-

ما أهمية تنوع المناخ في فلسطين

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

موقع فلسطين

تُطِلُّ فلسطين على البحر الأبيض المُتوسِّط؛ حيث تقع على الساحل الشرقيّ له، ولها حدود مع العديد من الدُّول العربيّة؛ إذ تحدُّها المملكة الأردنيّة الهاشميّة من الشرق، بالإضافة إلى الجمهوريّة العربيّة السوريّة، كما يحدُّها من الشمال لبنان، وجزء من الجمهوريّة العربيّة السوريّة أيضاً، أمّا من الجنوب فيحدُّها خليج العقبة، وصحراء سيناء، وفي ما يتعلَّق بموقع فلسطين بالنسبة إلى خطوط الطول ودوائر العرض، فهو بين خطَّي طول 34 درجة و15 دقيقة، و35 درجة و40 دقيقة شرقاً، وبين دائرتَي عرض 29 درجة و30 دقيقة، و23 درجة و15 دقيقة شمالاً.[1]

تنوُّع المناخ في فلسطين

لموقع فلسطين بين صحراء سيناء، وصحراء الأردن، وساحل البحر الأبيض المُتوسِّط الشرقيّ، دور كبير في تنوُّع المناخ فيها؛ حيث إنّها تتعرَّض لتأثير الصحراء والبحر في آن واحد، كما تتعرَّض للإشعاع الشمسيّ بدرجة كبيرة، ففيها المناخ المداريّ، والمناخ الصحراويّ، والمناخ شبه الصحراويّ، كما يختلف المناخ في فلسطين بين مناطق الشمال، والجنوب، والأغوار، والسهول الساحليّة، وقد أدّى موقع فلسطين شرق البحر الأبيض المُتوسِّط إلى وُقوعها يمين المنخفضات الجوّية، التي تُؤثِّر في الحوض الشرقيّ منه شتاءً؛ فتهطُل الأمطار بشكل غزير على مناطق شمال فلسطين، وبالاتّجاه من الشمال إلى الجنوب تقلُّ كمِّيتها، وتتأثَّر فلسطين بمراكز الضغط الجوِّي كمرتفع آزور، ومرتفعات سيبيريا، ومنخفضات البحر الأحمر، والبحر الأبيض المُتوسِّط.[1]

وتتمتَّع فلسطين بمناخ البحر الأبيض المُتوسِّط؛ أي المناخ الساحليّ، الذي يجمع بين تأثيرات الصحراء، والبحر الأبيض المُتوسِّط؛ ممّا يجعلها حارَّة وجافَّة صيفاً، بينما يكون الشتاء بارداً وماطراً فيها، أمّا التفاصيل المُرتبِطة بالطقس، فتختلف من منطقة إلى أخرى تِبعاً لاختلاف التضاريس، أو اختلاف خطِّ العرض الجغرافيّ، أو تِبعاً لدرجة مواجهة الجبال للرياح التي تهُبُّ من جهة البحر، وعادة ما يكون الجوُّ في المناطق المرتفعة مُعتدِلاً، وكُلَّما قلّ الارتفاع تبدأ درجات الحرارة بالتزايُد،[2] ويُمكِن تصنيف عناصر المناخ في فلسطين إلى: الضغط الجوِّي، والكُتَل الهوائيّة، والرياح، والأمطار، والثلوج، والإشعاع الشمسيّ، والرطوبة، والندى، والتبخُّر.[3]

وترتفع درجات الحرارة بشكل عامّ في فلسطين لتصل أقصاها في شهر آب/أغسطس، وهي 37 درجة مئويّة في المرتفعات، و49 درجة مئويّة في الأغوار الجنوبيّة، أمّا في الفترة ما بين شهر كانون الثاني/يناير، وشهر تموز/يوليو، فيتراوح مُعدَّل درجة الحرارة بين 11-23 درجة مئويّة في المناطق الجبليّة، في حين تكون بين 14-23 درجة مئويّة في المناطق الساحليّة، وفي منطقة العقبة، والأغوار تتراوح بين 25-32 درجة مئويّة، وفي ما يتعلَّق بالإشعاع الشمسيّ، فإنّ فلسطين تتعرَّض له من شهر أيّار/مايو، إلى منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر، وبالتطرُّق إلى هبوب الرياح، فإنّه يجدر الذِّكر بأنّ فلسطين تتعرَّض لهبوب الرياح من الصحراء خلال فصل الربيع، حيث تكون رياحاً خماسينيّة، أمّا الأمطار فهي تتفاوت من منطقة إلى أخرى، إلّا أنّ هطولها بشكل عامّ يكون بين شهرَي تشرين الأول/أكتوبر، وتشرين الثاني/نوفمبر، ويكون أعلى مُعدَّل هطول تقريباً في شهرَي كانون الأوّل/ديسمبر، وكانون الثاني/يناير، كما يجب التنبيه إلى أنّ الأمطار تقلُّ مع انخفاض الارتفاع، إضافة إلى أنّها تقلُّ بالاتّجاه إلى جنوب فلسطين بشكل عامّ، أو إلى الشرق من الكُتلة الجبليّة.[2]

