-

أين وجدت سفينة نوح

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الأنبياء في الإسلام

أنعم الله تعالى على البشرية بإرسال الأنبياء لهدايتهم وردّهم إلى الطريق الحق، وإبعادهم عن خطوات الشياطين وعادات الجاهلية، لكن أنبياء الله عليهم سلام الله وصلواته، قد لاقوا رفضاً واستكباراً من أقوامهم ورداً لدعوتهم، لكل نبي من أنبياء الله تعالى قصة يرويها التاريخ والعصور التي عاشوا بها، وما لاقوه من أذى واعتراض من أقوامهم، ومن المتعارف بأن زمن الأنبياء هو زمن المعجزات، لكل نبي معجزة ميزّه الله تعالى به عن غيره من الأنبياء، وخصّهم الله بالمعجزات لبيان صدق نبوّتهم، من بين هؤلاء الأنبياء الصديقين الذين لاقوا المقاومة والإستهزاء والسخرية من أقوامهم، سيدنا نوح عليه السلام، الذي أرسله الله تعالى ليخلّص قومه من الجاهلية ودياناتهم وما اتبعوه من آبائهم الأولين.

نوح عليه السلام

هو نوح بن لامك بن متشولح بن إدريس، ويصنّف بأنه الحفيد التاسع لسيدنا آدم عليه السلام أبو البشرية، والملقب بالأب الثاني للبشرية، وامتهن سيدنا نوح عليه السلام مهنة النجارة، الأمر الذي ساعده على إتمام وإتقان أمر الله تعالى ببناء السفينة بكل سهولة وسرعة.

دعوة نوح عليه السلام

قال تعالى : (كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر (9) فدعا ربه أني مغلوب فانتصر (10) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر (11) وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر (12) وحملناه على ذات ألواح ودسر (13) تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كُفِر (14) ولقد تركناها آية فهل من مدّكِر (15) فكيف كان عذابي ونذر (16) ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مُدّكّر (17)). (سورة القمر)

أرسل الله سبحانه وتعالى سيدنا نوح إلى قومه الذين كانوا يتخذّون من الوثنية ديانة، لدعوتهم إلى ترك ديانة آبائهم الأولين وعبادة الله تعالى وحده لا شريك له، وقد لاقى الكثير من الصّد لدعوّته، حيث واصلت الغالبية العظمى الاستمرار في عبادة الأوثان، فتآمر قومه عليه، وعادوه وعادوا من آمن بربه وحده لا شريك له، متوّعدين برجمهم، وعندما اشتّد كفر قوم سيدنا نوح عليه وسلم وكَبُر همّ وبلاء سيدنا نوح وصبره على قومه، أمره الله سبحانه وتعالى ببناء سفينة يحمل على متنها الذين آمنوا وزوجين اثنين من كل نوع من الحيوانات، لأنّ غضباً من الله تعالى سيّحل على قومه الظالمين، مع ذلك فقد حذّرهم سيدنا نوح مما سيأتي وما سيحّل بهم من عذاب إلا أنهم كذبوه واستهزؤوا به.

من المعروف عن قوم سيدنا نوح عليه السلام، بأنه عندما كان يتردد عليهم ليدعوهم إلى الله تعالى، كانوا يضعون أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا كلامه، ويستغشوا بثيابهم على وجوههم حتى لا يروه، وقاموا بضربه ضرباً مبرحاً حتى سال الدم من جسده الشريف، وقالوا له لقد جادلتنا كثيراً في هذا الأمر، و كان سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام يتضرّع إلى الله تعالى أن يهديهم قائلاً: "قال رب إني دعوت قومي ليلاً نهاراً فلم يزدهم دعائي إلا فرارا)، وتحججّ بعض الكفار من قوم سيدنا نوح عليه السلام بقولهم: " أنؤمن لك وابتعك الأرذلون"، حيث أن اختلقوا الحجج لعدم إيمانهم، طالبين من سيدنا نوح عليه السلام طرد الذين آمنوا به حتى يؤمن البقية، وقالوا كيف نستجيب لدين يستوي فيه الشريف والوضيع، وعندما انتهى سيدنا نوح عليه السلام من بناء سفينته الضخمة، والتي قيل بأن طولها بلغ 80 ذراعاً وقيل 2000 ذراع والمصنوعة من الألواح الخشبية المستوحاة من الأشجار، نفّذ ما أمره به الله سبحانه وتعالى وحمل على متنها من آمن به وبدعوته، وزوجين اثنين من كل نوع من الحيوانات، وفي هذه الأثناء جاء أمر الله تعالى بنزول العقاب على قومه فعاقبهم بالطوفان، حيث أمطرت السماء مطراً غزيراً لم يأتي عليهم من قبل، وبدأت المياه بالفوران من الأرض والخروج حتى غرقت القرية كاملة وباتت خاوية على عروشها.

