أين موقع أصحاب الكهف
تعريف بأصحاب الكهف
أخبر الله -تعالى- في القرآن الكريم، عن فتيةٍ تركوا دين قومهم، وآمنوا بالله وحده دون شريكٍ، وكان ذلك في عهد ملكٍ اسمه دقيوس، وقيل دقيانوس، وقد سكنوا الأراضي الرومانية، وقد اختلفت الروايات في الزمن الذي كانوا يعيشون فيه، فذكرت بعض الروايات أنّهم أتوا قبل المسيح عليه السلام؛ وهو من أخبر قومه بقصّتهم، وقيل إنّهم ظهروا بعد المسيح عليه السلام، وقد أسلموا ووحدوا على يديّ أحد حواريي نبي الله عيسى، وفي خبرهم جاء أنّهم آمنوا بشريعة الله تعالى، ووحّدوه، فأراد الملك أن يفتنهم عن دينهم، ويردّهم إلى عبادة الأصنام، فهربوا منه للنجاة بدينهم، فدخلوا كهفاً فأغلقه الله عليهم؛ حمايةً لهم، ولذلك سمّوا بأصحاب الكهف.[1]
ولقد ذكر الله -تعالى- قصّة أصحاب الكهف في القرآن الكريم، بشيءٍ من التفصيل، في سورةٍ سمّيت من وحي قصّتهم؛ وهي سورة الكهف، حيث قال الله تعالى: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)،[2] والرّقيم: هو خبر هؤلاء الفتية، قد كُتب في لوحٍ، وجعل في باب الكهف، وورد أنّ أحداً من زمانهم، كتب في اللوح معلوماتٍ عنهم، فذكر أسماءهم، والزمن الذي عاشوا فيه، وسبب إيوائهم إلى الكهف، وأمّا في عدد أصحاب الكهف، فقد ذكر ابن عباس رضي الله عنه، أنّهم سبعةٌ، وثامنهم كلبهم، وقال ابن إسحاق أنّهم كانوا ثمانيةً، والتاسع كلبهم.[1]
موقع أهل الكهف
بالرغم من ثبوت قصّة أهل الكهف، وذكرها في القرآن الكريم، إلّا أنّه ما من خبرٍ مؤكّدٍ عن مكان حصول أحداث تلك القصّة، أو مكان الكهف الذي أقام فيه أصحاب الكهف، فبعض الروايات تذكر أنّ الكهف في المدينة التي كان الروم يحكمونها، ومنها خرج أصحاب الكهف، وكان اسمها أفسوس، فيقال إنّها في الوقت الحاضر تسمى طرسوس، وورد في حديث بعضهم، أنّ الكهف هو صخرة بيت المقدس، وقيل إنّه قريبٌ من أنطاكيا، وهناك أقوالٌ ترجّح أنّ الكهف في إحدى المدن التونسية؛ وذلك لوجود الكثير من الكهوف، التي كان يلجأ إليها اليهود هرباً من بطش الروم، ومع تعدّد الأقوال واختلافها، يبقى القول بأنّه ما من خبرٍ أكيدٍ حول المكان الحقيقي الذي عاش فيه أصحاب الكهف كلّ تلك السنين.[3][4]
جانب من أحداث قصّة أصحاب الكهف
بدأت قصّة الفتية بعد أن آمنوا بربّهم بين المشركين، وبدأوا يدعون من حولهم إلى توحيد الله سبحانه، لكنّ النّاس من حولهم قابلوهم بالرفض والتكذيب والاستهزاء، بل وأكثر من ذلك، حيث تعرّضوا للإيذاء والتعذيب، بسبب دينهم وإيمانهم، فأوحى الله -تعالى-إليهم أن يدخلوا كهفاً قد مرّوا به، ويتحصّنوا من فتنة وتعذيب قومهم لهم، حيث قال الله تعالى: (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا*فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا)،[5] وعندما دخل الفتية الكهف، ولجأوا إلى ربّهم بالدعاء، وسؤاله التأييد والنصرة، ضرب الله -تعالى- على آذانهم؛ أيّ أنامهم في الكهف سنواتٍ طوالٍ، وذكر الله -تعالى- أنّهم ناموا ثلاثمئةٍ وتسع سنين؛ حفظاً لقلوبهم من الانحراف، والاضطهاد، والتعذيب.[6]
يذكر الله -تعالى- في سورة الكهف جانباً من الإعجاز في رعايتهم وحمايتهم كلّ تلك السنين، فمع أنّ نومهم كلّ ذلك الوقت، هو معجزةٌ بحدّ ذاتها، إلّا أنّ الظروف التي اختارها الله -تعالى- ليكونوا فيها، هي إحدى المعجزات والرحمات الإلهية فيهم، يقول الله تعالى: (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ)،[7] فإنّ الله -تعالى- حفظ أجسامهم من الشمس، فكانت تميل عنهم يميناً حين تشرق، ثمّ حين تغرب، تميل عن أجسادهم شمالاً، والمكان متّسعٌ ظليلٌ يمرّ فيه الهواء؛ فلا تتعفّن أجسادهم، ولا تمرض، بل هم في عنايةٍ تامةٍ طوال الوقت، ثمّ يذكر الله -تعالى- شكلاً آخراً من عنايته بهم، إذ يقلّبهم، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ).[8][6]
بعدما استيقظ الفتية من رقودهم، تسائلوا فيما بينهم عن مدّة مكوثهم، فظنّوا بأنّهم لبثوا يوماً، أو جزءاً من يومٍ، ولم يدركوا بالطبع كم لبثوا، فقال أحدهم: (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ)،[9] ثم أشار بأن يبتعثوا أحداً ليشتري لهم ما يأكلونه، حيث قال الله تعالى في بيان ذلك: (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا)؛[10] أيّ فليذهب أحدكم، وليبالغ في حذره، واستخفائه من القوم؛ حتّى لا يصل أحدٌ إلينا، لكن من خرج سرعان ما أدرك أنّ المكان ليس كما تركه، وأنّ النّاس مختلفون جدّاً عن حالهم المتوقع، ولم يلفت انتباه النّاس من حوله، إلّا الدراهم التي دفعها حين اشترى ما أراده، فأخذ البائع منه المال، وأخبر من حوله أنّ تلك قطعةٌ من كنزٍ، لا يعلم هو كيف ظهرت، وسرعان ما التفّ الناس حول الفتى، وسألوا عنه، حتى أدركوا الحقيقة.[11]
دروس مستفادة من قصّة أصحاب الكهف
من يقرأ قصّة أصحاب الكهف يخرج منها بالعديد من الدروس المستفادة، وفيما يأتي ذكرٌ لجانبٍ منها:[6]
- دوام توحيد الله سبحانه، والثبات على ذلك.
- التفكّر في قدرة الله -تعالى- على صنع المعجزات حين يشاء.
- عناية الله -تعالى- بأوليائه، وعباده الصالحين.
- التوفيق والهداية بيد الله وحده، وعلى العبد أن يتوجّه لربّه بسؤاله أن يمنّ عليه بهما.
المراجع
- ^ أ ب "قصة أصحاب الكهف"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية: 9.
- ↑ "لا يعرف مكان كهف أصحاب الكهف على وجه التحديد"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.
- ↑ "هل قصة أصحاب الكهف موجودة في التوراة أو الإنجيل؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية: 10-11.
- ^ أ ب ت "أصحاب الكهف"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية: 17.
- ↑ سورة الكهف، آية: 18.
- ↑ سورة الكهف، آية: 19.
- ↑ سورة الكهف، آية: 19.
- ↑ "وقفات مع فتية الكهف"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.