أهمِّية تنوُّع المناخ في فلسطين

تتمتَّع فلسطين بتنوُّع مناخيّ كبير، بالإضافة إلى تنوُّع التضاريس فيها، وقد انعكس هذا الأمر على التنوُّع الكبير في الأنماط البيئيّة، والأنماط الزراعيّة، والبيولوجيّة، والجغرافيّة،[4] حيث يُؤثِّر التنوُّع المناخيّ في تنوُّع التربة، وتنوُّع النباتات الطبيعيّة، وفي تنوُّع المنتجات الزراعيّة، بالإضافة إلى تنوُّع الثروة الحيوانيّة،[5] وفي هذا المقال شرحٌ توضيحيّ لأهميّة وتأثير التنوُّع المناخي في العديد من المجالات.

التنوُّع النباتيّ

تتنوُّع النباتات في الأراضي الفلسطينيّة تنوُّعاً كبيراً تِبعاً لتنوُّع المناخ والتضاريس؛ فهناك النباتات دائمة الخُضرة، وهناك النباتات النفضيّة؛ أي النباتات التي تسقط أوراقها في فصول مُحدَّدة، كما تُوجَد النباتات المداريّة، والنباتات الصحراويّة، وتِبعاً لتقسيم المناخ في فلسطين، تمّ تقسيم الغطاء النباتيّ، حيث هناك إقليم النباتات الصحراويّة، وهذا الإقليم يشتَمِل على معظم أراضي فلسطين التاريخيّة، وتنتشر في هذا الإقليم التربة الصحراويّة الرماديّة الخشنة، وتنمو النباتات فيه بشكل مُبعثَر في الوديان، وفي المناطق المنخفضة، إضافة إلى تكوُّن النباتات الشوكيّة في أغلبها على شَكْل أعشاب قصيرة، وشُجيرات، مثل: العرعر، والخُزامى، والرتم، والعجرم، وغيرها.[6]

ومن الجدير بالذِّكر وجود إقليم النباتات الإيرانيّة، أو الطورانيّة؛ وهو إقليم شِبه صحراويّ، يمتدُّ بمحاذاة إقليم نباتات البحر المُتوسِّط، ويتميَّز الإقليم بقِلَّة الأمطار فيه، وتنتشر فيه تربة السهوب الرماديّة، وتربة اللويس، كما تظهر فيه الشُّجيرات التي تكون قصيرة، ومُتّصِلة، مثل: الرتم، والسوسن، والسدر، وغيرها، أمّا إقليم نباتات البحر المُتوسِّط، فيمتدُّ على طول الساحل متَّجِهاً إلى شمال غزّة، ومنها يمتدُّ نحو المرتفعات الوُسطى، والجزء الشماليّ من وادي الأردن، وينتهي الإقليم على بعد 65كم جنوب مدينة القدس.[6]

وتعيش في هذا الإقليم تجمُّعات من أشجار الغابات دائمة الخضرة، والأشجار النفضيّة؛ ولذلك تُسمَّى منطقة غابات البحر المُتوسِّط، ويتميَّز الإقليم بوَفْرة الأمطار فيه؛ ولهذا تنتشر فيه التربة الحمراء، والتربة البُنّية، ومن الأشجار التي تنمو فيه: الزيتون البرِّي، والعرعر، والصنوبر، كما تنتشر غابات الصنوبر الحلبيّ، والخرّوب، والسرو، وغيرها في السفوح السُّفلية للمُرتفَعات، وأخيراً، لا بُدّ من ذِكر إقليم نباتات التداخُل السودانيّة؛ وهو إقليم يجمع بين النباتات السودانيّة الحقيقيّة، والإقليم الصحراويّ، وهو يمتدُّ في وادي الأردن، ومنطقة البحر الميِّت، وفي وادي عربة، ومناطق السبخات، ويتميَّز بوَفْرة المياه فيه، الأمر الذي يُؤدِّي إلى ارتفاع نسبة الرطوبة، ومن النباتات التي تنمو فيه: القصب، والكافور، والزنبق، والخنشار (السرخس)، والحنّاء، واللوطس، وغيرها.[6]

