يحلّ للرجل أن يتزوج من المرأة التي زنا بها، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء من الشافعية، والحنفية والمالكية، على أن يتم ذلك بالتراضي بينهما، وموافقتها، وموافقة وليّها، ولأي من الطرفين الحق في رفض ذلك الزواج، فلا ينبغي لهذه المعصية أن تكون سببًا في غلْق باب الحلال، وقد اشترط المالكية أن تنقضي العدة بعد الزنا قبل أن يتزوج بها.[1]
إذا أُقيم الحد على الذنب الذي شُرع فيه فإن ذلك يكفر الذنب، والإثم الذي يترتب عليه، كما تكفّر التوبة الصادقة الذنوب وما يترتب عليها، فعلى المذنب أن يتوب إلى الله تعالى ويكثر من استغفاره، ولا يلزم عليه أن يعترف بذنبه ليقام الحد عليه، بل تكفي التوبة،[2]والأفضل لمن لم يصل أمره إلى القاضي وتاب إلى الله أن يستر على نفسه، ولا يذكر ذنبه هذا لأحد.[3]
الزنا من أقبح الفواحش والذنوب، وهو سواد يظهر في وجه صاحبه، وسبب للوحشة بين الزاني وبين الله، ولتفرّق الناس عنه، وسبب لضيقة الصدر والهوان على الناس، وهو يورث الجرأة على معصية الله، كالسرقة والقتل والاغتصاب، وهي الأخرى من الكبائر، ومن آثار هذه الفاحشة الأطفال الذين يرميهم آباؤهم في المساجد أو القمامة، أو قتلهم، مما يورث ضيقًا في الصدر والحياة الدنيا، وأعظم الزنا هو الزنا بحليلة الجار، وهو أعظم جرمًا وإثمًا من الزنى من الأجنبية وغير المتزوجة.[4]وقد حثّ الإسلام على الزواج وجعله واجبًا على من يقدر عليه، وفي ذلك معالجة لجريمة الزنا أو ما يدعوا إليها، وحث أيضًا على تزويج فقراء المسلمين وعبيدهم، والتيسير عليهم بالمهور، فمن لم يستطع أن يتزوج لما به من فقره، أو ظروف أخرى، فعليه بالصبر والاحتساب والتعفف إلى أن يتيسر عليه أمر الزواج.[5]