الطوفان

بدأت المطر بأمر من الله تعالى بالهطول الغزير اللا متناهي، و بدأت المياه على سطح الأرض في تلك المنطقة بالفوران وارتفا منسوبها، ويقال بأن ذلك كان قبل طلع الفجر، وعند ما رأي سيدنا نوح هذه العلامة من الله تعالى ببدء العقاب على قومه، على الفور، قام بنقل المؤمنين وزوجين اثنين من دواب الأرض وحيواناتها، و ما آلم سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام أن ابنه وزوجته لم يكونا من الناجين، بل كانا من الغارقين الخاسرين، بالرغم من نصحه لهم ومحاولة إقناعهم والتأثير عليهم للإيمان بالله تعالى لكن دون فائدة، فحملت السفينة على متنها 80 مؤمناً بالله تعالى، ونجّى الله تعالى سيدنا نوح ومن معه من العذاب، وبقيت السفينة في موج البحر مدة 150 يوماً والجبال ما بين مد وجزر كالجبال، واندثر وقوم نوح عليه السلام وغرقوا جميعاً بمشيئة الله تعالى، فأرسل سيدنا نوح عليه السلام إلى ديار قومه الكافرين الغابرين، حمامة، لتتطلّع على حال قومه فعادت الحمامة بعد أن مرغّت رجليها بالطين حاملةً غصن زيتون، فلما شاهد هذا الغصن عرف بأن الطوفان قد انحسر، إلا أنه يجدر بالذكر أن تفاصيل الوقت الذي بقيت فيه السفينة واستدلال نوح عليه السلام على انتهاء الطوفان ليس مما ذكر في القصة القرآنية.

قال تعالى:" ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون، فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين"، ففي هذه الآية الكريمة، تفصيل بسيط عن دعوة سيدنا نوح لقومه، حيث لبث 950 عاماً في دعوتهم وعندما قابلوه بالإصرار على ديانتهم الوثنية والسخرية منه عاقبهم الله تعالى بالطوفان، وكانوا من الخاسرين، وأنجى الله تعالى سيدنا نوح ومن معه من المؤمنين.

مكان سفينة نوح عليه السلام

قال تعالى :"وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين" سورة هود آية 44.

بعد مرور 150 يوماً من البقاء في عرض البحر، مابين موج مرتفع ومنخفض كالجبال، رست السفينة بأمر الله سبحانه وتعالى على جبل يسمى "جبل الجودي"، والكائن حالياً في دولة تركيا، ويقع جبل الجودي في وقتنا الحاضر في تركيا، بالقرب من الحدود العراقية التركية باتجاه الموصل، ومنطقة الجودي هي أكثبر مدينة في الجنوب الشرقي من تركيا والمعروف حالياً بـ"ديار بكر".

قال تعالى في سورة القمر: "ولقد تركناها آية فهل من مدكر"، وقد فسرّ المفسرون هذه الآية الكريمة بأن السفينة التي صنعها سيدنا نوح عليه الصلاة والسلم كانت مصنوعة من الألواح الخشبية، وأنّه عندما وقع الغضب من الله تعالى على قوم نوح عليه السلام انطلق سيدنا نوح وأتباعه في رحلة النجاة، وكانوا بحماية الله تعالى بعينه التي لاتنام، أما "تركناها"، فقد جعلها الله تعالى باقية إلى يوم القيامة، حتى تبقى آية وعلامة لمن يكفر ويعصي الله تعالى، لتكون آية للعالمين، ويقال بأن هذا دلالة على البقاء وعدم الزوال، أي أنّها أثراً للأمم السابقة، وقد ذكر الله تعالى قصة سيدنا نوح عليه السلام في القرآن الكريم في عدة مواضع، ومنها سورة آل عمران، وسورة النساء، وسورة المائدة، وسورة الأنعام، وسورة هود، وسورة العنكبوت، وطبعاً سورة نوح التي سميّت باسمه، وسورة القمر.