمحيطه أكان قريباً أو بعيداً، يُعتقد أنّ أوّل من تحدّث عن أهمّية الموقع الجغرافيِّ وأهميّته في إنشاء المباني العمرانيّة هو العالم اليوناني سترابو، ومع نهايّة القرن الثّامن عشر كانت بداية استخدام مفهوم الموقع.[2]

الموقع الجغرافي

تُرسم دوائر العرض كاملةً حول الكرة الأرضيّة بشكلٍ موازٍ لخطّ الإستواء من الشّمال والجنوب وكلّما اتّجهنا نحو القطبين تصغر هذه الدّوائر، وهنالك خطوط عرض أساسيّة على الخريطة، وهي:[5]

  • خط الاستواء: وهو أكبرها، وتكون أشعّة الشّمس عموديّةً عليه مرّتين في السّنة.
  • المداران: وهما دائرتان تتعامد أشعّة الشّمس مرّة في السّنة على كلٍ منهما، والمدار الشّمالي يُعرف بمدار السّرطان، والمدارالجنوبي يُعرَف بمدار الجدي.
  • الدّائرتان القطبيّتان: تكون إحداهما في شمال الكرة الأرضيّة والآخر في الجنوب.
  • القطبان: وهما النّقطتان الموجودتان على طرفي محور الاْرض.

تصل خطوط الطّول بين القطبين الشّماليّ والجنوبيّ وتكون متعامدةً على خط الاستواء، وتفيد خطوط الطّول ودوائر العرض في رسم الخرائط بشكلٍ دقيقٍ، كما أنّها تفيد في تعيين الاتّجاهات الّتي يحتاجها الطّيارون والبحّارون، وتفيد أيضاً في تسهيل معرفة الزّمن في جميع الدّول من خلال معرفة موقعها بالنّسبة لخطّ جرينتش، فالأماكن الّتي تقع على خطّ طولٍ واحدٍ تكون جميعها بنفس التّوقيت، فمثلاً تكون مدينة الاسكندريّة ولينغراد في الاتّحاد السّوفيتيّ بنفس التّوقيت؛ وذلك لأنّهما تقع على نفس خطّ الطّول (30 درجة شرقاً).[5]

إنّ للموقع الجغرافي دورٌ مهمٌ في توزيع المباني العمرانيّة من مبانٍ ريفيّةٍ ومدنيّةٍ، ويؤثّر أيضاً في توزيع السّكان، وكذلك الإنتاج الزّراعيّ ونوعه في الأقاليم، فبُعد الأقاليم عن خط الاستواء مثلاً يؤثر في طبيعة النّباتات وحتّى نوع الحيوانات الّتي تعيش فيه، ويصل تأثيره إلى نشوء الحضارات وتمدّنها، فنرى على سبيل المثال أنّ الجزء الشّماليّ من الكرة الأرضيّة قد قامت فيه حضارات كبيرةٌ ومدنٌ ذات تطوّرٍ ونشاطٍ اقتصاديٍّ كبيرٍ؛ إلا أنّنا لا نرى ذلك التّقدم والتّطور في الجزء الجنوبيّ من الكرة الأرضيّة.[2]

الموقع الجغرافي الطّبيعي

هو موقع المكان من النّاحية الجغرافيّة الطّبيعيّة كالتّضاريس، وللموقع الجغرافيّ الطّبيعيّ مجموعةٌ من العناصر التي تؤثّر فيه، منها المناخ والتّركيب الجيولوجي وشكل سطح الأرض (وديانٍ وسهولٍ وجبالٍ)، وكذلك المسطّحات المائيّة (محيطات، ومستنقعات، وبحار)، وأيضاً النّبات الطّبيعيّ (الحشائش والنّباتات الصّحراويّة والغابات)، وكلّ هذه العناصر تؤثّر في الشّكل الخارجي والدّاخلي للأقاليم، فنرى عند المناطق ذات السّهول الخصبة والمياه الوفيرة مراكز للإعمار البشري على مرّ الزمان.[6]

الموقع الجغرافي الاقتصادي- البشري

إنّ مفهوم الموقع الجغرافي الاقتصادي - البشري تشكّل على يد بارانسكي الجغرافي الروسي عام 1929م؛ وذلك أثناء دراسته للأقاليم والمدن، وهذه النّظريّة تُعدّ إحدى الإنجازات الجغرافيّة الاقتصاديّة السّوفيتيّة خلال الفترة الاشتراكيّة؛ إلّا أنّ أوّل من استخدم مفهوم الموقع الجغرافي الاقتصادي هو الفرنسي إلكين، ويرى بارانسكي أنّ الموقع الجغرافي الاقتصادي هو العلاقة ما بين منطقةٍ معيّنةٍ وما بين مجموعة العناصر الاقتصاديّة خارج هذه المنطقة والتي تُحيط بها.[7]

