متى فرضت الصلوات الخمس
الصلاة
إنّ الصلاة عبادةٌ فرضها الله تعالى في كلّ الشرائع التى سبقت، كما قال تعالى على لسان عيسى ابن مريم عليهما السّلام: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا)،[1] وكذلك قال تعالى عن نبيه إسماعيل عليه السّلام: (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)،[2] وممّا يدلّ على عظمها؛ أنّ الله تعالى فرضها ورسوله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- في السماء يوم الإسراء والمعراج، ولم تُفرض كباقي الأعمال في الأرض، وجعل الله -عزّ وجلّ- الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام، وعماد الدين، وسبباً لمغفرة الذنوب والمعاصي، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن أتمَّ الوضوءَ كما أمرَهُ اللَّهُ تعالى، فالصَّلواتُ المَكتوباتُ كفَّاراتٌ لما بينَهنَّ)،[3] وأوّل ما يُحاسب الناس عليه يوم القيامة؛ الصلاة، والصلاة في اصطلاح الفقهاء: أقوالٌ وأفعالٌ مُعيّنة، تُفتتح بالتكبير، وتُختتم بالتسليم، وفيها الركوع، والسجود، والقيام، والجلوس، وقراءة القرآن، كما أنّها ترتبط بالقلب ارتباطاً وثيقاً؛ ففيها تعظيمٌ لله تعالى، ومحبّته، وخشيته، واستغفاره، والثناء عليه، كما أنّها تُذكر الإنسان بعبوديته لربّه -عزّ وجلّ- كلّما تأثّر بالدنيا ومغرياتها.[4]
فرض الصلوات الخمس
أجمع العلماء على أنّ الصلاة فُرضت على أمّة الإسلام ليلة الإسراء والمعراج، وقد بيّن بعض العلماء أنّ حادثة الإسراء والمعراج حدثت قبل هجرة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة المنورة بسنةٍ ونصف،[5] حيث أُسريّ بالرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من البيت الحرام في مكّة المكرّمة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس على دابة البراق، ثمّ عرج رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى السماء الأولى برفقة جبريل عليه السّلام، فرحّبت به الملائكة، ثمّ لقي آدم عليه السّلام ورحّب به أيضاً، ثمّ استمرّ رسول الله بالصعود حتى وصل إلى السماء السابعة، حيث لقي فيها موسى عليه السّلام، وتابع -عليه الصّلاة والسّلام- الصعود برفقة جبريل -عليه السلام- حتى وصل إلى سدرة المنتهى، وهناك نزل الله تعالى نزولاً يليق بجلاله، واقترب حتى كان قاب قوسين أو أدنى، ثمّ أوحى إلى رسوله -عليه الصّلاة والسّلام- بفرض خمسين صلاةً على أمّته في كلّ يومٍ وليلةٍ، ثمّ هبط رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- عائداً، فلقيه موسى عليه السّلام، وكلّمه بأن يرجع إلى ربه ويسأله التخفيف عن أُمته، فرجع الرسول محمد -صلّى الله عليه وسلّم- إلى ربّه، فخففها الله تعالى إلى عشر صلواتٍ، ولكن موسى عليه السّلام ظل يُرجع النبي -عليه الصّلاة والسّلام- إلى ربّه -عزّ وجّل- حتى جعلها خمس صلواتٍ، ثمّ هبط عليه السّلام، فقال له موسى عليه السّلام: ارجع، واسأل الله تعالى التخفيف على أمتك، فأخبره رسول الله أنّه قد استحيى من الله لمراجعته غير مرّةٍ، ثمّ قال له جبريل عليه السّلام: اهبط بسم الله، فهبط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتى استيقظ في المسجد الحرام.[6]
