عليّ هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم (علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي)، وينتهي نسبه إلى عدنان، وأمه فاطمة بنت أسد الهاشمية رضي الله عنها، وكنيته أبو الحسن والحسين، وقد لقّبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي تراب، والسبب في ذلك اللقب أنه عليه الصلاة والسلام أتى إلى بيته فلم يجده، فبحث عنه فوجده نائماً في المسجد مُتَمّعِّكاً -مُتمرِّغاً- في التراب، فقال له :(قُم أبا تُرابٍ، قُم أبا تُرابٍ).[1][2]
وُلِد علي بن أبي طالب رضي الله عنه في مكة المكرمة، حيث رُوِي أنّه وُلِد في جوف الكعبة، كما قال الحاكم في كتابه المستدرك: (تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد رضي الله عنها ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في جوف الكعبة)، وفي الحقيقة فإنّ هذا القول ضعيف، وقد عقّب ابن الملقن على قول الحاكم، بقوله: (حكيم بن حزام رضي الله عنه ولد في جوف الكعبة، ولا يُعرَف أحد ولد فيها غيره، وأمّا ما رُوِي عن علي بن أبي طالب أنه ولد فيها فضعيف، وخالف الحاكم في ذلك، فقال في المستدرك في ترجمة علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- أن الأخبار تواترت في ذلك)، وأكد البعض بعدم ورود أي دليل صحيح على مولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الكعبة، وأن التواتر الذي أشار إليه الحاكم في المستدرك، ليس هو تواتر الأصوليين الذي يعنون به الخبر الذي يفيد العلم اليقينيّ الضروري لكثرة المخبرين به، ولكن الحاكم قصد بالتواتر أن ذلك الخبر كان مشهوراً في زمانه بين الناس، ولا عجب في شهرة ذلك الخبر في زمانه.[3]
من صفات عليّ بن أبي طالب الخَلقية أنه كان حسن الوجه، وسيم الملامح، كثير التبسم، عظيم اللحية، كثير شعر الصدر، أشكل العينين، شديد الأدمة -السّمرة، خفيف المشية، وقد وُلِد رضي الله عنه قبل البعثة بعشرة أعوام، ولما بُعِث رسول الله صلى الله عليه وسلم كان علي رضي الله عنه أول من أسلم من الفتيان، ثمّ لازم رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ صغره، وشهد معه جميع الغزوات إلا غزوة تبوك؛ فقد خلفه الرسول عليه الصّلاة والسلام على أهله وعياله، وقد زوّجه النبي عليه الصلاة والسلام ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها في العام الثاني للهجرة، ومن الجدير بالذكر أنه من العشرة المبشرين بالجنة، ومن أصحاب الشورى الستة، ورابع الخلفاء الراشدين.[2]
تولّى عليٌّ رضي الله عنه الخلافة بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، حيث مرّ المسلمون في ذلك الوقت بمرحلة عصيبة، فقد عمّت الفتنة، وعجّت المدينة بالثوار، وأخذوا يبحثون عن خليفة لهم، فأراد المصريون أن يبايعوا عليّاً بن أبي طالب رضي الله عنه، وأراد أهل الكوفة والبصرة مبايعة الزبير أو طلحة، أو عبد الله بن عمر رضي الله عنهم، ولكنهم رفضوا جميعاً، وفي تلك الأثناء اجتمع الصحابة رضي الله عنهم من المهاجرين والأنصار وتوجهوا إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه يطلبون منه أن يتولى الخلافة، لأنّهم يرونه أحق الناس بها، ولكنه رفض أن يتولى الأمر إلا بشروط؛ منها ألا تكون بيعته عن طريق قتلة عثمان رضي الله عنه، وإنما من أهل السبق من المهاجرين والأنصار، وألا تكون بيعته خفية، بل علنية وفي المسجد، فتمت بذلك بيعته للخلافة ممن حضر في المدينة المنورة، ولم يتخلف عن بيعته إلا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وأهل الشام.[2]
ثمة العديد من الفضائل التي تميز بها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومنها:[4]