أين يوجد قبر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم
شرّف الله تعالى العالمين بقدوم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبأن بعثه رسولاً نبياً للأمم، وحاملاً للرسالة الإسلامية الحنيفة لينشرها في مناكب الأرض، ويعود الفضل إلى خير الأنام وسيد البشرية فيما وصل إلينا من الديانة الإسلامية وفضلها واتباعنا لطريق الحق، وكان الشخصية الأكثر تأثيراً في الآخرين، شهد عصر الرسول -صلى الله عليه وسلّم- الكثير من الأحداث الهامة والتاريخية.
و هو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب المكنّى بأبي القاسم، ولد في 12 ربيع الأول من عام الفيل في الثاني والعشرين من شهر إبريل من عام 571 م في مكة المكرمة، وهو رسول الله إلى الأمة الإسلامية والبشرية جميعها، بعثه ليوّحد الأمم على عبادة الله تعالى وهو خاتم الأنبياء والرسل، وكان له الأثر العظيم والكبير في نفوس المسلمين، لما اتصف به من أخلاق وصفات ومزايا ميزّه الله تعالى به عن سائر الأنبياء، وامتهن الرعي ثم التجارة، ويعّد الإنسان الوحيد الذي تمكّن من النجاح المطلق على الصعيدين الديني والدنيوي على مر العصور في التاريخ.
له -عليه الصلاة والسلام- من الأبناء الذكور: القاسم وعبدالله وإبراهيم، ومن الإناث: زينب، و رقية، و أم كلثوم، و فاطمة الزهراء، وينسب إلى قبيلة قريش، أبوه عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف، وتعّد قبيلة قريش من أشراف العرب وأفضلهم، وتربط الرسول -صلى الله عليه وسلّم- بكل فرع من فروع قريش صلة قرابة، وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف وهي أفضل امرأة في قريش نسباً.
توفي والده ولم يرَه، وكانت حادثة وفاة والده أثناء ذهابه إلى الشام للتجارة، حيث مرّ بالمدينة المنورة فأصابه مرض شديد، وتوفي هناك عن عمر يناهز خمسة وعشرين عاماً، وولد سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلّم- في عام الفيل؛ العام الذي هاجم به أبرهة الأشرم مكة المكرّمة محاولاً هدم الكعبة، وسمّي بعام الفيل؛ لأن أبرهة الأشرم قد امتطى الفيلة لغزو مكة المكرمة.
حياته
قصة حياة سيد البشرية محمد -صلى الله عليه وسلّم- قصة لا يجهلها إنسان قط، بل أشهر قصة عرفها التاريخ، فهو رسول أمة المليار ونصف المليار مسلم، فقد عاش حياة يشوبها الفقر والصبر والتحمّل، امتهن الرعي في أول حياته لينتقل بعد ذلك إلى مهنة التجارة، وتزوج بعد ذلك من السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- وهي امرأة ذات حسب ونسب شريفين، وأنجبت له القاسم وعبدالله، وعند بلوغ سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلّم- سن الأربعين كان يذهب إلى غار يدعى حراء في جبل النور في مكة المكرمة، ويأخذ معه ما يكفيه من الطعام والشراب لمدة شهر كامل، ليتأمل ملكوت الله تعالى وجاء إليه الوحي جبريل -عليه السلام في- هذا الغار وبدأ نزول القرآن الكريم عليه تدريجياً.
وقد لقي في دعوته الإسلامية الكثير من الأذى والعداء من قومه كذّبوه ، فكانت السيدة خديجة بنت خويلد أول من آمن من النساء، وعلي بن أي طالب أول من آمن من الشباب، ثم آمن به زيد بن حارثة، وأبو بكر الصديق أول من أسلم من الرجال، وتوالى نزول الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- مدة ثلاثة وعشرون عاماً، أولها سورة العلق، وكان نزول الوحي منقسماً على رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- في مكة المكرمة والمدينة المنوّرة، وتمكّن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- من تحقيق والنجاح في نشر الرسالة الإسلامية الحنيفة وتأديتها على أكمل وجه، حيث تمكّن من فتح البلدان المستعمرة، و خاض تسعَ غزوات وحققّ النصر في معظمها، ومن أهمها؛ الخندق وبدر وأحد و غزوة بني قريظة.