وروى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- واصفاً ما حدث في تلك الليلة، فقال:(ففرَض علَيَّ خمسينَ صلاةً في كلِّ يومٍ وليلةٍ، فنزَلْتُ إلى موسى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ما فرَض ربُّكَ على أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خمسينَ صلاةً، قال: ارجِعْ إلى ربِّكَ، فاسأَلْه التَّخفيفَ؛ فإنَّ أمَّتَكَ لا يُطيقونَ ذلكَ؛ فإنِّي قد بلَوْتُ بني إسرائيلَ وخبَرْتُهم، قال: فرجَعْتُ إلى ربِّي فقُلْتُ: يا ربِّ، خفِّفْ على أُمَّتي، فحَطَّ عنِّي خمسًا، فرجَعْتُ إلى موسى فقُلْتُ: حَطَّ عنِّي خَمْسًا، قال: إنَّ أمَّتَكَ لا يُطيقونَ ذلكَ، فارجِعْ إلى ربِّكَ فاسأَلْه التَّخفيفَ، قال: فلَمْ أزَلْ أرجِعُ بين ربِّي تبارَك وتعالى وبين موسى عليه السَّلامُ حتَّى قال: يا مُحمَّدُ، إنَّهنَّ خمسُ صلواتٍ كلَّ يومٍ وليلةٍ، لكلِّ صلاةٍ عَشْرٌ، فذلكَ خمسونَ صلاةً).[7][6]
فضائل الصلاة
تُعتبر الصلاة أمّ العبادات، وأعظم الطاعات؛ إذ إنّ الكثير من نصوص القرآن الكريم والسنّة الشريفة أمرت بأدائها والمحافظة عليها، ومن فضائلها ما يأتي: [8]
- الصلاة أفضل الأعمال؛ فقد أجاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لمّا سُئل عن أفضل الأعمال؛ بأنّها الصلاة على وقتها.
- الصلاة نورٌ؛ كما قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: (الصلاةُ نورٌ).[9]
- الصلاة كانت آخر وصيّةٍ للرسول صلّى الله عليه وسلّم.
- الصلاة كفارةٌ للذنوب والمعاصي، ونهرٌ من الطهارة و المغفرة.
- الصلاة أمانٌ وحفظ للمسلم في الدنيا، وعهدٌ من الله تعالى بدخول الجنة في الآخرة.
- الصلاة أمانٌ من الكفر، والشرك، والنار.
- الصلاة أول ما يُحاسب عليه المسلم يوم القيامة.
- الصلاة في جماعةٍ من سنن الهدى، وبالأخص: صلاتي الفجر والعشاء؛ فهما أمانٌ من النفاق.
الخشوع في الصلاة
إنّ الخشوع في الصلاة يعني؛ تدبّر معاني القرآن الكريم، والإقبال عليها بقلبٍ مخلصٍ، واستشعار عظمة الله تعالى، مع تطبيق أركانها، وشروطها، وسننها، ومن الأمور التي تساعد على الخشوع في الصلاة ما يأتي:[10]
- إسباغ الوضوء؛ إذ إنّ الوضوء شرطٌ لصحة الصلاة، فإذا أحسن المسلم الوضوء كان ذلك سبباً لخشوعه في صلاته.
- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم؛ فلا حيلة للإنسان لدفع وساوس الشيطان إلا بالاستعانة بخالقه.
- وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى، كما كان يفعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ويأمر الناس بذلك.
- النظر إلى موضع السجود، وعدم النظر إلى ما يُشغل أثناء الصلاة.
- الدعاء والتضرّع لله تعالى وسؤاله الخشوع الذي يحبّه في الصلاة.
- التفكر في معاني الآيات؛ بالإصغاء للإمام في الصلاة الجهرية، أو تدبر ما يقرؤه في الصلاة السرّيّة.
المراجع
- ↑ سورة مريم، آية: 31.
- ↑ سورة مريم، آية: 55.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 231، صحيح.
- ↑ "أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة"، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-5-2018. بتصرّف.
- ↑ "متى فرضت الصلاة ؟ وكيف كان المسلمون يصلون قبل فرض الخمس"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 16-5-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب "شرح الحديث رقم 5825"، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-5-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 162، صحيح.
- ↑ "الصلاة الصلاة"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-5-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي مالك الأشعري، الصفحة أو الرقم: 189، صحيح.
- ↑ "وسائل الخشوع في الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-5-2018. بتصرّف.