-

ما حكم اسقاط الجنين المشوه

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الجنين

إنّ المراحل التي يمّر بها الجنين أثناء تخلّقه، لهي من أعظم الآيات والأدلة التي تبيّن قدرة الله تعالى، ويبدأ تكوّن الجنين بإفراز المرأة للبويضة التي تُفرز كلّ شهرٍ، وذلك يكون ما بين اليوم العاشر والرابع عشر من الدورة الشهريّة للمرأة، ثمّ تنتقل البويضة إلى قناة فالوب، وتكون صالحةً للإخصاب لمدّةٍ تتراوح ما بين أربعٍ وعشرين ساعةً إلى ثمانٍ وأربعين ساعةً، ثمّ يتحرّك الحيوان المنويّ عبر عنق الرحم عند الجماع؛ ليصل إلى قناة فالوب، ليتمّ تلقيح البويضة، فالتلقيح يعدّ أوّل مرحلةٍ من مراحل تكوين الجنين.[1]

حكم إسقاط الجنين المشوه

اختلف العلماء في حكم إسقاط الجنين المشوّه خَلقيّاً؛ فالبعض منهم ذهبوا إلى حرمة ذلك مطلقاً، فيحرّم الإجهاض منذ استقرار النطفة في الرحم، إلّا أنّ البعض قالوا: إنّ الحرمة تكون بعد مرور أربعين يوماً من عمر الجنين، وأمّا فيما يتعلّق بإسقاط الجنين إن كان يعاني تشوّهاً ثبت بدليلٍ قطعيٍّ دقيقٍ دون أيّ شكٍّ، وذلك بقرار لجنةٍ طبّيّةٍ موثوقةٍ، وكان التشوّه لا يقبل العلاج من خلال الإمكانات البشريّة المختصّة بذلك، فيجوز إسقاط الجنين المشوّه ضمن الشروط السابقة، وذلك بالنظر إلى الصعوبات والمشاق التي قد تواجهه في حياته، والحرج والأعباء التي تلحق والديه، والتكاليف المتعلّقة برعايته والاعتناء به، وذلك ما ورد عن المجمع الفقهيّ الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلاميّ، حيث نصّ القرار على: (إباحة إسقاط الجنين المشوَّه -بالصورة المذكورة أعلاه، وبعد موافقة الوالدين- في المدّة الواقعة قبل مرور مئةٍ وعشرين يوماً من بدء الحمل)، وفي المقابل فلا يجوز إسقاط الجنين بسبب التشوّه الخَلقي بعد نفخ الروح فيه، أي بعد مرور مئةٍ وعشرين يوماً من عمره، فالجنين بنفخ الروح أصبح نفساً، والواجب رعايتها والمحافظة عليها مهما كانت حالتها، أي سواءً كان الجنين مشوّهاً أم سليماً من الأمراض والأوباء، وسواءً كانت حالة الجنين ممّا يُرجى الشفاء منها أم لا، إلّا إن كان في استمرار الحمل خطر على حياة الأمّ، فإن كان كذلك فيباح الإجهاض، وذلك استناداً للقاعدة الشرعيّة التي تنصّ على جواز دفع الضرر الأشدّ بالضرر الأخفّ.[2]

أحكامٌ متعلّقةٌ بالجنين

بيّن العلماء العديد من الأحكام المتعلّقة بالجنين، وفيما يأتي بيانٌ لبعضٍ منها:[3]

