متى يكون الدعاء مستجاب
الدعاء
إنّ العبد قد يتعرّض في حياته لبعضٍ من الهموم، والأحزان، وقد يُصاب بابتلاءاتٍ، تبعث في نفسه الحزن، وقد يُظلم وقد يضعف، لكنّ الإنسان المؤمن بالله تعالى، يعلم أنّ كلّ ما يصيبه في حياته هو ما قدّره الله تعالى، وإنّ الله -تعالى- هو الذي يفرّج عن الإنسان كربه، وأحزانه، وييسرّ له أموره، ويقدرّ له الخير في حياته، لذلك على العبد أن يتجّه إلى الله -تعالى- بالدّعاء؛ ليحقّق له ما يتمنّاه، ويفرّج عنه همومه، حيث قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).[1][2]
يجب على المسلم أن يكون على ثقةٍ، ويقينٍ بأنّ الله -تعالى- سيتسجيب له دعوته، ما دامت في طاعة الله تعالى، وأنّ الإنسان إذا لم يرَ ويحصّل نتيجةً مباشرةً لدعائه، فليعلم بأنّ الله -تعالى- يستجيب دعوته من خلال ثلاث طرقٍ: فإمّا أن تستجاب دعوته مباشرةً، ويعطيه الله سؤله، وإمّا أن يدفع الله -تعالى- عن العبد بلاءً كاد يصيبه، وإمّا أن تبقى له إلى يوم القيامة في رصيد حسناته.[3]
ويستحبّ للمسلم أن يدعو الله -تعالى- في كلّ الأوقات، والأحوال، ومن هذه الأوقات التي يُستحبّ الدعاء فيها: الدعاء في الثلث الأخير من الليل، وأن يدعو الإنسان ما بين الأذان والإقامة، وفي سجوده في الصلاة، وفي يوم الجمعة في وقتين: الأوّل منها حين صعود الخطيب إلى المنبر حتى انتهاء الصلاة، والثاني بعد صلاة العصر يوم الجمعة إلى ما قبل صلاة المغرب.[4]
استجابة الدعاء
الدعاء من أشرف الطاعات، والقربات التي تُقرب العبد إلى ربه عزّ وجلّ، فيستحبّ للعبد الإكثار من الدعاء، وألّا يملّ من كثرة الدعاء، بل يبقى لحوحاً في طلبه، ودعائه، واثقاً، وموقناً بأنّ الله -تعالى- لن يرّده خائباً، وفيما يأتي بيان عددٍ من الأساليب، والوسائل المعينة على ذلك:[5][3]
- أن يصبر الإنسان عندما يدعو الله تعالى؛ بألّا يكون عجولاً، ويصبر في إجابة دعائه، وألّا يترك الدّعاء عند ظنّه أنّ دعوته لم تستجب بعد، فإنّ الله -تعالى- يعلم كلّ أمور العبد.
- أن يتوب العبد إلى الله تعالى، ويستغفر عن ذنوبه، ويترك فعل كلّ ما حرّم الله تعالى، ويتجّه إلى الكسب الحلال، والفعل الحلال.
- أن يكون العبد في حالة دعائه موقناً، واثقاً بالله تعالى، وبأنّه سيستجيب له، فيدعو الله -تعالى- وهو مطمئنٌ بالإجابة.
- أن يدعو الله تعالى، ويذكره بأسمائه الحسنى، ويتفكرّ في صفاته التي تتوافق مع الحالة التي هو فيها.
- أن يدعو الله -تعالى- وحده، وأن يكون دعاؤه خالصاً لوجه الله تعالى، حيث قال الله تعالى: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).[6]
- أن يستشعر العبد الدعاء الذي يدعو به، ويستحضره في قلبه، ويتفكّر فيه.
- ألّا يبدأ دعاءه على الفور، بل يستقبل القبلة أولاً، ثمّ يسبق دعاءه ببعض المقدّمات؛ كحمد الله تعالى، والإكثار من الصلاة على الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ يشرع بالدعاء.
- أن يتحرّى الأوقات الفضيلة للدعاء، ويُكثر من طلب مسألته فيها.
