-

ما هي ضمة القبر

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الموت

الموت هو النهاية الحتمية لجميع المخلوقات، فلمّا أنشأ الله الحياة الدنيا، وخلق الخَلْق قدّر أن يكون الموت نهاية حياة الإنسان، بل ونهاية حياة جميع المخلوقات، واستأثر الله تعالى بالعلم في الروح، وكيف تُحيي الجسد بإذن الله؛ وكيفية خروجها وارتفاع هذا السر الإلهي، حيث إنّ جسماً قوياً عظيماً قد يغدو جثة هامدة ساكنة في لحظات، وجعل الله تبارك وتعالى موعد موت الإنسان، وكيفية موته، ومكان موته، من الأمور الغيبية التي انفرد الله تعالى بعلمها؛ فلا يعلمها أحدٌ إلا الله تبارك وتعالى،[1] وقدّر الله تبارك وتعالى سنّةً ربانيةً في التعامل مع الموتى بدفنهم تحت التراب، ومكان دفن الإنسان قبره؛ الذي يبدأ فيه الإنسان أول مراحل الآخرة، ثمّ إذا وُضِع الميت في قبره فله أحوالٌ خاصّة، أخبر عنها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، ومنها ضمّة القبر، وسيتم تناول موضوع ضمة القبر تعريفاً، وسبباً، ودليلاً، ثم تناول عذاب القبر ونعيمه، وحياة البرزخ في القبر.

حياة البرزخ

كثر الجدل حول القبر، وعذابه، ونعيمه، وما يحدث في القبر من أمورٍ للعبد، ومن النقاشات التي تُثار مسألة صحة أنَّ في القبر ضمّة تصيبُ الميت إذا وُضِع فيه، وإن وُجدت هذه الضمّة هل تختص بفئةٍ معينة فقط؟ وهل تصيب هذه الضمة المؤمن والكافر على حدٍ سواء؟ أم تصيب الكافر فقط؟

القبر هو أول منازل الآخرة، وهو المكان الذي يُوضعُ الإنسانُ فيه، بعد انتهاء أجله في الحياة الدنيا، ويُعتبر القبر أول مراحل انتقال الإنسان من هذه الدنيا الزائلة والمؤقتة، إلى دار الآخرة، دار القرار والخلود.

وقد ذكرت السُّنة النَّبوية الكثير من الأدلة، التي تُبيّن وتُخبر عن وجود حياةٍ أخرى، تنتظرُ الإنسانَ بعد الموتِ في القبر، سمّاها بعض العلماء الحياة البرزخية، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (...القبرُ روضةٌ مِنْ رياضِ الجنةِ أوْ حفرةٌ مِنْ حفرِ النارِ).[2][3]

ضمة القبر

المقصود بضمة القبر أو ضغطة القَبر: التقاء جانبي القبر، على جَسد الميِّت، وضغطة القبر أو ضمّة القبر لَا ينجو منها أحد، صَالحٌ كان أو طالح، إلا أَنَّ الْفرق بَين المُسلم وَالْكَافِر في ضمّة القبر، هو دوَام واستمرار الضغطة للكَافر، أما الضغطة لِلمُؤمن فتكون فِي بداية نُزُولهِ إِلَى قَبره فقط، ثمَّ بعد ذلك يعود القبر ليتسع لَهُ، وتنتهي مرحلة الضيق من ضمّة القبر،[4]قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ للقبرِ ضَغْطَةً لو كان أحدٌ ناجٍ منْهَا لَنَجَا منْهَا سَعْدُ بْنُ معاذٍ).[5]

وأما سبب هذه الضغطة فيتلخص في أَنَّه ما من أحدٍ من الخلق إِلَّا وقد اقترف خطيئةً معينة مهما صَغُرت،[6] فإِن كَانَ صَالحاً جُعلت هذه الضغطة جزاءً لهُ، ثم تأتيهِ رحمةُ الله عزّ وجلّ وفرجه سبحانه، فيُفرج عنه، أمّا الأنبياء عليهم السلام فلم يأتِ خبرٌ من السُّنة إن كان لَهم فِي القبُور ضمة، أو سؤال، بسبب عصمتهم.[7]

أدلة ضمة القبر من السُّنة النبوية

وردت في السُّنة النَّبوية أحاديث كثيرةٌ، تبينُ ضمّة القبر التي يمر بها العبد في قبرهِ، ومن هذه الأدلة التي رواها رسول الله عليه الصلاة والسلام:

