-

من هم جمهور العلماء

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

تعريف الجمهور

الجمهور لغةً: يطلق على جلّ الشيء وأكثره، وجمهور العلماء اصطلاحاً: يعني اتّفاق أكثرهم على حكمٍ شرعيٍّ ما، وانفراد أحدهم بقول آخر.[1]

من هم جمهور العلماء

إنّ جمهور العلماء في الفقه الإسلامي يطلق على أصحاب المذاهب الأربعة؛ وهم: المذهب الحنفي، والمذهب الشافعي، والمذهب المالكي، والمذهب الحنبلي. ورأي الجمهور في حكم مسألةٍ ما، يعني رأي الأغلبية والأكثرية، فلو قلنا أن للمسألة قولان: قولٌ للشافعية وقولٌ للجمهور، فالجمهور هنا هم الأئمة الأربعة عدا الشافعية، وكذلك لو كان للمسألة ثلاثة أقوال: قول للشافعي، وقول لمالك، وقول للإمامين المتبقّيين، فهنا يصبح هذان الإمامان جمهوراً أمام الشافعي ومالك،[2]وفيما يأتي سوف نذكر نبذة عن هذه المذاهب الأربعة:

  • المذهب الحنفي: نسبةً للإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت التيمي، فقيه الملّة وعالم العراق، وُلد سنة ثمانين للهجرة، وكان الإمام شديد الذبّ عن محارم الله، وقد نَبَذ الجاه والمال والمنصب، أما مذهبه فهو أوّل المذاهب الفقهية، حيث كان يجتهد في فهم أدلّة النصوص الشرعية، ويعطي الحكم حسب الدليل الذي وصل إليه، وكان لكل مذهبٍ أتباعه، نشروه في الأنحاء، ووضعوا له القواعد والضوابط حتى تكوّن المذهب، وقد أخذ الإمام بالرأي والقياس وتوسّع فيهما في غير الحدود والكفّارات والتقديرات الشرعية، والسبب أنه كان مقلّ في رواية الحديث لتشدّده في ذلك، لأن الكذب والفتن انتشرت في زمنه في العراقن وقد ارتحل في طلب الآثار وعُني بها، أما في الفقه والتدقيق في الرأي وغوامضه، فإليه المنتهى والناس عليه عيالٌ في ذلك.[3]
  • المذهب المالكي: نسبةً للإمام مالك بن أنس بن مالك، وُلد بالمدينة المنورة سنة 93 للهجرة، وتوفّي فيها سنة 179 للهجرة، بدأ طلب العلم منذ نعومة أظفاره، حتى تقلّد مجلس الفتوى وهو ابن إحدى وعشرين سنة، كان واسع العلم، شديد الهيبة، كثير العبادة، قالت فاطمة بنت مالك: "كان مالك يصلي كل ليلة حزبه، فإذا كانت ليلة الجمعة أحياها كلها"، ومن مؤلفات الإمام: المُوطّأ، ورسالة في الوعظ، وكتاب المسائل، وتفسير غريب القرآن، وقد كان للإمام منهجٌ في الاستنباط الفقهي لم يدوّنه، ولكنّه صرّح بكلامٍ يدلّ على بعض منهجه، حيث ذكر الأصول التي استند عليها في اجتهاداته: وهي القرآن، والسنة، والإجماع، وإجماع أهل المدينة، والقياس، وقول الصحابي، والمصلحة المرسلة، والعرف والعادات، وسدّ الذرائع، والاستحسان، والاستصحاب، وللإمام مالك قوّةٌ في الحديث، وكان شديد الانتقاد للرجال، حيث قال عنه الشافعي: "إذا جاء الحديث فمالك النجم".[4]
  • المذهب الشافعي: نسبةً للإمام الشافعي، وهو أبو عبد الله محمد بن إدريس، وُلد سنة 150 للهجرة، طلب العلم من صغره، حيث حفظ القرآن الكريم وعمره سبع سنين، وحفظ كتاب الموطّأ وعمره ثلاث عشرة سنة، ولازم الإمام مالك ست عشرة سنة، وعاد الشافعي إلى مكة وأقام فيها نحواً من تسع سنوات، وذلك لينشر مذهبه من خلال حلقات العلم، ثم ارتحل إلى بغداد وألّف كتاب الرسالة هناك، ونشر فيها مذهبه القديم، ولازمه في هذه الفترة تلميذه أحمد بن حنبل.[5]
  • المذهب الحنبلي: نسبةً للإمام أحمد بن محمد بن حنبل، وُلد ببغداد سنة 164 للهجرة، وقد بدأ بطلب العلم في سنٍّ مبكّرة، حيث تعلّم القرآن واللغة، وفي عمر العشرين بدأ برحلات طلب العلم، وتعلّم على يد كثيرٍ من العلماء منهم: الشافعي، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، بعد ذلك أصبح مجتهداً صاحب مذهبٍ مستقلٍّ، وقد أعطاه الله -تعالى- من قوّة الحفظ ما يتعجّب له، وكان جريئاً في قول الحق عند السلاطين، ولم يدوّن الإمام مذهبه في الفقه، ولم يمله على تلاميذه، كراهة اشتغال الناس به عن الحديث، إلا إن تلاميذه من بعده قاموا بتدوين ما سمعوه منه، وجمعوا من بعده مسائل كثيرةٍ في الفقه والفتوى ونقلوها عن بعضهم.[6]