- أن يدعو الله -تعالى- وهو في أشدّ الحالات تذللاً وافتقاراً لله تعالى، وأن يدعو، وهو في أمسّ الحاجة للدعاء، في وقتٍ يكون فيه العبد ضائعاً تائهاً محتاجاً، شاعراً بالضيق والانكسار.
- الإكثار من أداء العبادات، والأعمال الصّالحة، حال دعائه وبعده؛ لأنّ العمل الصالح يرفع الدعاء.
موانع استجابة الدعاء
إنّ الدّعاء عبادةٌ من أعظم العبادات التي يتقرّب بها العبد إلى الله تعالى، لكن من الممكن أن يوجد حائلٌ بين دعاء العبد وإجابته، لكن ذلك الحائل يكون من فعل العبد نفسه، وفيما يأتي بيان بعضها:[7]
- الغفلة والقسوة: إنّ القلوب القاسية الغافلة عن ذكر الله تعالى، المُعرضة عن ربّها، غير الموقنة بإجابة الله تعالى، هي قلوبٌ هالكةٌ، لا يُستجاب دعاؤها، بل يردّ؛ لأنّها قلوبٌ ملتفتةٌ إلى غير الله تعالى، قلوبٌ بلا روحٍ تغذيها، والعبد الذي يدعو الله تعالى، وحال قلبه كتلك القلوب؛ لا يستجاب دعاءه بل يردّ، حيث قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (القلوبُ أوعِيةٌ، وبعضُها أوعى مِن بَعضٍ، فإذا سألتُم اللَّهَ تَعالى أيُّها النَّاسُ، فاسألوهُ وأنتُم موقِنونَ بالإجابةِ، فإنَّ اللَّهَ لا يَستجيبُ لعَبدٍ دعاهُ عن ظهرِ قَلبٍ غافلٍ).[8]
- الرزق الحرام: إنّ الله -تعالى- حثّ عباده على اتّباع الحلال في كلّ مناحي حياتهم، وإنّ الله -تعالى- لا يقبل دعاء العبد الذي لوّث حياته بالمال الحرام، وكان مأكله، ومشربه، وملبسه حرام، فإنّ ذلك العبد لا تستجاب دعوته؛ لأنّه وضع حاجز الرزق الحرام بين دعائه، واستجابة الله -تعالى- له.
- الابتعاد عن الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر: إنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، عبادةٌ عظيمةٌ يؤديها المسلم من أجل عمارة الأرض، وقد ذكرت تلك العبادة وتمّ ربطها بالخير، حيث قال الله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)،[9] حيث إنّ العبد الذي يقوم بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، يستجيب الله -تعالى- دعاءه، ومن هيّأ الله -تعالى- له أداء تلك العبادة العظيمة، فإنّ ذلك من حبّ الله -تعالى- للعبد، أن يسرّ له القيام بالخير، أمّا العبد الذي لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر؛ لا تُستجاب دعوته.
- معصية الله تعالى في الدعاء: إنّ العبد الذي يدعو بأمورٍ فيها معصيةٌ لله تعالى؛ لا تُستجاب دعوته؛ كالذي يدعو بقطيعة الرّحم، أو يدعو بإثمٍ، وهناك أيضاً من يدعو لتحقيق أمرٍ فيه معصيةٌ لله تعالى، فمن كان حال دعاءه كذلك، فلا يُستجاب له.
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية: 186.
- ↑ الشيخ عبد الله القصيّر (14-6-2012)، "الدعاء: فضيلته وحسن عاقبته"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018.بتصرف
- ^ أ ب "أمور تفعل لأجل أن يستجاب الدعاء"، www.islamweb.net، 15-9-2011، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018.بتصرف
- ↑ "الأوقات التي تجاب فيها الدعوات"، www.binbaz.com، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018. بتصرّف.
- ↑ ">أمير المدري، "إذا أردت أن تكون مستجاب الدعوة 24 وسيلة لتكون مستجاب الدعوة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018.بتصرف
- ↑ سورة غافر، آية: 14.
- ↑ د. عطية الباحوث (18-4-2016)، "خطبة الدعاء المستجاب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-10-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الشوكاني، في تحفة الذاكرين، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 68، إسناده حسن.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 110.