  • حافظت الشريعة الإسلاميّة على الجنين في جميع المراحل التي يمرّ بها، ومن المظاهر التي تبيّن ذلك:
  • رتّب الإسلام للجنين العديد من الحقوق الماديّة والمعنويّة، وبيانها فيما يأتي:[3]
  • إباحة الإفطار في رمضان للمرأة الحامل والمرضع؛ محافظةً على صحّة الجنين وصحّة الأمّ، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ وضعَ عنِ المسافرِ شطرَ الصَّلاةِ، وعنِ المسافرِ والحاملِ والمرضعِ الصَّومَ)،[4] فالحديث يدلّ عى جواز الإفطار إن خافت الأم على ابنها، حتى وإن كانت قادرةً على الصوم، فالجنين يحتاج إلى تدفّق الدم للحصول على الطعام والشراب، والصيام يؤثر غلى تدفّق الدم؛ ممّا يؤثر بالتالي على نمو الجنين، ولذلك شرع للمرأة الحامل والمرضع الإفطار في رمضان.
  • تأخير عقوبة الزنا البدنية المترتبة على المرأة الحامل، فالمرأة الزانية إن كانت متزوّجةً قبل إقدامها على الزنا يقام عليها حدّ الرجم، إلّا إن كانت حاملاً فلا يُقام عليها الحدّ إلّا أن تضع حملها، وكذلك فلا تُقام عليها أيّ عقوبةٍ أخرى، كما أنّ العلماء أجمعوا على ذلك كما نقل عنه ابن المنذر، حيث قال: (أجمع العلماء على أنّ المرأة إذا اعترفت بالزنا وهي حامل، أنّها لا تُرجم حتى تضع حملها)، كما قال الله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ)؛[5]فالآية السابقة تدلّ على أنّ العبد لا يُحاسب على ذنب غيره، وإن أقيمت العقوبة على المرأة الحامل يتأذّى جنينها، ممّا يؤدي إلى قتل النفس المعصومة.
  • حقّ الإرث، فالجنين يستحق الإرث بتوفّر شرطين؛ الأول منهما: العلم اليقينيّ بوجود الجنين في بطن أمّه عند موت مورّثه، والشرط الثاني: يتمثّل بانفصال الجنين عن أمّه حياً، ولو للحظةٍ واحدةٍ، وتثبت الحياة للجنين بصراخه أو أيّ دليلٍ يثبت الحياة له، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا استهلَّ المولودُ وَرِثَ).[6]
  • حقّ الجنين في الوصيّة، حيث اتّفق العلماء على جواز الوصية للجنين بتوفرّ شرطين؛ أوّلهما: وجود الجنين في بطن أمّه وقت الوصيّة، وإن لم يكن كذلك كانت الوصيّة باطلةً، وكذلك يشترط في الوصيّة للجنين: أن ينفصل الجنين عن أمّه حياً، وورد عن ابن قدامة -رحمه الله- جواز الوصية للحمل؛ لأنّ الوصيّة تأخذ أحكام الميراث، وذلك بانتقال المال إلى الموصى له بعد موت الموصي من غير عوضٍ، كما أنّ الميراث انتقال المال للورثة بعد موت المورِّث، وبما أنّ الإرث من حقّ الجنين فكذلك الوصيّة من حقوق الجنين.
  • حقّ الهبة؛ فالهبة جائزةٌ للجنين، فإن انفصل الجنين عن أمّه حيّاً استحقّ الهبة، وإن مات بعد ولادته انتقلت الهبة إلى ورثته، ولكن إن انفصل الجنين ميتاً بَطُلت الهبة، واعتبرت كأنّها لم تكن، ويكون المال ملكاً للواهب.
  • حقّ الشفعة، أجاز بعض العلماء الشفعة للجنين؛ أي أن يكون الجنين شريكاً في عقارٍ، مثل أن يكون لشخصٍ نصيبٌ في عقارٍ ما، وتكون زوجته حاملاً، ثمّ يقوم الشريك ببيع نصيبه من العقار إلى الغير قبل وضع الحمل، إلّا أنّ حقّ الشفعة يثبت للجنين قياساً على الميراث، وفي ذلك حفظٌ لمصلحة الجنين، ودفعٌ للضرر والأذى عنه.

المراجع

  1. ↑ "تكوين الجنين داخل الرحم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-10-2018. بتصرّف.
  2. ↑ "حكم الإجهاض"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-10-2018. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "حقوق الجنين في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-10-2018. بتصرّف.
  4. ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1361، حسن صحيح.
  5. ↑ سورة الأنعام، آية: 164.
  6. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 328، صحيح.