  • قال النَّبي عليه الصلاة والسلام: (لقد نزل لموتِ سعدِ بنِ معاذٍ سبعون ألفَ ملَكٍ، ما وَطِئوا الأرضَ قبلَها، وقال حين دُفِنَ: سبحان اللهِ! لو انفَلَتَ أحدٌ من ضَغطةِ القبرِ؛ لانفلَتَ منها سعدٌ، ولقد ضُمَّ ضمَّةً، ثم أُفرِجَ عنه).[8]
  • روى أبو أيوب الأنصاري: (أنَّ صَبِيًّا دُفِنَ فقالَ رسولُ اللهِ عليه الصلاة والسلام: لَوْ أَفْلَتَ أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ القبرِ لَأَفْلَتَ هَذَا الصبيُّ).[9]

عذاب القبر ونعيمه

إنَّ العبدَ إذا فارَقَتْ رُوحه بدنه فإمَّا أن يُنَعَّم في القبر وإما أن يُعَذَّب، وهذا الحالُ ينطبقُ على البشرِ جميعاً، من جميع الديانات والملل، والصحيح أن يُطلق على ما بعد الموت حياة البرزخ، وتشمل الحياة البرزخية مرحلة ما بعد الموت، فإنّ العبد بعد موته ينتقل من الحياة الدنيا إلى الحياة البرزخية،[10] فحياةُ العبد كما ذكر الشيخ صالح بن عبد العزيز ثلاث مراحل: الحياة الدنيا، والحياة البرزخية، والثالثة هي الحياة الآخرة وهي دار القرار.

وينتقل الأموات من الحياة الدنيا إلى البرزخ، ويحصل الانتقال للحياة البرزخية بمجرد الموت.[11]

الحياة البرزخية في السنة النبوية

  • ورد في الصحيحين أنَّ رسولَ اللهِ عليه الصلاة والسلام قال: (إن العبدَ إذا وُضِعَ في قَبرِه، وتولى عنه أصحابَه، وإنه ليسمعُ قَرْعَ نعالِهم, أتاه ملكانِ ، فَيُقعَدانِه فيقولانِ: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ، لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ، فأما المؤمنُ فيقولُ: أشهدُ أنه عبدُ اللهِ ورسولُه، فَيُقالُ له: انظرْ إلى مقعدِكَ من النارِ، قد أبدلك اللهُ به مقعدًا من الجنةِ، فيراهما جميعًا، قال قَتادَةُ وذكر لنا: أنه يُفْسحُ في قبرِه، ثم رجع إلى حديثِ أنسٍ، قال: وأما المنافقُ والكافرُ فَيُقالُ له: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ؟ فيقولُ: لا أدري، كنتُ أقولُ ما يقولُ الناسُ، فَيُقالُ: لا دَريتَ ولا تَليتَ، ويُضْرَبُ بِمَطارِقَ من حديدٍ ضربةً، فيصيحُ صيحةً، يَسمعُها من يليِه غيرَ الثقلين).[12].
  • حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: (...القبرُ روضةٌ مِنْ رياضِ الجنةِ أوْ حفرةٌ مِنْ حفرِ النارِ).[2]
  • روى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، واسْأَلُوا اللهَ لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الآنَ يُسَأَلُ).[13]

المراجع

  1. ↑ مهران عثمان (بدون)، "الموت"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2017م.
  2. ^ أ ب رواه محمد بن محمد الغزي، في إتقان ما يحسن، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 388 / 1، خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن.
  3. ↑ الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، شرح العقيدة الطحاوية للإمام أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي (الطبعة الأولى)، الرياض - المملكة العربية السعودية: دار الكتب العلمية، صفحة 14، جزء 37.
  4. ↑ ندا أبو أحمد (30-1-2014م)، "أهوال القبر( ضمة القبر ودخول الملكين ) "، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 28-6-2017م.
  5. ↑ رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3 / 49، خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح.
  6. ↑ مجموعة من طلاب العلم (10-6-2009)، "هل ينجو أحد من ضمة القبر"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 28-6-2017.
  7. ↑ عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (1417هـ - 1996م)، شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور (الطبعة الأولى)، لبنان: دار المعرفة، صفحة 114، جزء 1.
  8. ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3345، خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد رجاله ثقات.
  9. ↑ رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 3/50، خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح.
  10. ↑ مجموعة من طلاب العلم (10-4-2010م)، "جواب شبهات حول ضمة القبر ورحمة رب العالمين"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 28-6-2017م.
  11. ↑ مجموعة من طلاب العلم (24-9-2001م)، "الحياة البرزخية"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 28-6-2017م.
  12. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1374، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
  13. ↑ رواه النووي، في الخلاصة، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 1028 / 2، خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن.