أين ومتى توفي الرسول
محمد -عليه الصلاة والسلام-
أبو القاسم محمدٌ بنُ عبدالله بن عبد المطلب، رسول الله للبشرية جمعاء، بعثه الله عز وجل للإيمان به وحده لا شريك له، وهو خاتم النبيين، وكلّفه الله تعالى برسالة الإسلام ونشرها في أرجاء العالم، وقد حمل الرسول العظيم الأميّ رسالته بأمانة، بالرغم من الإساءات والمعاناة والأذى الذي لحق به أثناء تبيلغ الدعوة الإسلامية، والحروب والغزوات التي خاضها، إلا أنّه أنه أصرّ على إكمال دعوته، وكان خيرَ حاملٍ للرسالة والأمانة، ومثالاً يُقتدى به بالصبر والعفو والتسامح وتحمّل الأذى، والأخلاق الحسنة التي كان يتمتع بها الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- لإكمال دعوته للنهاية.
دعوة الرسول -عليه الصلاة والسلام-
مضى الرسول محمد -صلّى الله عليه وسلم- في دعوته مدة ثلاثةٍ وعشرين عاماً، وكان -عليه الصلاة والسلام- في عمر الأربعين حينما نزل عليه الوحي جبريل -عليه السلام- بآياتٍ بينات من القرآن الكريم، حيثُ كان يتعبد في غار حراء، وكانت بداية الدعوة سرية مدةَ ثلاث سنوات في مكة المكرمة، وبعدما انتشر الإسلام أصبحت الدعوة جهرية لمدة عشرِ سنوات، ثم هاجر للمدينة، وأعلن دعوتَه للإسلام بعد أن أرادت قريش قتله بسبب دعوته.
ومضتْ عشرُ سنوات أخرى حتى لاقى الإسلام الصدى الكبير وأصبح عدد المسليمن لا يُعد ولا يُحصى، تابعين للرسول -عليه السلام-، قادمين من كل القبائل العربية؛ إيماناً بالله ورسوله، لِما سمعوه عن هذا الدين العظيم الذي يدعو للمحبة والتسامح والوحدة، بعيداً عن مظاهر العصبية والعنصرية والتفرقة بين الناس وما كانوا يردّدونه من الأيات الكريمة، التي وصلت إليهم عبر القبائل والتجار من مكة والمدينة، مما دفعهم للحاق بالرسول و معرفة المزيد عن تعاليم الدين، وحفظ القرآن الكريم، هذه الأسباب جعلت أعداء الرسول؛ من كفار قريش ومن يهود خيبر، يكيدون له للتخلص منه؛ كيْلا ينشرَ المزيد من آيات الله، ويكمل الدعوة.
حِجّةُ الرسول -عليه الصلاة والسلام-
وفي السنة العاشرة للهجرة حَجّ الرسول -عليه السلام- حِجتَه الوحيدة، وتبعه عشراتُ الآلاف من النساء والرجال، وسميت بحجة الوداع؛ حيثُ إنه ودّع الناس فيها، وعلّمهم ما بقي من تعاليم دينهم، وألقى خطبة الوداع، وقال فيها: (إنّ دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمَيّ موضوعٌ، ودماء الجاهلية موضوعةٌ، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهنّ بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهنّ ألاّ يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهنّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به؛ كتاب الله وأنتم تُسألون عنّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت، وأدّيت، ونصحت، فقال: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات.ثم نزلت الأية الكريمة في جبل عرفات، قال تعالى:(اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ صدق الله العظيم.
وفاة الرسول -عليه الصلاة والسلام-
وفي يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول، في السنة الحادية عشرة للهجرة، لم يرَ الإسلامُ أظلم من هذا اليوم؛ حيث كان هذا اليومُ هو يومُ وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، حيث إنه عانى من ألم شديد في الرأس، وحمى شديدة منعته من الإمامة بالناس ذلك اليوم، وكان يقيمُ وقتَها في المسجد النبوي في حجرة عائشة -رضي الله عنها-، وخرج للصلاة، وكانت هذه الأخيرةَ له -عليه السلام-.
وتوفي -عليه الصلاة والسلام- في المدينة، في وقت الضحى، بحجر عائشة -رضي الله عنها-، حيث قالت -رضي الله عنها-: (إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته، دخل عبد الرحمن -ابن أبي بكر- وبيده السواك، وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك، فأشار برأسه أن نعم فتناولته فاشتد عليه، وقلت: ألينه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فلينته.)، رواه البخاري.