معجزاته
تميزّ سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلّم- بمعجزاته وأهمها وأولها؛ القرآن الكريم، إذ كان كتاباً فصيحاً بليغاً لا يشوبه أي خطأ، كما أن حادثة انشقاق القمر، وحادثة الإسراء والمعراج، إذ أسري برسول الله -صلى الله عليه وسّلم- ليلاً من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس الشريف،وقد عُرج به إلى السماوات العلى على ظهر دابة تدعى البراق، وقد ارتفعت به إلى السماء السابعة، والتقى هناك بالأنبياء السابقين، ووصل إلى البيت المعمور هناك، وكانت في إحدى ليالي رمضان المبارك، مما جعل للمسجد الأقصى قدسية خاصة لدى المسلمين، ويحتفل المسلمون سنوياً بذكرى الإسراء والمعراج، احتفالاً برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتصديقاً له ولمعجزته.
حِجّة الوداع
أدّى رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- مناسك الحج مرة واحدة في حياته، وفي السنة العاشرة للهجرة عزم على أداء الحج بعد مكوثه تسعَ سنوات في المدينة المنوّرة وقد أخبر الناس بأنه خارج إلى أداء مناسك الحج فسمّيت بحجة الإسلام أو حجة البلاغ وحجة الوداع، فقد ودّع الناس رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، وامتطى ناقته القصواء في الخامس والعشرين من ذي القعدة في السنة العاشرة للهجرة، متجهاً إلى مكة لأداء الحج، فلحق به مئة ألف مسلم ومسلمة لأداء مناسك الحج، و لما وصلَ ذا الحليفة وأدّى الإحرام استمر ملبيّاً :"لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك"، وعندما وصل الرسول -صلى الله عليه وسلّم- إلى جبل عرفة نزلت الآية الكريمة: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".
و نزل المرض برسول الله صلى الله عليه وسلّم في أواخر شهر صفر في السنة 11 هـ، وكان في ذلك العام يصادف تسيير جيوشٍ على رأسهم أسامة بن زيد إلى أرض فلسطين لمحاربة الروم، فتثاقل الناس عن الجهاد عندما اشتّد الوجع برسول الله -صلى الله علليه وسلّم- فخرج إلى البقيع ليلاً فاستغفر للناس ورجع لأهله، فاشتدت الحمى وصداع الرأس، فاستأذن نساءه أن يمرّض في بيت عائشة، ثم خطب بالناس مرات عدّة قبل وفاته.
وفاته
تلّقى المسلمون نبأ وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- كالصاعقة، فكان نبأ عظيم الأثر على نفس المسلمين وكان ذلك بعد مضي ثلاثة عشرة يوماً على مرض رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- بعد أن خرج إليهم في صلاة الصبح ففرحوا به، وقد فارق الحياة تاركاً وراءه سيرته العطرة، التي مازال يفوح عبيرها حتى يوم القيامة، وكان ذلك في ربيع الأول من سنة 11 هـ ، الموافق الثامن من شهر يونيو سنة 632 م، عن عمر يناهز ثلاثةً وستّين عاماً.
وخرج صحابته -رضوان الله عليهم- إلى الناس ليخبروهم بنبأ وفاته، فقال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: "ألا من كان يعبد محمدًا ، فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت»، وقرأ " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ" صدق الله العظيم، فبدأ المسلمون بتجهيز جثمان خير البشرية وخاتم المرسلين لينتقل إلى مثواه الأخير ودفن في المسجد النبوي الشريف وقبر النبي صلى الله عليه وسلّم يقع في مبنى له قبة خضراء.