سبب اختلاف الفقهاء

إن الخلاف بين العلماء ظاهرةٌ طبيعية، اقتضتها النصوص الشرعية، وذلك للأسباب الآتية:[7]

  • كون النصوص ظنّية في دلالتها أو في ثبوتها.
  • عدم اعتبار دلالة البعض الآخر منها.
  • خفاء الدليل على بعض العلماء دون البعض الآخر.

وإن لكل عالمٍ كيفيّة في استنباط الأحكام الشرعية من النصوص، وكذلك العلماء يتفاوتون بتقدير المصالح الشرعية التي تنبني عليها الأحكام، وهذا الاختلاف إنما جاءت نتائجه رحمة للأمّة الإسلامية بالتوسعة عليها، لِئلّا تضيق عليهم بالأمور، والتوسعة ليست على العالم المجتهد عند استنباطه للحكم الشرعي، لأنه مكلّفٌ باتّباع الحق لا التيسير على نفسه، ونحن نتبع أكثرهم صواباً، وإن كان غرضهم هو اتّباع الكتاب والسنة، فحدث الخلاف بينهم لقياسٍ أو تأويل.[7]

أما ما ورد من النهي عن الاختلاف في قول الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)،[8] وفي قوله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)،[9] فالمفسّرون ذكروا أن الاختلاف المنهيّ عنه إنما هو الاختلاف على الرسل، فلو خالف عالمٌ قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإن قوله مرفوض، ولا يزال العلماء يختلفون في بعض المسائل مع اتّفاقهم على تعظيم الله ورسوله والشرع الإسلامي، ولكلٍ منهم أدلته، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكمُ فاجتهد فأصاب فله أجرانِ، و إذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحدٌ).[10][7]

المراجع

  1. ↑ "المقصود بجمهور العلماء"، www.islamweb.net، 2004-3-2، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2019. بتصرّف.
  2. ↑ "ماذا يقصد بالجمهور؟ "، www.ar.islamway.net، 2009-5-4، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2019. بتصرّف.
  3. ↑ "نبذة عن مذهب الإمام أبي حنيفة"، www.islamqa.info، 2004-3-8، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
  4. ↑ "الإمام مالك"، www.islamstory.com، 2006-5-1، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب صباح الامامي، "من سيرة الإمام الشافعي"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
  6. ^ أ ب "أحمد بن حنبل"، www.shamela.ws، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت عبد الله الطريقي (10-2-2007)، "الإنكار في مسائل الخلاف"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2019. بتصرّف.
  8. ↑ سورة آل عمران، آية: 103.
  9. ↑ سورة آل عمران، آية: 105.
  10. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة و عمرو بن العاص، الصفحة أو الرقم: 493، صحيح.