تعتبر العولمة من أهم التغييرات التي حدثت على نطاق العالم في حياتنا المعاصرة، بكل ما تحمله من حقائق وتجليّات ومخاطر، وقد نتج عنها تغييرات كبيرة ثقافية واقتصادية مما جعل بعض الباحثين والمفكرين يتوقعون حدوث العديد من التغييرات العميقة في نُظُم التعليم الجامعي، وتؤكد مجموعة من المقترحات على ضرورة زيادة الوعي بالثقافات الأخرى، وينادي البعض بأهميّة الحفاظ على الخصوصيّة الحضارية والهوية الثقافية في ظلّ هذا العالم المفتوح والمترامي الأطراف.
يصعب إيجاد تعريف دقيق للعولمة نظراً لتشعب وتعدد تعريفاتها، والتي تتأثّر بشكل أساسي بالانحيازات الأيدولوجيّة للباحثين، وكافة اتجاهاتهم إزاء العولمة، سواء كان قبولاً أم رفضاً، حيث إنّ هناك من يرى هذا المصطلح هو عبارة عن عمليّة مستمرة ومتجددة بحيث تكشف كل يوم عن معنى ووجه جديد من وجوه التقدّم، وأنّ صياغة تعريف شامل للكلمة لا بدّ أن نأخذ في الاعتبار عدد من العمليات التي تكشف جوهر المعنى للعولمة.
أقرّ علماء التاريخ أنّ العولمة ليست ظاهرة جديدة، فقد كانت البدايات الأولى لها تعود إلى القرن السادس عشر للميلاد تحديداً مع بدء الحركات الاستعماريّة الغربيّة لدول آسيا وأوروبا والأميركيتين، واقترن المصطلح بعدها بتطوّر النظم التجاريّة الحديثة التي سادت في أوروبا، ونتج عن هنذا الأمر ميلاد نظام عالمي معقّد ومتشابك أطلق عليه اسم (العالميّة)، ومن ثمّ تحوّل إلى العولمة، ومن هنا يتضح أنّ العولمة هي عبارة عن مصطلح جديد لظاهرة نشأت قديماً، وحولت الكرة الأرضية إلى قرية إلكترونيّة صغيرة مترابطة بوساطة وسائل الاتصالات الفضائيّة والأقمار الصناعيّة، وقنوات التلفزة الدوليّة.
يرى الباحثون أنّ هناك أربع عمليّات للعولمة تعتبر أساسيّة، وهي بشكل متسلسل:
ملاحظة: تعتبر العولمة ظاهرة ليست مستحدثة، حيث إنّ الحضارة الإنسانية منذ القدم قائمة على التوسّع، وفي حالة انتقال دائم ومستمر من موقع لآخر، وقد توسع هذا الأمر في عصرنا هذا حتى جعل هذا الكوكب الشاسع ينكمش، وربما يكون هذا الأمر طبيعياً، ولتعريف مصطلح العولمة هناك كلمتان تتنافسان للتعبير عن المعنى الأقرب لها هما (الكوكبة، والعولمة).