تُعرف الفاتيكان (بالإنجليزيّة: Vatican)، أو دولة مدينة الفاتيكان بأنّها أصغر دولة في العالم من حيث المساحة والسُكّان،[1] وتقع في العاصمة الإيطاليّة روما، تحتوي على مجموعة من المعالم الدينيّة التي تتبع للدّيانة المسيحيّة، وتصل المساحة الجغرافيّة الإجماليّة للفاتيكان إلى ما يُقارب 0.44 كم².[2] لدولة الفاتيكان أهميّة دينيّة؛ فتُعتبر الحكومة المركزيّة للكنائس الكاثوليكيّة الروميّة حول العالم، وهذا ما أدّى إلى تميّزها بأنّها مُستقلّة استقلالاً كاملاً عن أي سُلطة، لتكون قادرةً على تنفيذ مَهمَّتِها في خدمة السّلام والعدالة.[3].
يُعتبر البابا أسقف روما المُنتَخب من قِبَل مَجمع الكرادلة رأس السّلطة، وله صلاحيّات غير محدودة مدى الحياة، ولكنّه في الحقيقة لا يُمارس أيّاً من صلاحياته على الأمور الإداريّة، والسياسيّة، والقانونيّة؛ إذ يترُك مسؤوليّة القيام بهذه الأمور لرئيس وزراء دولة الفاتيكان الذي يعُيّن من قِبَلِه، ومُؤسّسات الدّولة المُختلفة التي يُشرِف عليها بشكل مباشر.[4]
تتأثّر الفاتيكان بالجغرافيا الإيطاليّة المُحيطة بأرضها، ولكنّها تقع على تلّة بسيطة بالقرب من نهر التيبر، أمّا ما تبقى من تشكيل طوبوغرافيتها فهي تظهر في المعالم التاريخيّة الدينيّة والأثريّة، ومن أهمّها ساحة وكاتدرائية القديس بطرس، وحدائق الفاتيكان وغيرها من المعالم الأخرى. يتأثّر المناخ العام في الفاتيكان بتعاقب الفصول خلال السنة؛ إذ يُعتبر فصل الشتاء مُعتدلاً نسبيّاً مع ارتفاع في درجات الحرارة صيفاً، ويصل مُتوسّط درجات الحرارة في شهر كانون الثاني (يناير) إلى 7 درجات مئويّة، أمّا في شهر تموز (يوليو) يصل مُتوسّط الحرارة إلى 24 درجةً مئويّةً، وتهطل الأمطار غالباً في الفترة الزمنيّة بين شهر أيار (مايو) إلى شهر أيلول (سبتمبر)، ويُعتبر كل من شهرَيّ تشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) أكثر الشّهور التي تهطل فيها الأمطار.[5]
إنّ تاريخ الفاتيكان قديم جداً؛ إذ لم تكن في بداية تأسيسها إلا عبارة عن تلّة استُخدِمت كحديقة للإمبراطور نيرون، ومن ثم تمّ تحويل أرضها إلى سيرك، وتعرّض فيها المسيحيّون الأوائل إلى التّعذيب من قبل الرّومان، وفي عام 313م حمى الإمبراطور الروماني قسطنطين المسيحيّين، وتمّ إنشاء كنيسة صغيرة على أرضها من أجل جمع رفات المسيحيّين الذين قُتِلوا في الماضي، ولتكون تخليداً لذكرى الإبادة التي تعرضوا لها.[6]
في القرن الخامس للميلاد اتّخذ الباباوات الفاتيكان مكاناً للعيش بالقرب من كنيسة الفاتيكان الأولى، وفي القرن السّادس عشر للميلاد تمّ إنشاء العديد من المنازل المُخصّصة لسكن الباباوات، وكانت تتبع أراضي الفاتيكان للسّلطات الإيطاليّة، ومع مرور الوقت تمكّن الباباوات من امتلاك العديد من الأراضي التّابعة للفاتيكان، والتي شملت على المباني والمُمتلكات الموجودة ضمنها، وظهرت في تلك الفترة الأفكار الأولى لإنشاء دولة بابويّة على أراضي الفاتيكان.[6]
رفضت الحكومة الإيطاليّة الأفكار التي تُنادي بتأسيس دولة الفاتيكان، والتي أدّت إلى حدوث نزاعات عديدة بينها وبين الباباوات، ولكن في عام 1871م تمّ إصدار قانون لضمان العلاقات بينهم، وتبعتها مجموعة من المُعاهدات والقوانين التي ضمنت الحريّة الكاملة للفاتيكان في العلاقات الدبلوماسيّة، والتّواصل مع الدول والمناطق الأخرى خارج حدود إيطاليا، والعديد من المجالات الأخرى، ولكن في عام 1929م تمّ إبرام معاهدة لاتيران بين إيطاليا والفاتيكان التي تمّ الاعتراف فيها باستقلال الفاتيكان بشكل رسميّ عن إيطاليا.[5]
يصل العدد التقديريّ لسُكّان الفاتيكان إلى 1000 ألف نسمة، ويُعتَبر المجتمع في المدينة مُختلطاً بين الجماعات العرقيّة من أصول إيطاليّة، وسويسريّة، وبعض الفئات الأخرى، وتُعتبر اللغة الإيطاليّة هي اللغة الرسميّة مع استخدام مجموعة من اللّغات الأخرى، مثل اللّغة اللاتينيّة، واللّغة الفرنسيّة، وتعدُّ الدّيانة المسيحيّة الكاثوليكيّة هي الدّيانة الرسميّة في الفاتيكان.[7]
لا توجد في الفاتيكان أيّة موارد اقتصاديّة، ويعتمد قطاعها الاقتصاديّ على الدعم الماليّ الذي تحصل عليه من التبرّعات النقديّة والعينيّة، وخصوصاً التي تُقدَّم لمُؤسّسات الفاتيكان المُتنوّعة سواءً داخل أراضيها أو التي تتبع لها في المناطق الأخرى، مثل الأبرشيّات، والكنائس، والمُؤسّسات الدينيّة، والسّفارات الدبلوماسيّة. أمّا الميزانيّة الماليّة الداخليّة للفاتيكان فيتمُّ التّعامل معها بشكل مُنفصل عن باقي المُؤسّسات التّابعة لها، والتي تُقدّم الدّعم لكلٍّ من مَتحف الفاتيكان، ومكتب البريد الذي يُقدّم مجموعةً من إصدارات الطّوابع التي تُستخدم في المُراسلات المختلفة.[7]
تُعدّ دولة الفاتيكان إحدى مواقع التّراث العالميّ التي تمّ إدراجها من قبل اليونسكو، إذ تتميّز الدّولة بوجود معالمَ دينيّة هامّة جدّاً، أبرزها: