متى الحرب العالمية الأولى
الحرب العالميّة الأولى
الحرب العالَميّة الأُولى هي إحدى أقوى الحروب في العالَم، وأكثرها شراسة، حيث اندلعت هذه الحرب في عام 1914م، وانتهت أحداثها في عام 1918م، وخلال تلك الفترة اُزهِقت أرواح الملايين من المواطنين الأبرياء، والجنود المُقاتلين، وقد أدَّى التجنيد الإجباريّ للمواطنين إلى الزيادة الكبيرة في أعداد الجيوش، وساهمَ التعصُّب الوطنيّ بشكل كبير في دَفْع الرجال إلى الموت، وقد انقسمَت الدُّول المُشاركة في هذه الحرب إلى مجموعتين، هما:[1]
- دُوَل الحُلفاء: وضمَّت الولايات المُتَّحِدة، والصين، وروسيا، والبرازيل، والإمبراطوريّة البريطانيّة، وبلجيكا، والبرتغال، وبنما، والجبل الأسود، وغواتيمالا، وهايتي، ونيكاراغوا، وكوبا، وكوستاريكا.
- دُوَل الوسط: وضمَّت ألمانيا، والدَّولة العُثمانيّة، والنمسا-المجر، وبُلغاريا، ورومانيا، وسان مارينو، وسيام (تايلاند)، وصربيا.
أسباب الحرب العالميّة الأولى
لم تكُن الحرب العالَميّة الأولى وليدة الصُّدفة، بل كان هناك العديد من الأسباب التي مهَّدت الطريق لها، وأشعلت فتيلها، وأهمّ هذه الأسباب:[2]
الأسباب المُباشرة
- توتُّر الشعور القوميّ في أوروبا الوُسطى، ومنطقة البلقان: حيث توتَّرت العلاقات السياسيّة بين النمسا، وروسيا؛ بسبب حاجة كلا الطرفين إلى مَنفذ يُطلّ على البحر الأبيض المُتوسِّط، مُستغِلّة بذلك انسحاب قُوَّات الدَّولة العُثمانيّة من المنطقة، بالإضافة إلى الأوضاع المُتوتِّرة بين قوميّات، وشعوب مُتعدِّدة تطمَح إلى إنشاء دولة قوميّة لها، كالشعوب الجرمانيّة، والسلافيّة، والمجريّة، حيث اندلعت على إثر ذلك حربان بلقانيّتان في الأعوام 1912م، و1913م.
- اغتيال وليّ عهد النمسا: ففي 28 يونيو/حزيران 1914م اغتال أحد القوميّين البوسنيّين وليّ عهد النمسا (فرانز فرديناند) في مدينة سراييفو؛ رغبةً في الاستقلال عن النمسا-المجر، والانضمام إلى صربيا.
الأسباب غير المُباشرة
- شدَّة التنافُس الاستعماريّ في نهاية القرن التاسع عشر الميلاديّ بين القُوى الاستعماريّة التقليديّة، مثل: المملكة المُتَّحِدة، وفرنسا، والقُوى الصاعدة حديثاً، والتي تُطالب بإعادة تقسيم المُستعمَرات، مثل: إيطاليا، وألمانيا، والولايات المُتَّحِدة.
- مَخاوِف المملكة المُتَّحِدة من السياسات الخارجيّة لألمانيا، والتي امتدَّت إلى الدولة العُثمانيّة، والصين.
- تعارُض المصالح الإنجليزيّة مع المصالح الفرنسيّة حول احتلال السودان، ممَّا أدَّى إلى اندلاع حادثة فشودة في عام 1898م.
- التدخُّل المُتزايد لألمانيا في المغرب الأقصى، ممَّا أدَّى إلى اندلاع الأزمة المغربيّة الأولى (أزمة طنجة) عام 1905م، وأزمة أغادير عام 1911م، وقد هدَّدت ألمانيا باللجوء إلى القوَّة العسكريّة؛ لحلّ الصراع، إلّا أنّ تنازُل الجانب الفرنسيّ عن جزء من الكونجو لصالح ألمانيا قد مهَّد الطريق أمام فرنسا؛ للسيطرة على المغرب الأقصى.
- ظهور بعض التكتُّلات، والأحلاف الدفاعيّة في أوروبا، ممَّا أدَّى إلى توتُّر السباق نحو دَعم العتاد، وجَلب الأسلحة؛ ونتيجة لذلك ارتفعت التكاليف، والنفقات الحربيّة، والعسكريّة، وازدادت سنوات الخدمة العسكريّة، كما ازداد عدد القُوَّات، وأصبح التنافُس في أوجه بين فرنسا، وألمانيا في مجال التسليح البرّي، وبين ألمانيا، وإنجلترا في مجال التنافُس البحريّ.
أهمّ أحداث الحرب العالَميّة الأولى
برزت خلال فترة الحرب العالَميّة الأولى العديد من الأحداث المُهمّة، والمفصليّة، من أهمّها ما يلي:[3]
العام الأوَّل (1914)
وأهمّ الأحداث التي حصلت خلاله (على الترتيب):[3]
- اغتيال وليّ عهد النمسا من قِبَل أحد القوميّين الصربيّين.
- إنذار النمسا لصربيا.
- إعلان النمسا-المجر الحرب على صربيا.
- إعلان ألمانيا الحرب على روسيا، وفرنسا.
- غزو ألمانيا لبلجيكا.
- إعلان بريطانيا الحرب على ألمانيا.
- اندلاع معركة مونس.
- إغراق القُوَّات البحريّة البريطانيّة لثلاث بوارج ألمانيّة.
- اندلاع معركة المارن.
- إغراق القوَّات البحريّة الألمانيّة لثلاث بوارج بريطانيّة.
- اندلاع معركة إيبر (يبريس) الأولى.
- اعتقال الرجال البريطانيّين الذين تتراوح أعمارهم بين (17-55)عام في الأراضي الألمانيّة.
- عَقْد هُدنة غير رسميّة بين الجبهات المُتحارِبة.
العام الثاني (1915م)
وأهمّ الأحداث التي جَرَت خلاله:[3]
- بَدْء القُوَّات الجويّة الألمانيّة بقَصْف مناطق في جنوب إنجلترا، كما أنَّ ألمانيا بدأت بتقنين الخبز.
- إجراء اتّفاق بين ألمانيا، وفرنسا على تبادُل السُّجَناء المُصابين بإصابات بالغة.
- بَدْء القوَّات الألمانيّة بشَنِّ غاراتها الجويّة على مدينة باريس.
- اندلاع معركة إيبر(يبريس) الثانية.
- إغراق القُوَّات البحريّة الألمانيّة للعبَّارة البريطانيّة الشهيرة (لوسيتانيا) قِبالة سواحل إيرلندا، ومُهاجمة الإنجليز للشركات الألمانيّة في لندن، واعتقال مُعظم الرجال الألمان في الأراضي البريطانيّة.
- بَدْء القُوَّات الفرنسيّة بشَنِّ هجوم على أرتوا، وإقليم شامبانيا.
- اندلاع معركة لوس، واندلاع أعمال شَغَب في مدينة برلين؛ بسبب قلّة الغذاء.
- استلام (دوغلاس هيغ) قيادة الجيش البريطانيّ.
العام الثالث (1916م)
وأهمّ الأحداث التي جَرَت خلاله:[3]
- اندلاع معركة فردان.
- سَنّ قانون التجنيد الإجباريّ في بريطانيا.
- تأسيس مكتب غذاء الحرب في ألمانيا.
- اندلاع معركة يوتلاند، ومعركة السوم التي راح ضحيّتها 20 ألف قتيل من الجيش البريطانيّ في يوم واحد.
- توَلِّي (لودندورف) و(هيندنبورغ) قيادة المجهود الحربيّ الألمانيّ.
- بَدْء القُوَّات الجويّة الألمانيّة بقَصف مناطق في إنجلترا.
العام الرابع (1917م)
وأهمّ الأحداث التي جَرَت خلاله:[1]
- بَدْء هُجوم نيفل بين فرنسا، وألمانيا، حيث نتجت عنه هزيمة ساحقة للقُوَّات الفرنسيّة.
- اندلاع معركة باشنديل بين فرنسا، وبريطانيا، ضدّ القُوَّات الألمانيّة، وانتهت بانتصار ألمانيا.
- إجلاء السكّان الإيطاليّين من النمسا-المجر، وانعدام أمل الحُلفاء في الانتصار بالحرب.
- اندلاع الثورة الروسيّة، والسيطرة على حُكم روسيا، ومُطالبة ألمانيا بمُعاهدة سلام.
العام الخامس (1918م)
وأهمّ الأحداث التي جَرَت خلاله:[1]
- تفوُّق القُوَّات الألمانيّة على الحُلفاء في الجبهة الغربيّة.
- ضَرْب ألمانيا لمدينة سان كنتان التي تقع في وادي نهر السوم، وانسحاب القُوَّات البريطانيّة منها.
- ضَرْب ألمانيا لباريس بالقذائف المدفعيّة.
- تَوَلِّي الجنرال الفرنسيّ (فرديناند فوش) قيادة القُوَّات المُتحالِفة في الجبهة.
