-

ما تعريف المصدر

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

علم الصرف والميزان الصرفي

تمتاز اللغة العربية بوضوحها، وجمالها، ودقّتها في التعبير عن الشيء في أكمل صورة وتحقيق ما عجزت عنه بقية اللغات الأخرى، وهي لغة غنية بالمفردات والتراكيب، وهي على غناها لغة موجزة، كما أنّها أغنى لغة من حيث اشتقاق الكلمات وأوزانها، وتختلف معاني الكلمات باختلاف أوزانها، وهذا ممّا لا يُؤدّى عادةً في لغات أخرى.[1] ويُعَدُّ الصَّرف أحد علومها، ويبحث في بُنية الكلمة من حيث أصلها، والزيادة التي تدخل عليها، والتغيُّرات التي تصيب الكلمة نتيجة هذه الزيادة، وهذا ما يُسمَّى بالصَّرف.[2]

وفي ما يتعلّق بالميزان الصَّرفي فهو مقياس وضعه علماء اللغة لمعرفة أحوال الكلمة العربية، ولأنّ أغلب الكلمات العربية ثلاثية الأَصل (أي أصلها يتكوّن من ثلاثة حروف أصلية)، فقد جعلوا الميزان الصَّرفي مُكوَّناً من ثلاثة أحرف، هي ( ف، ع، ل)، فالفاء مقابل الحرف الأصلي الأول وتُسمَّى فاء الكلمة، والعين مقابل الحرف الثاني الأصلي وتُسمَّى عَيْن الكلمة، واللام مقابل الحرف الثالث الأصلي وتُسمَّى لام الكلمة، وتُقابِل حركات حروف الميزان الصَّرفي حركات حروف الكلمة، وتُزاد حروف الزيادة كما هي، فمثلاً: كلمة (دَرَس) وزنها الصَّرفي هو فَعَلَ، وكلمة (فَهِمَ) وزنها الصرفي هو فَعِلَ، وكلمة (ساعَدَ) وزنها فاعَلَ، وقد زيدَت الألف في وزن الأصل الثلاثي لما يقابلها، أمّا في الكلمات رباعية الأصل، مثل دحْرَجَ، فتُزاد لام إضافيّة في الوزن ليكون وزن دحرَجَ هو فعلل، وإن حصل حَذف من الكلمة، فإنّ ما يقابلها يُحذَف من الميزان، مثل الفعل (قِفْ)، فوزنه عِلْ؛ لأنّ واو الفعل الثلاثي (وَقَفَ) محذوفة، فتُحذَف في المقابل فاء الفعل في وزن الفعل، ومثال آخر كلمة (صِلة) وزنها عِلة؛ لأنّ واو (وصل) من الفعل الثلاثي محذوفة، فحُذِفت فاء الفعل وزِيدَت التاء المربوطة.[2][3]

حروف الزيادة في اللغة العربية

ورد سابقاً أنّ حروف الكلمة توزَن بالوزن الصَّرفي بثلاثة حروف أصلية، هي فاء الفعل، وعَينه، ولامه، وإن حصلت زيادة عليه فإنّه يوزَن بما يقابله، وحروف الزيادة في اللغة العربية من الناحية الصَّرفية مجموعةٌ في كلمة (سألتمونيها)، حيث تُقابَل حروف الأصل بحروف الميزان، وتُقابَل الزيادة في الكلمة بحروف الزيادة، بالإضافة إلى الحرف المُضعَّف أو ما يُسمى بالشدّة،[4] وفي ما يأتي أمثلة ذلك:

  • رجَعَ وزنها فَعَلَ.
  • راجِعْ وزنها فاعِلْ، والألف بعد الحرف الأول حرف زائد.
  • رجَّعَ وزنها فعَّلَ، وتضعيف الحرف الثاني حرف زائد.
  • استرْجَعَ وزنها استفْعَلَ، والألف والسين والتاء حروف زائدة.
  • أرجِعْ وزنها أفعِلْ، الهمزة حرف زائد.
  • مُتراجِعٌ وزنها متفاعِلٌ، الميم والتاء والألف حروف زائدة.
  • دحرجَ وزنها فعْلَلَ.
  • دحْرَجَةٌ وزنها فَعْلَلَةٌ.
  • سَفَرْجَلُ وزنها فَعَلْلَلُ وتُدغَم اللام الساكنة مع المتحركة لتصبح فعلَّلُ.
  • ادْعُ وزنها افْعُ، فقد حُذِفت الواو من (يدعو)، ممّا يقابله حَذف لام الفعل.
  • قِ (الأمر من الفعل وقى) وزنه عِ، حُذِفَت الواو والألف من الفعل، ممّا يقابله حذف فاء الفعل ولامه.