الموقع الجغرافي للوطن العربي

كما تحدّثنا سابقاً، فإنّ الوطن العربي يقع بين دائرتي عرض 38 درجة شمالاً و درجتين جنوباً، وبين خطّي الطّول 60 درجة شرقاً و 16 درجة غرباً، وهذا يعني أنّ معظم الوطن العربي يقع في الجزء الشّمالي من الكرة الأرضيّة؛ حيث يحتلّ 40 دائرة عرض، في حين أنّ أربعة أخماس الوطن العربي يقع في النّصف الشّرقي من الكرة الأرضيّة، أمّا باقي الوطن العربي (الخمس الباقي) يقع في الجزء الغربي من الكرة الأرضيّة.[4]

إنّ الوطن العربيّ يتوسّط العالم ويربط بين قارّاتٍ ثلاثةٍ، وهي: إفريقيا، وآسيا، وأوروبا، وهو يُشرِف على مجموعةٍ من المسطّحات المائيّة، ويُسيطر على مياه البحر الأحمر والخليج العربي وكذلك البحر الأبيض المتوسّط، ونجد في الوطن العربي تنوعاً مناخياً نظراً لوقوعه بين درجتي عرض 2 درجة جنوباً و38 درجة شمالاً، وهذا ما يجعل المناطق الشّماليّة منه ذات مناخٍ معتدلٍ وباردٍ، ولأجل موقعه المميز نجد الكثير من الحضارات قد قامت على أرضه.[8]

الموقع النّسبي

هو موقع المكان أو الإقليم بالنّسبة للمناطق والأماكن المهمّة المحيطة حوله، ويتغيّر الموقع النّسبيّ بتغيّر كلٍ من الظّروف الاقتصاديّة والبشريّة وكذلك التّاريخيّة، ويساعد الموقع النّسبي على تحليل منطقتين أو إقليمين سواء أكان ذلك عن طريق الثّقافة أو المسافة أو حتّى التّكنولوجيا، فالاتّجاهات (شمال، وجنوب، وشرق، وغرب) تساعدنا في وصف وتحديد المكان بالنّسبة لمكان آخر، فمدينة كييف في أوكرانيا تبعد حوالي 2.298 كيلومتر شرق مدينة لندن في بريطانيا، وهنالك مواقعٌ ثقافيّةٌ كموقع الغرب المتوحّش الذي يشير إلى أجزاء من الولايات المتّحدة الامريكيّة غرب نهر المسيسيبي؛ إذ إنّ هذا المصطلح (الغرب المتوحّش) لا يتضمّن ولايات هاواي وألاسكا الواقعة أقصى الغرب من الولايات المتّحدة الأمريكيّة.[4][3]

المراجع

  1. ↑ جهاد محمد عزت قربة (29-9-2016)، "التطور التاريخي للفكر الجغرافي"، uqu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 5-1-2018. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ممدوح الدبس (2014)، "مفهوم الموقع الجغرافي الاقتصادي- البشري، وأهميته كعامل في تحديد بنية الإقليم الاقتصادي وتخصصه ووظائف مراكزه العمرانية (إقليم الساحل السوري ومدنه نموذجاً) "، مجلة جامعة دمشق، العدد الاول والثاني، المجلد 30، صفحة 741. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "location", www.nationalgeographic.org, Retrieved 8-1-2018. Edited.
  4. ^ أ ب ت كفاية حسن (13-11-2014)، "الموقع الجغرافي للوطن العربي"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2018. بتصرّف.
  5. ^ أ ب سعد الخرسان (12-12-2012)، "دوائر العرض وخطوط الطول"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2018. بتصرّف.
  6. ↑ ممدوح الدبس (2014)، "مفهوم الموقع الجغرافي الاقتصادي- البشري، وأهميته كعامل في تحديد بنية الإقليم الاقتصادي وتخصصه ووظائف مراكزه العمرانية (إقليم الساحل السوري ومدنه نموذجاً) "، مجلة جامعة دمشق، العدد الاول والثاني، المجلد 30، صفحة 743. بتصرّف.
  7. ↑ ممدوح الدبس (2014)، "مفهوم الموقع الجغرافي الاقتصادي- البشري، وأهميته كعامل في تحديد بنية الإقليم الاقتصادي وتخصصه ووظائف مراكزه العمرانية (إقليم الساحل السوري ومدنه نموذجاً) "، مجلة جامعة دمشق، العدد الاول والثاني، المجلد 30، صفحة 744-745. بتصرّف.
  8. ↑ يحيى نبهان (2010)، أطلس الوطن العربي، عمان -الاردن: دار يافا العلميّة للنشر، صفحة 9. بتصرّف.