التنوُّع الحيوانيّ

أدّى التنوُّع المناخيّ في فلسطين إلى التنوُّع الكبير في الثروة الحيوانيّة؛ حيث إنّها تُشبِه المحميّة الطبيعيّة في تنوُّع الحيوانات، والحشرات، علماً بأنّ دولة فلسطين تشتمل على العديد من الكائنات الحيّة التي تعيش في المناطق الباردة، والمناطق الحارَّة، والمناطق الجافَّة، والرطبة أيضاً،[7] كما تنتشر في فلسطين الكثير من أنواع الثدييات، وخاصّة في منطقة البحر المُتوسِّط، مثل: الخفافيش، والضبع الرقطاء، والذئب العربيّ، والقطط البرّية، والغزال العربيّ، إضافة إلى أنّ الدراسات أشارت إلى وجود الثدييات البحريّة فيها، مثل الدلفين.[8]

وتتنوُّع في فلسطين الطيور، مثل: العصفوريّات، والزقزاقيّات، والطيور المُغرِّدة، والطيور المُفرِّخة، بالإضافة إلى بعض الطيور التي وُجِدت فيها قديماً، على الرغم من انقراضها منها، مثل: النعامة، وبومة السمك البُنِّية، وهناك أنواع من الطيور تهاجر من فلسطين في فصل الشتاء، كما تزورها بعض أنواع الطيور في ظروف مناخيّة مُعيَّنة، علماً بأنّ هناك عدداً قليلاً من البرمائيّات في فلسطين، وممّا يجدر ذِكره أنّ اللافقاريّات تتعَدَّد فيها، أمّا في ما يتعلَّق بالزواحف، فهي عديدة، ومنها ما انقرض، وتعيش أعلى نسبة من الزواحف في المناطق القاحلة، وشبه القاحلة من الصحراء، ومناطق البحر المُتوسِّط.[8]

ومن الأمثلة على التنوُّع الحيويّ في فلسطين، والذي يستغِلُّه السكّان على أكمل وجه، هو تعَدُّد أنواع النحل، والذي يَنتُج عنه التنوُّع الكبير في أنواع العسل، مثل: عسل السدر، وعسل الزعتر، وعسل التفاح، وعسل السمسم، وعسل الفراولة، وعسل الكافور، والعديد من الأنواع الأخرى، كما أنّ تربية النحل في فلسطين يُعَدُّ أمراً مُهمّاً؛ لما له من تأثير إيجابيّ في القطاع الزراعيّ، والاقتصاديّ، إذ إنّ سُلالات النحل في فلسطين، والشام، تُعتبَر أساس سُلالات النحل في العالم بأجمعه، وقد اعتنى المُزارِع الفلسطينيّ بالنحل منذ القِدَم لإنتاج العسل؛ ولذلك يُعتبَر النحل من الكنوز التي تتميَّز بها دولة فلسطين.[7]

تأثير التنوُّع المناخي

في القطاع الزراعي

يعود التنوُّع المناخيّ في فلسطين على القطاع الزراعيّ بفائدة كبيرة،[9] وأهمُّ العناصر التي يحتاجها هذا القطاع هو التربة، حيث إنّ عوامل تكوين التربة كثيرة، ومنها: الصخور، والموادُّ العضويّة، والمناخ، إضافة إلى الرياح التي لها تأثير كبير في نوع التربة؛ حيث تَحمِل الرياح التربة الناعمة من خارج الأراضي الفلسطينيّة، وخاصّة صحراء سيناء، كما أنّ للأمطار دور كبير في توزيع أصناف التربة، وانتشارها، فمثلاً تنتشر التربة الرمليّة، وتربة اللويس في جنوب فلسطين، تِبعاً لانخفاض مُعدَّل الأمطار، أمّا التربة الحمراء، أو الورديّة، فتنتشر في المناطق الرَّطبة التي تكثر فيها الأمطار، مثل: الخليل، ونابلس، وجبال القدس.[4]