المصدر

المصدر اسم يدلُّ على حدث غير مُرتبِط بزمن، والمصدر اسم للحدث؛ فالمصدر (انطلاق) مثلاً يدلّ على حدث الانطلاق دون بيان زمن الانطلاق، أو مكانه، أو فاعله، أو جنسه، أو عدده، وهو على الأغلب مفهوم يدلّ على معنى ذهنيّ مُجرَّد لا يُدرَك بالحواسّ وليس مُقيَّداً بمواصفات خاصّة.[6]

أنواع المصادر

هناك مصادر قياسيّة، وغير قياسيّة، نذكر منها ما يأتي:[7]

  • المصدر الصريح: هو ما دلّ على حدث غير مُقترِن بزمن، ويُصاغ من الفعل الثلاثيّ (أي الفعل الماضي المُكوَّن من ثلاثة حروف)، والرباعي (الماضي المُكوَّن من أربعة حروف)، والخماسي، والسداسي، كالمصادر الآتية: نُطْق من الفعل الثلاثي (نطَقَ)، وإغلاق من الفعل الرباعي (أغلَقَ)، واكتساب من الفعل الخماسي (اكتَسَب)، والمصدر استغفار من الفعل السداسي (استغفر)، ويُذكَر هنا أيضاً المصدر المُؤوَّل الذي يتركَّب من حرف مصدريّ وفعل، مثل: يجب أن ننتبهَ للطريق، وتأويل المصدر هو يجب الانتباه.[8]
  • المصدر الميمي: هو مصدر يدلّ على حدثٍ غير مُرتبِط بزمن، وهو مبدوء بميم زائدة، ويُصاغ على وزن (مفعَل) من الفعل الثلاثي، مثل مَشرَب، أمّا إن كان الفعل مُعتَلَّ الأول وصحيح الآخر، مثل (وقف)، فيُصاغ المصدر الميمي على وزن (مَفْعِل)، مثل مَوقِف، وهذه بعض المصادر الميمية الشاذّة عن القاعدة: مَبيت، مَصير، ومَرجِع، أمّا المصدر الميمي من الفعل غير الثلاثي فيُصاغ من المضارع بإبدال حرف المضارَعة (الياء مثلاً) ميماً مضمومة مع فتح ما قبل الآخِر، مثل: الفعل (التقى)، حيث يُحَوَّل إلى المضارع (يلتقي)، وتُحوَّل الياء إلى ميم مضمومة مع فتح ما قبل الآخِر (مُلتقى)، كما في الجملة (المُلتقى يوم الخميس).
  • المصدر الصناعيّ: هو مصدر يُصاغ من الأسماء بزيادة ياء مُشدَّدة على آخره وتاء مربوطة (يّة)، مثل: الإنسانيّة شعورٌ نبيل، ويُمكن أن يكون المصدر الصناعي مُشتمِلاً على الكثير من الكلمات المُشتَقَّة، والجامدة، إلّا أنّه يشترط فيها أن تكون أسماء، كأن يكون اسماً غير مُتصرِّف، مثل إنسانيّة، أو مصدراً دالّاً على حدث، مثل فرضيّة، أو صفة، مثل شاعريّة، وقد صِيغَ أيضاً من الأدوات، مثل كميّة، ومن الضمائر، مثل أنانيّة، أو من عبارة، مثل ماهيّة (من عبارة ما هي)، ورأسماليّة (من رأس مال)، ومن كلمات أجنبيّة، مثل رومانسيّة، ويُفرَّق بين المصدر الصناعي والاسم المنسوب في أنّ الاسم المنسوب هو مصدر صناعي إلّا أنّه يأتي صفة لما قبله حين يكون مُؤنَّثاً،[9] مثل: الإيجابيّة صفة مُهمّة في القائد، فكلمة إيجابيّة مصدر صناعيّ، وهي مبتدأ من حيث مَحلّها الإعرابي، أمّا في الجملة: هذه مُؤشِّرات إيجابيّة، فإنّ كلمة إيجابيّة هي اسم منسوب وليست مصدراً صناعيّاً؛ لأنّها جاءت صفة لمُؤشِّرات.
  • مصدر المَرّة: ويُسمَّى أيضاً اسم المرّة، وهو مصدر يُصاغ للدلالة على حدوث الفعل مرّة واحدة، ويُصاغ من الفعل الثلاثي على وزن (فَعلة)، مثل جَلْسة، أمّا إن كان مصدر الفعل الثلاثي على وزن فَعلة فإنّه يوصَف بزيادة كلمة (واحدة) لوصفه، مثل دعا دَعوة واحدة، ومثل مصدر المرّة من رحم هو رَحْمة واسعة؛ لأنّ رحمة ودَعوة مصدران على نفس وزن المصدر الميمي، فوُصِفا بواحدة، أو واسعة، وفي حال كان الفعل غيرَ ثلاثيّ، فإنَّ مصدر المرة يُصاغ بزيدة تاء مربوطة على مصدره الصريح، مثل: انطلق انطلاقة، وإن كان آخر المصدر الصريح مختوماً بتاء فإنه يوصَف، مثل: أقام إقامة واحدة، أو طويلة.
  • مصدر الهيئة: ويُسمَّى أيضاً اسم الهيئة، وهو مصدر يدلّ على هيئة حدوث الفعل، ويُصاغ من الفعل الثلاثي على وزن فِعْلة، مثل جلس جِلسة.

