-

من هم كتاب الوحي

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الوحي

يُعرّف الوحي لغةً بأنّه الإشارة والإيماء، أو الإعلام بالخفاء، وأمّا اصطلاحاً فيُعرّف بأنّه بما يلقيه الله -تعالى- إلى أنبيائه من علمٍ ضروريٍ يُخفيه عن غيرهم، بعد أن يعدّ أرواحهم لتلقيه، بواسطة ملكٍ أو غيره، ومن الجدير بالذّكر أنّ الله -تعالى- قد أوحى للكثير من الأنبياء، منهم من قصّ علينا قصصهم في القرآن الكريم، ومنهم من لم يقصص، حيث أرسلهم إلى الناس جميعاً، مبشرين ومنذرين، حتى لا يكون للناس حجةٌ بعد الرسل، وقد تعدّدت طرق الوحي لخاتم الأنبياء والمرسلين، وكانت أول طريقةٍ أُوحي إليه من خلالها؛ هي الرؤيا الصالحة، مصداقاً لما رُوي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنّها قالت: (كانَ أوَّلُ ما بُدئَ بهِ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ منَ الوحيِ الرُّؤيا الصَّادقةَ في النَّومِ، فَكانَ لا يرى رؤيا، إلَّا جاءَت مثلَ فلقِ الصُّبحِ)،[1] والنوع الآخر من خلال إلقاء الملك في قلبه وروعه، من غير أن يراه، أو أن يأتيه الملك على هيئة رجلٍ يكلّمه، ويعي ما يقول.[2]

كتّاب الوحي

اختلف أهل العلم في عدد كتّاب الوحي، فمنهم من قال بأنّهم ثلاثة عشر صحابياً، ومنهم من قال بأنّهم أكثر من عشرين، وقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- في كتابه البداية والنهاية، بأنّهم ثلاثةٌ وعشرون صحابياً، حيث قال: (أمّا كتاب الوحي وغيره بين يديه صلوات الله وسلامه عليه ورضي عنهم أجمعين، فمنهم الخلفاء الأربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم، ثمّ ذكر: أبان بن سعيد بن العاص، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأرقم بن أبي الأرقم؛ واسمه عبد مناف، وثابت بن قيس بن شماس، وحنظلة بن الربيع، وخالد بن سعيد بن العاص، وخالد بن الوليد، والزبير بن العوام، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن أرقم، وعبد الله بن زيد بن عبد ربه، والعلاء بن الحضرمي، ومحمد بن مسلمة بن جريس، ومعاوية بن أبي سفيان، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم أجمعين)، وفيما يأتي نبذةٌ مختصرةٌ عن بعض كتّاب الوحي:[3]

أبي بن كعب

كان أبي بن كعب كاتباً للوحي عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان من الذين أتمّوا حفظ القرآن الكريم، أثناء حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد رُوي أنّه كان يختم القرآن الكريم كلّ ثمان ليالٍ، وقد شهد بيعة العقبة، وقاتل في بدرٍ، وقال عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (هذا سيد المسلمين)، وفي أحد الأيام سأل أبي بن كعب -رضي الله عنه- عمر بن الخطاب عن عدم استعماله، فقال عمر: (أخاف أن يدنّس دينك)، وممّا يدلّ على سعة علمه؛ تصدّره للفتوى في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ كنيته أبا المنذر، وله من الولد محمدٌ، وأم عمرو، والطفيل.[4]

زيد بن ثابت

هو صحابيّ من الأنصار، وبالتحديد من أخوال رسول الله -صلّى الله عليه سلّم- بني النجار، واسمه زيد بن ثابت بن الضّحاك، كان في الحادية عشر من عمره عندما قدم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة المنورة، وأسلم مع أهله، وكان محبّاً للجهاد في سبيل الله تعالى، حيث حضر في غزوة بدرٍ، وأحدٍ، ولكنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لم يسمح له بالقتال؛ بسبب صغر سنّه، وضعف جسده، وردّه مع مجموعةٍ من أقرانه، منهم: عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فكانت معركة الخندق أول معركةٍ يشارك بها، وكان من كتّاب الوحي أيضاً، حيث تميّز منذ صغره بسعة الثقافة، وقوة الحفظ، وسرعة البديهة، فعندما أمره رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأن يتعلّم لغة اليهود؛ لأنّه كان لا يأمن مكرهم، استطاع زيدٌ أن يتقنها بنصف شهرٍ، ثمّ أمره أن يتعلّم السريانية؛ ليترجم الكتب التي تصل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأتقنها بسبعة عشر يوماً، ولذلك لُقّب بترجمان الرسول، وثمة قراءةٌ من قراءات القرآن الكريم باسم زيدٍ بن ثابت رضي الله عنه، ويرجع السبب في تسميتها، إلى أنّ زيداً كتبها لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقرأها زيدٌ عليه، وشهد العرضة الأخيرة، وكان يقرأ الناس بها حتى مات، ولم يقتصر الدور العلمي لزيدٍ بن ثابت على كتابة الوحي في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإنّما كان له دورٌ بارزٌ بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، من خلال الجمع الأول للقرآن الكريم، في عهد أبي بكر الصديق، والجمع الثاني في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنهما.[5]

معاذ بن جبل

هو معاذٌ بن جبل بن عمرو بن أوس، كنيته أبو عبد الرحمن، أسلم في الثامنة عشر من عمره، وكان من الذين شهدوا بيعة العقبة، ومعركة بدرٍ، ولم يتخلف عن أيّ معركةٍ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان من الستة الذين حفظوا كتاب الله تعالى في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وشهد له النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بالعلم، حيث قال: (أعلَمُهم بالحلالِ والحرامِ مُعاذُ بنُ جَبلٍ)،[6] ومن الجدير بالذّكر أنّ معاذاً رافق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- منذ وصوله إلى المدينة؛ فتعلّم منه الأحكام الشرعية، وأخذ عنه القرآن الكريم، فأصبح من أعلم الصحابة رضي الله عنهم، وأقرأهم لكتاب الله تعالى، وقد عُرف عنه الورع، والزهد، والاجتهاد في العبادة، وقال عنه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (إنّ معاذاً بن جبل كان أمّة قانتاً لله حنيفاً).[7]

المراجع

  1. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 160، صحيح.
  2. ↑ "الوحي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2018. بتصرّف.
  3. ↑ "أسماء كتاب الوحي"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2018. بتصرّف.
  4. ↑ "أبي بن كعب -رضي الله عنه-"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2018. بتصرّف.
  5. ↑ "زيد بن ثابت"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2018. بتصرّف.
  6. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 7131، صحيح.
  7. ↑ "معاذ بن جبل"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2018. بتصرّف.