ويسمح التنوُّع المناخيّ بنُموِّ المُنتَجات الزراعيّة، وتنوُّعِها بشكل كبير، فبالرغم من أنّ المساحات الزراعيّة في فلسطين تُعَدُّ صغيرة نسبيّاً مُقارنة بالدُّول الأخرى، إلّا أنّ التنوُّع في المناخ كبير جدّاً، وهو ينعكس على تنوُّع المُنتَجات الزراعيّة، ويجعل الإنتاج الزراعيّ مُستمِرّاً طوال العام، فمثلاً تنمو الخضروات الشتويّة في فصل الشتاء في مناطق الأغوار الدافئة، في حين يُؤدِّي المناخ المُعتدِل في فصل الصيف إلى نُموِّ مُختلَف أنواع الخضروات في المناطق الجبليّة، والمناطق الواقعة على الساحل.[9]

وقد أدّى تطوُّر القطاع الزراعيّ إلى نُموِّ المبيعات في فلسطينح حيث ازداد تصدير المُنتَجات المُختلِفة، مثل: النباتات الطبِّية، والزيتون، والحِمضيّات، والطماطم، ومُختلَف أنواع الفاكهة، ومن أهمّها الفراولة التي تُعَدُّ أهمّ المُنتَجات التي يتمّ تصديرها إلى الأسواق في أوروبا، كما ازداد تصدير التوابل، والورود أيضاً،[9] وقد سمحَ تنوُّع مناخ، وجغرافيّة الأراضي الفلسطينيّة، بنجاح الزراعة المرويّة في وادي الأردن، ونجاح الزراعة المُعتمِدة على مياه الأمطار في المناطق الجبليّة،[4] والجدير بالذِّكر أنّ تطوُّر القطاع الزراعيّ في فلسطين، أدّى إلى ازدياد عدد الوظائف التي يَشغلُها هذا القطاع، ممّا يُؤثِّر إيجابيّاً في الاقتصاد.[9]

في القطاع السكّاني

إنّ ممّا يُمكِن قوله عن تأثير التنوُّع المناخيّ في السكّان، ومناطق تجمُّعِهم، هو أنّ التوزيع الجغرافيّ للسكّان في أيِّ منطقة يتأثَّر بالعوامل الطبيعيّة، إضافةً إلى العوامل البشريّة؛ حيث ربط غوثان قديماً بين التوزيع السكّاني، والمناخ، وذلك عندما قسَّم فلسطين إلى إقليمَين مناخيَّين، هما: إقليم المناخ الصحراويّ، وإقليم مناخ البحر المُتوسِّط، وجعل الفاصل بينهما خطّاً يجعل منهما إقليمَين مُتساوِيَين في المساحة تقريباً، إلّا أنّهما يختلفان في كمِّيات الهَطل السنويّ، وهنا أشار إلى أنّ الحدَّ المناخيّ يُطابِق الحدَّ السكّاني؛ فإقليم البحر المُتوسِّط، وِفقاً لظروفه المناخيّة، وكثرة الأمطار فيه، يتمتَّع بكثافة سُكّانية مُرتفِعة، أمّا الإقليم الصحراويّ، فالكثافة السكّانية فيه مُنخفِضة، وِفقاً لظروفه المناخيّة الصعبة.[10]

المراجع

  1. ^ أ ب "مناخ فلسطين"، www.info.wafa.ps، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-15. بتصرّف.
  2. ^ أ ب هيئة من المؤلفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض- المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 449-450، جزء 17 غ-ف. بتصرّف.
  3. ↑ "المناخ"، www.palestinapedia.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-15. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت زهران اخليف (2016)، دولة فلسطين الجهاز المركزي لإلحصاء الفلسطيني، التقرير الوطني الخامس للتنوُّع الحيوي، 5102، صفحة 15-16. بتصرّف.
  5. ↑ "الموقع"، www.palestinapedia.net، 2015-10-28، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-15. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت زهران اخليف (2016)، الجهاز المركزي لإلحصاء الفلسطيني التقرير الوطني الخامس للتنوع الحيوي، 2015، صفحة 19-20. بتصرّف.
  7. ^ أ ب "النحل في فلسطين"، www.info.wafa.ps، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-15. بتصرّف.
  8. ^ أ ب زهران اخليف (2016)، الجهاز المركزي لإلحصاء الفلسطيني، التقرير الوطني الخامس للتنوع الحيوي، 5102، صفحة 21-24. بتصرّف.
  9. ^ أ ب ت ث "Agriculture", www.pipa.ps, Retrieved 2018-7-15. Edited.
  10. ↑ "السكان"، www.palestinapedia.net، 2014-8-3، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-15. بتصرّف.