-

ما هو فضل صلاة الضحى

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الصَّلاة

شرع الله -سبحانه وتعالى- الصَّلاة وأمَر بها عباده، وجعلها من أركان الإسلام، وقد جاء الأمر بها في مَواطن عديدةٍ من القرآن الكريم كما في قول الله تعالى: (فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[1] وجاءت السُنَّة النَّبويَّة لتُبيّن كيفيَّة الصَّلاة، وتتحدث عن تأصيلها من أركانٍ وشروطٍ وأوقات، وكذلك أنواع؛ فالصلَوات منها الفرض ومنها النَّافلة ومنها ما كان مَخصوصاً لغرضٍ معيَّن، وتالياً سنتحدّث عن إحدى صلوات النوافل وهي صلاة الضُّحى التي بيَّنتها السُّنَّة النَّبويَّة؛ من حيث تعريفها، وأسمائها، ووقتها، وعدد ركعاتها، وفضلها.

صلاة الضُّحى

تعريف الصَّلاة

  • الصَّلاة لغةً: جذرها صلّى، والصَّاد والَّلام وحرف العلَّة الألف أصلان، يدلُّ الأول على النَّار؛ فصلى الشيء أي أحرقه بالنَّار، ويدلُّ الأصل الثَّاني على نوعٍ من العبادة وهو المَعنى المُراد هنا، ويقصد بها الدُّعاء.[2]
  • الصَّلاة اصطلاحاً: الصَّلاة في الاصطلاح الشَّرعيّ هي أداء أركانٍ مخصوصةٍ، وفق شروطٍ محدَّدةٍ، وبأذكارٍ مخصَّصةٍ، في أوقاتٍ مقدَّرةٍ[3]

تعريف الضُّحى

الضُّحى في اللغة من ضحى، الضاد والحاء وحرف العلَّة الألف أصلٌ واحدٌ دالٌّ على بروز الشَّيء، ويُقال لامتداد النهار ضحى؛ لأنَّه الوقت البارز المنكشف.[4]

تعريف صلاة الضُّحى

تعريف صلاة الضُّحى كمُصطَلحٍ شرعيّ؛ فهِي صَلاةٌ من النَّوافل، تؤدّى بعد ارتفاع الشمس مقدار ميل.[5] وتعرف كذلك صلاة الضحى باسم صلاة الإشراق أو الشروق، وسمِّيت بذلك لأنَّها تؤدّى بعد شروق الشمس أي بعد طلوعها، ومن الفقهاء من اعتبر صَلاة الإشراق مُختلفةً عن صلاة الضحى، لكن جمهور العلماء أجمعوا على أنَّ صلاة الإشراق هي ذاتها صلاة الضُّحى مستندين في ذلك على قول الله تعالى: (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ)،[6] فقد أُثر عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه لم يكن يدري ما المراد بالإشراق، فسأل أم هانئ عنها، فأخبرته أنَّ النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- قدم إليها فتوضأ ثمَّ صلى صلاة الضحى وقال لأم هانئ إنَّ هذه صلاة الإشراق، كما في الرواية التي أوردها القرطبي عن ابن عباس أنَّه قال: (كُنْتُ أَمُرُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ:" بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ" وَلَا أَدْرِي مَا هِيَ، حَتَّى حَدَّثَتْنِي أُمُّ هَانِئٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها، فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى صَلَاةَ الضُّحَى، وَقَالَ:" يَا أُمَّ هَانِئٍ هَذِهِ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ)،[7]

ورد أنَّ من أسماء صلاة الضحى كذلك اسم صلاة الأوّابين، والأوّابون جمع أوَّاب وهو من يرجع عن ذنوبه ومَعاصيه ويعود إلى الله تعالى،[8] وقد وردت هذه التسمية في بعض الروايات عن النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-، منها ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لَسْتُ بِتَارِكِهِنَّ: أَنْ لَا أَنَام إِلَّا عَلَى وِتْرٍ، وَأَنْ لَا أَدَعَ رَكْعَتَيِ الضُّحَى فَإِنَّهَا صَلَاةٌ الْأَوَّابِينَ، وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ).[9]

حُكم صلاة الضُّحى

ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بأنَّ صلاة الضُّحى نافلةٌ مستحبَّةٌ؛ أي يُثاب من يؤدّيها ويُؤجر ولا يُؤثم من تركها ولم يؤدِّها، ودليل ذلك الحديث سابق الذكر الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-،[9] ووجه الدلالة على كونها سُنَّةً مستحبَّةً أنَّ النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أوصى بها أبا هريرة -رضي الله عنه- ضمن جملةٍ من السُّنن الأخرى كصيام ثلاثة أيامٍ من كلِّ شهر، ممَّا يُدلِّل على أنَّ صلاة الضُّحى سُنَّةٌ مستحبَّةٌ، وذهب المالكيَّة والشافعيَّة إلى القول بأنَّها سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ، ومِن الحنابلة مَن رأى عدم استحباب المداومة على أدائها؛ كي لا تَتشابه مع الفرائض.[10]