- وصول القُوَّات الألمانيّة إلى نهر المارن.
- مُساعدة القُوَّات الأمريكيّة لفرنسا؛ وذلك لوَقْف تقدُّم القُوَّات الألمانيّة.
- مُهاجمة فرنسا، وبريطانيا لألمانيا قُرب أميان، وانضمام القُوَّات الأمريكيّة إليهم فيما بعد، ممَّا أقنعَ ألمانيا بعدم مقدرتها على هزيمة قُوَّات الحُلفاء.
- فَوز قُوَّات الحُلفاء بالانتصارات على طول الجبهتَين.
- استسلام بُلغاريا، وانتصار القُوَّات البريطانيّة.
- هزيمة النمسا-المجر من قِبل بريطانيا، وإيطاليا، وفرنسا.
- قبول ألمانيا بهُدنة نهائيّة، وذلك مُقابل انسحابها من المناطق التي احتلَّتها، وتسليم أعداد كبيرة من الجيش، والأسلحة، والسماح لقُوَّات الحُلفاء باحتلال ألمانيا على طول نهر الراين.
نتائج الحرب العالَميّة الأولى
كان لاندلاع الحرب العالَميّة الأولى العديد من النتائج الوخيمة على مُختلف الأصعدة، والمجالات، وأهمّ هذه النتائج:[1]
- الدمار، والإصابات: حيث أدَّت الحرب العالَميّة الأولى إلى موت ما يُقارب 10 ملايين إنسان، وإصابة نحو 21 مليون شخص، بالإضافة إلى الخسائر المادِّية الفادحة؛ إذ ساهمت الأسلحة العسكريّة المُتطوِّرة، كالمدافع الآليّة، في حدوث دمار هائل في الأبنية، والمُنشآت، كما أنَّ القادة العسكرييّن كان لهم دور كبير في هذه الخسائر المادِّية، والبشريّة؛ بسبب فشلهم في التكيُّف مع الظروف المُتغيِّرة للحرب.
- النتائج الاقتصاديّة: بلغت النفقة الماليّة للدُّول المُشاركة في الحرب ما يُقارب 337 بليون دولار أمريكيّ، بمُعدَّل 10 ملايين دولار في الساعة خلال السنة الأخيرة من الحرب، وهذا ما دَفَع الدُّول المُشاركة إلى رَفْع مُختلَف الضرائب، والاعتماد على المواطنين في تمويل نفقات الحرب، وقد لجأت العديد من الدُّول إلى الاقتراض من الدُّول الأُخرى، ممَّا أوجد ديوناً ضخمة عليها، كما سخَّرت العديد من الدُّول مواردها البشريّة، والمادِّية؛ لخدمة الحرب، فأدَّى ذلك إلى فُقدان القُوى العاملة، وخسارة المُنتَجات المحليّة.
- النتائج السياسيّة: أثَّرت الحرب العالَميّة الأولى بشكل كبير في دعائم حكومات الدُّول المُشاركة، والتي بقيَ جزءٌ منها صامداً، مثل: الحُكومة البريطانيّة، والفرنسيّة، بينما سَقط البعض الآخر، مثل: الحُكومة الروسيّة، والألمانيّة، وحُكومة النمسا-المجر، وحُكومة الدَّولة العُثمانيّة، ومن الجدير بالذكر أنَّه بانتهاء الحرب، قَوِيت حُكومات ثَوريّة، ولكن لم تنشأ حُكومات شُيوعيّة.
- النتائج الاجتماعيّة: أدَّت الحرب العالَميّة الأولى إلى حدوث تغييرات عدَّة في المُجتمعات المُختلفة؛ حيث انخفضت نِسبة المواليد في بعض الدُّول المُشاركة، وهرب الكثير من أبناء الشعب إلى مناطق أكثر أماناً، كما أصبح بعضهم لاجئاً؛ بسبب تغيُّر الحدود السياسيّة، والحُكومات، إضافة إلى أنّ المناطق الحضريّة نَمَت، وأصبح للنساء دور مُهمّ في الوظائف، والمصانع؛ وذلك بعد التحاق الذُّكور بالحرب، وظهرت الطبقيّة، وأصبحت المُجتمعات أكثر ديمقراطيّة.
المراجع
- ^ أ ب ت ث دائرة المعارف العالمية، باحثون عرب، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، السعودية : مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 196،206-210، جزء التاسع. بتصرّف.
- ↑ جمال عبودي، الحرب العالمية الأولى، صفحة 1. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث سمية عابي، راضية مرهون، مساهمة الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الأولى ، صفحة 53،54. بتصرّف.