المصدر المُؤوَّل

الحروف المصدريّة هي: أنْ، وأنَّ (مع اسمها وخبرها)، وكي، ولو، وما المصدرية، ويتركَّب المصدر المُؤوَّل من حرف مصدريّ وفعل منصوب، وهو كالفعل الصريح مُجرَّد من الزمن؛ أي لا يدلّ على زمن مُحدَّد رغم إمكانية تحديد الزمن من السياق في حال لم يكن في الجملة لفظ يدلّ على الزمن، مثل غداً، أو اليوم، وفي الجملة: معروفٌ أن يعودَ الغريب إلى بلده، فالزمن هنا واضح من سياق الكلام أنّه في الزمن المستقبل، وقد يدلّ المصدر المُؤوَّل على الماضي، مثل: شاع أن يُهزَم الباطل، فالمصدر المُؤوَّل مُقدَّرٌ حدوثه في الماضي، وتأويل المصدر هو (انهزام) بالمصدر الصريح، أمّا المصدر المُؤوَّل المُركَّب من لو المصدرية، فهو غالباً ما يدلّ على المستقبل، مثل يسرني لو تزورَني.[8]وأمّا عن أسباب استخدام المصدر المُؤوَّل بدلاً من المصدر الصريح فهي كالآتي:[8]

  • أن يدلّ المصدر المُؤوَّل على زمن الفعل، كما تقدّم سابقاً.
  • أن يقتصر المصدر المُؤوَّل على المعنى بذاته دون زمنه، أو حُكمه، أو وصفه، أو أي شيء آخر، مثل: يعجبني أن نسافرَ؛ إذ إنّ المعنى هو: يعجبني سفرنا بغضّ النَّظر عن أيّ شيء آخر.
  • أن يفيد المصدر المُؤوَّل جواز حصول الفعل، فعند سماع الجملة يتبيّن للسامع جواز حصول الفعل وليس وجوبه، مثل: يبدو من الأفضل أنْ تخرجَ المريضة.
  • قد يُحذَف الفاعل، بقصد التعجُّب من الحَدث، أو لجعل الفاعل مجهولاً، فيُبنى الفعل للمجهول، مثل: أعرف ما يُقال، وما أجمل ما يُصنَع!

أمّا عن حالات استخدام أحد المصدرين (الصريح، أو المؤول)، فهي كما يأتي:[8]

  • يأتي المصدر الصريح مفعولاً مُطلَقاً، بينما لا يصحّ أن يُؤتَى بالمفعول المُطلَق مصدراً مُؤوَّلاً، إذ يُقال: علمتُ عِلماً، ولا يصحّ القول: علمتُ أن أعلمَ.
  • لا يأتي المصدر المُؤوَّل موصوفاً، بينما يأتي المصدر الصريح موصوفاً، كأن يُقال: يُحزنُني فراقُك الطويل، ولا يُقال: يحزنني أن أفارقك الطويل.
  • قد يَسدُّ المصدر المُؤوَّل من (أنْ والفعل) مَسدَّ الاسم والخبر، مثل: عسى أنْ تفرحَ الفتاة، وعسى هنا فعل ناقص وقد سدّ المصدر المُؤوَّل مَسدَّ اسم عسى وخبرها.
  • قد يَسدّ المصدر المُؤوَّل من (أنْ والفعل) مَسدَّ مفعولين، مثل: ظننتُ أنْ يفوزَ اللاعب، (أن يفوز: مصدر مُؤوَّل سدّ مَسدَّ اسم ظنَّ وخبرها)، وليس كذلك المصدر الصريح.

الفرق بين علم الصرف وعلم النحو

يختصُّ عِلم الصَّرف بدراسة الكلمة وما يتبدَّل فيها من حروف أو حركات، وما يحدث فيها من زيادة عليها أو نقصان، كما في الفعل (سَعِد) وما دخل عليها وغيّر من معناها، كما في الكلمتين: ساعَدَ وسعيد، ممّا يُغيّر من معنى الكلمة ودلالتها، أمّا عِلم النَّحو فإنّه لا يختصُّ بدراسة الكلمة نفسها وما يجري عليها من تغييرات، بل يختصُّ بعلاقة الكلمة بغيرها من الكلمات في التراكيب اللغوية، كأن تكون فاعلاً، أو مبتدأ، أو اسماً لإنّ وغير ذلك، وعلى سبيل المثال لدراسة الفعل السابق نفسه من الناحية النحوية، فإنّه يُعَدُّ فعلاً ماضياً وهو مبنيٌّ على الفتح، ومضارعه (يَسعدُ) يُرفَعُ بالضم، وأمره (اسعدْ) مبنيٌّ على السكون،[10] وكمثال آخر في الجملة (استطعنا اجتياز الاختبار بجدارة)، فإنّ كلمة اجتياز هي من الناحية الصَّرفية مصدر لفعل خماسيّ هو (اجتاز)، أمّا من الناحية النحوية فهي مفعول به منصوب.

المراجع

  1. ↑ محمد القوصي (2016)، عبقريـة اللغـة العربيـة، المملكة المغربية: إيسيسكو، صفحة 74-79. بتصرّف.
  2. ^ أ ب أ.د. عبد المجيد عمر (1437)، منزلة اللغة العربية بين اللغات المعاصرة دراسة تقابلية (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، صفحة 190-195، جزء الأول. بتصرّف.
  3. ^ أ ب د. عبد الله النقراط (2003)، الشامل في اللغة العربية (الطبعة الأولى)، ليبيا: دار الكتب الوطنية، صفحة 122-123. بتصرّف.
  4. ^ أ ب أحمد الحملاوي (1422)، شذا العرف في فن الصرف (الطبعة الأولى)، صفحة 14. بتصرّف.
  5. ↑ أحمد الحملاوي (1422)، شذا العرف في فن الصرف (الطبعة الأولى)، صفحة 29-31. بتصرّف. جزء الأول.
  6. ↑ د. محمد حلواني، المغني الجديد في علم الصرف، لبنان: دار الشرق العربي، صفحة 214.
  7. ↑ د. عبده الراجحي (1984)، التطبيق الصرفي، لبنان: دار النهضة العربية، صفحة 66-74.
  8. ^ أ ب ت ث د. عباس حسن، النحو الوافي (الطبعة الخامسة عشرة)، مصر: دار المعارف، صفحة 417-420، جزء الأول. بتصرّف.
  9. ↑ د. محمد حلواني، المغني الجديد في علم الصرف، لبنان: دار الشرق العربي، صفحة 232-233. بتصرّف.
  10. ↑ د. محمد حلواني، المغني الجديد في علم الصرف، لبنان: دار الشرق العربي، صفحة 13. بتصرف.