وقت صلاة الضُّحى وعدد ركعاتها

وقت صلاة الضُّحى

يبدأ وقت صلاة الضُّحى بارتفاع الشَّمس في السَّماء بمقدار رمح؛ أي ما قدره متران، ويمتدّ إلى حين دخول وقت الكراهة؛ أي قبل زوال الشمس بقليل، وقد ورد أنَّ أفضل وأحبَّ الأوقات لأدائها، حين ترتفع الشمس ويشتدُّ حرُّها،[11] كما روى زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: (صَلاَةُ الأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ)،[12] وترمض من الرمضاء؛ أي الرِّمال، والفصال هي صِغار الإبل التي تنوخ على الرِّمال؛ لشدَّة حرِّها وإحراقها لأخُفِّ هذه الإبل.[11]

عدد ركعات صلاة الضُّحى

في الحديث عن عدد ركعات صلاة الضحى، ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى أنَّ أقلها ركعتان وأكثرها ثماني ركعات، وما زاد عن ثمانيةٍ إن صلاها المُصلّي عامداً قاصداً بها الضُّحى لَم ينعقد ما زاد على الثمانية، أمّا إن صلاها زيادةً على الثمانية ناسياً أو مخطئاً فتُعتبر الزيادة على الثماني ركعات نافلاً مُطلقاً، أما الحنفيَّة فيرون أنَّ أكثر ركعات الضُّحى ست عشرة ركعة، ومذهب المالكية على أنَّ أكثر ركعاتها ثمانية لكن إن زاد المُصلّي ركعاتٍ على الثمانية فإنَّها على قولهم تصحُّ بلا كراهةٍ فيها.[13]

فضل صلاة الضُّحى

وردت في السُّنَّة النَّبوية روايات كثيرةٌ تبيِّن فضل صلاة الضُّحى وما ثبت من الأجر في حقِّ من يؤديها، ومن فضائلها:

  • إنّ صلاة الضُّحى تجزئ عن التسبيح والتهليل والتكبير، وتكون بمثابةِ الصدقة عن كلِّ مفصلٍ في أصابع الإنسان، كما روى أبو ذرٍّ الغفاري -رضي الله عنه- أنَّ النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: (يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْىٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى).[14]
  • إنَّ من أحسن الوضوء وسارَع إلى المسجد ليُصلّي الفجر، ومكث فيه حتى صلى الضُّحى، كان كمن فاز بغنيمةٍ عظيمة، كما روى أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: (بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا فَأَعْظَمُوا الْغَنِيمَةَ وَأَسْرَعُوا الْكَرَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْنَا بَعْثَ قَوْمٍ أَسْرَعَ كَرَّةً، وَلَا أَعْظَمَ غَنِيمَةً، مِنْ هَذَا الْبَعْثِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَسْرَعَ كَرَّةً وَأَعْظَمَ غَنِيمَةً مِنْ هَذَا الْبَعْثِ؟ رَجُلٌ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ تَحَمَّلَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى فِيهِ الْغَدَاةَ، ثُمَّ عَقَّبَ بِصَلَاةِ الضُّحَى، فَقَدْ أَسْرَعَ الْكَرَّةَ، وَأَعْظَمَ الْغَنِيمَةَ).[15]
  • إنّ من قام ولم يقصد من قيامه سوى أداء صلاة الضُّحى، كتب له كأجر من أدى عمرةً، كما في الذي رواه أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أنَّ النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: (مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ).[16]

المراجع

  1. ↑ سورة النساء، آية: 103.
  2. ↑ ابن فارس (2002)، مقاييس اللغة، دمشق: دار اتحاد الكتاب العرب، صفحة 234، جزء 3. بتصرّف.
  3. ↑ الجرجاني (1983)، التعريفات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 134. بتصرّف.
  4. ↑ ابن فارس (2002)، مقاييس اللغة، دمشق: دار اتحاد الكتاب العرب، صفحة 306، جزء 3. بتصرّف.
  5. ↑ محمد قلعجي، حامد قنيبي (1988)، معجم لغة الفقهاء (الطبعة الثانية)، عمَّان: دار النفائس، صفحة 276. بتصرّف.
  6. ↑ سورة ص، آية: 18.
  7. ↑ القرطبي (1964)، الجامع لأحكام القرآن (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار الكتب المصرية، صفحة 159-160، جزء 15.
  8. ↑ مجموعة من العلماء (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 133-134، جزء 27. بتصرّف.
  9. ^ أ ب رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: جزء2، صفحة227، حديث رقم: 1223.
  10. ↑ مجموعة من العلماء، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 222، جزء 27. بتصرّف.
  11. ^ أ ب حسين العوايشة (2000)، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، عمان: دار ابن حزم، صفحة 167، جزء 2.
  12. ↑ رواه مسلم، في الجامع الصحيح، عن زيد بن أرقم، الصفحة أو الرقم: جزء2، صفحة171، حديث رقم: 1780.
  13. ↑ عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 301-302، جزء 1. بتصرّف.
  14. ↑ رواه مسلم، في الجامع الصحيح، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: جزء2، صفحة158، حديث رقم: 1704.
  15. ↑ رواه ابن حبَّان، في صحيح ابن حبَّان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: جزء6، صفحة276، حديث رقم: 2535.
  16. ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: جزء1، صفحة153، حديث رقم: 558.