-

متى يجوز جمع وقصر الصلاة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

مفهوم الجمع والقصر في الصلاة

القصر: هو ردّ الصّلاة الرباعيّة إلى ثنائيّة، وهو أحد المعاني العظيمة التي شملتها الشّريعة الإسلامية لما فيه من تحقيق اليسر للمسلم، ومراعاةً لأحواله.[1]

الجمع: هو ضمّ إحدى الصّلاتين في وقت إحداهما، سواء كانتا مقصورتين أم تامّتين، أو كانت صلاة مقصورة والأخرى تامّة.[2]

الحالات التي يجوز فيها قصر الصلاة

لقصرالصلاة عدّة حالات أجازها الإسلام للمسافر تيسيراً له، وهي:[3]

  • السفر: ويقصد به مفارقة مكان الإقامة، فلا يكفي العزم على السفر دون القيام به، فالله سبحانه وتعالى علّق قصر الصّلاة على الضرب في الأرض، كما ورد في قوله تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ) [4].
  • أن يعزم المسافر في الابتداء على قطع مسافة القصر: من خرج دون أن يعلم مقصده لا يقصر، كالأب الذي خرج باحثاً عن ابنه العاق، والأسير الذي لا يعرف أين يسافر فيه من أسروه، والذي خرج باحثاً عن مدينة ولا يعلم أين موضعه، أمّا إذا قطع كل هؤلاء مرحلتين في طريق سفرهم فجاز لهم القصر وقتها.
  • أن يكون السفر طويلاً: فيكون السّفر على مرحلتين أو أكثر، ولا تحسب طريق الرّجوع من مراحل السّفر، فمثلاً لو قصد المسافر موضعاً على بعد مرحلة واحدة وكان ناوياً الرّجوع وعدم الإقامة، لم يقصر ذهاباً ولا إياباً، حتى وإن أحس بمشقة مرحلتين متتاليتين.
  • أن يكون مؤدياً لصلاة رباعيّة، أو قاضياً لفائتة سفر رباعية لا فائتة الحضر: المسافر يمكن أن يقصر فائتة السفر إن قضاها في السّفر، حتى وإن كان غير السّفر الذي فاتته فيه، وذلك بشرط أن يكون سفره الثاني طويلاً.
  • أن لا يكون مسافراً سفراً لمعصية: فالمالكيّة والشّافعيّة اشترطوا في السّفر الذي تقصر فيه الصّلاة أن لا يكون لمعصية، فالعاصي لا يقصر في سفره، كقاطع الطّريق؛ لأنَّ الرّخص لا يجوز أن تتعلق بالمعاصي، وإعطاء الرّخصة في سفر المعصية فيه إعانة على أداء المعصيّة وهذا غير جائز.[5]

الحالات التي يجوز فيها جمع الصلاة

يجوز للمصلّي أن يجمع بين صلاة الظّهر والعصر جمع تقديم، وبين صلاة المغرب والعشاء جمع تأخير في إحدى الحالات التالية:[6]

  • الجمع في عرفة والمزدلفة: اتفق العلماء على أنَّه من السّنة الجمع بين صلاتيّ الظّهر والعصر جمع تقديم في وقت الظّهر بعرفة، وبين صلاتيّ المغرب والعشاء جمع تأخير في وقت العشاء بمزدلفة؛ لقيام الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بذلك.
  • الجمع في السّفر: يجوز الجمع بين الصّلاتين في وقت إحداهما في السّفر في قول أكثر أهل العلم فلا فرق بين كونه نازلاً أو سائراً.
  • الجمع في المطر: أجازت الشّافعيّة للمقيم الجمع بين صلاتيّ الظّهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم فقط، بشرط وجود المطر عند الإحرام بالصّلاة الأولى والفراغ منها وافتتاح الثّانية، وعند المالكيّة ذهبوا إلى جواز جمع التّقديم في المسجد بين صلاتيّ المغرب والعشاء في حال وقوع المطر أو توقّع وقوعه، ولوجود الطّين مع الظّلمة إذا كان الطّين يمنع أواسط النّاس من لبس النّعل، وكره الجمع بين الظّهر والعصر للمطر، والحنابلة أجازوا الجمع بين صلاتيّ المغرب والعشاء فقط جمع تقديم وتأخير لوجود الوحل، والبرد الشّديد، والثّلج، والجليد، والمطر الذي يبلّل الثّياب، وهذه الرخصة خاصّة بمن يؤدي الصّلاة جماعة في المسجد ويقصده من بعيد ويتأذى من المطر أثناء طريقه، ولا يجوز الجمع لمن كان بالمسجد، أو كان المسجد في باب بيته، أو يمشي إلى المسجد وهو مستترٌ بشيء.
  • الجمع بسبب المرض أو العذر: ذهب الإمام أحمد، والقاضي حسين، والخطّابي، والمتولي من المذهب الشّافعي إلى أنَّه يجوز الجمع تقديماً وتأخيراً بسبب المرض؛ لأنَّ المرض فيه مشقّة أشدّ من المطر، وتوسّع الحنابلة في هذه الرّخصة وأجازوا الجمع تقديماً وتأخيراً للخائف وأصحاب الأعذار، ومن الأعذار التي يمكن الجمع بسببها: المرضع التي يصعب عليها غسل ثوبها في وقت كلّ صلاة، وللعاجز عن الطّهارة، ولمن يعاني من مرض سلس البول، وولخائف على عرضه وماله ونفسه.
  • الجمع للحاجة: أجازت جماعة من الأئمة جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن يتخذه عادة، وهذا قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي، وفي حديث عن ابن عباس قال: (جمع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بين الظهرِ والعصرِ، والمغربِ والعشاءِ، بالمدينةِ في غيرِ خوفٍ ولا مطرٍ( في حديثِ وكيعٍ ) قال قلتُ لابنِ عباسٍ : لم فَعَلَ ذلك ؟ قال : كي لا يُحْرِجَ أُمَّتَه. (وفي حديثِ أبي معاويةَ) قيل لابنِ عباسٍ : ما أراد إلى ذلك ؟ قال : أراد أن لا يُحْرِجَ أُمَّتَه).[7]

المراجع

  1. ↑ ص (1425 هـ)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 40.
  2. ↑ درية العيطة، فقه العبادات على المذهب الشافعي، صفحة 450.
  3. ↑ درية العيطة، فقه العبادات على المذهب الشّافعي، صفحة 438-442.
  4. ↑ سورة النساء، آية: 101.
  5. ↑ مجموعة من المؤلفين (1404-14027 هـ)، فقه السّنة (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 276، جزء 27.
  6. ↑ السيد سابق (1977 م)، فقه السّنة (الطبعة الثالثة)، بيروت - لبنان: دار الكتاب العربي، صفحة 288-292، جزء 1.
  7. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 705، حديث صحيح.